هنا سيكون حوار شيق مع الكاتب المسرحي
الكبير بدر محارب... فجزيل الشكر له
1. عرف المسرح السياسي بطابعه بأنه يشكل الإزعاج و الثقل على أي السلطة فهل توقف المسرح السياسي في السنوات الأخيرة في دولة الكويت كان لصالح السلطة ؟
بداية لا أحبذ تسمية المسرح السياسي، فلا أعتقد بوجود مصطلح المسرح السياسي، وإلا لظهر علينا المسرح الاقتصادي والمسرح الرياضي الخ ... فالمسرح مسرح، ولا وجود لمذهب المسرح السياسي،ولكن يمكن أن نطلق على العروض المسرحية التي تعالج قضايا وطنية مسرحية وطنية كتسميتنا لمسرحيات أخرى بمسرحيات اجتماعية، وردا على سؤالك فالمسرحية السياسية "مجازا" هي نوع من أنواع التنفيس الجماهيري، لكنها في نفس الوقت قد تشكل صداعا للسلطة لأنها قد تحرك بعض المياه الراكدة في مستنقع الفساد، لكنها في محيطنا الاجتماعي والسياسي لا اعتقد بأنها تستطيع تشكيل أو إحداث نوع من التغيير على الساحة السياسية والوطنية.
2. رغم تميز المسرح السياسي في الكويت أزمان الستينات و السبعينات و حتى نهاية الثمانينات وما تمتلكه هذه الدولة من إمكانيات و طاقات هائله في تجسيد المسرح السياسي..لماذا لا يوجد قانون يحفظ حقوق المسرح او قوانين واضحة تنظم العمل المسرحي ؟؟؟
هذا الأمر يجب أن يكون موكولا لنقابة الفنانين التي من واجبها حماية الفن والفنانين في البلد من الدخلاء ومن تعنت السلطات بما يتعلق بالفنون بشكل عام، من خلال قوانين قاطعة لها قوة القانون، ولا يتحقق ذلك إلا بإصدار تشريعات من مجلس الأمة تعطي النقابة قوتها في تطبيق قوانينها.
3. يقال بأن المسرح السياسي قد انتهى في الكويت و البعض الآخر يقول أنه يمرض ولا يموت ولكن الجميع يتفق على توقف المسرح السياسي...هل هو عائد إلى عدم وجود الكتاب البارعين في مجال الثقافه السياسيه أم المشكلة تعود في عدم اهتمام الممثل الكويتي بالأحداث الجادة او المنعطفات السياسية و المستجدات التي تمر بها دولة الكويت اليوم أم بسبب الرقابة المبالغ بها بعض الاحيان؟؟؟
لا علاقة للرقابة في تحديد كتابة المسرحية الوطنية، قد تتدخل في أمور بسيطة، لكنها لا تستطيع الحد من ابداع الكاتب الذي يفترض أنه يملك العديد من الحلول البديلة التي من خلالها يستطيع النفاذ من قضبان الرقابة دون أن يؤثر ذلك على عمله، لكني أعتقد أن السبب في توقف هذا النوع من المسرح، هو عدم وجود الوعي الثقافي والسياسي والوطني لدى كتاب المسرح الذي يملأون الساحة الفنية، فما يهم كتاب اليوم هو تقديم مسرحية تعتمد على الاسفاف والتهريج لاستدرار الضحك الرخيص دون محاولة تقديم رسالة أو تأكيد مبدأ أو توضيح قضية.
4. الجمهور كان احد العوامل الرئيسية في نجاح المسرح السياسي في الكويت..هل ترى إن وعي و ثقافة الجمهور قد اختلفت عن السابق(نحو الإيجاب أم السلب) و ماهو الدور الرئيسي و الأهمية الكبرى الذي يشكله المسرح السياسي للمجتمع الكويتي؟
الجمهور هو العامل الأساسي لنجاح أي عمل مسرحي حتى ولو كان عملا رخيصا، وثقافة الجمهور لم تختلف ولا زال الجمهور السابق موجودا لكنه يعزف عن حضور الأعمال المسرحية السائدة حاليا لرفضه تضييع وقته وتبديد ماله في أعمال رخيصة وتهريجية، ولكن للأسف ظهرت نوعية أخرى من الجمهور تربت على النوعية الحالية من العروض المسرحية حتى أصبحت مقتنعة بأن العروض المسرحية التهريجية الحالية هي العروض المسرحية الحقيقية، وغير ذلك لا يعد مسرحا، لذلك فعودة المسرحيات الوطنية التي تقدم رؤية وهدفا ورسالة سيرافقها عودة للجمهور الحقيقي للمسرح.
5. وجود بعض الاعمال المسرحية السياسية التي منعت من العرض في دولة الكويت..هل هو عائد إلى ازمة ثقافية حقيقية من قبل السلطة أو بعض فئات الجمهور ناتجة لنظرة خاطئه اتجاه مفهوم النقد الذي يوجهه المسرح السياسي؟؟؟
لم يمنع من العرض من المسرحيات الوطنية سوى مسرحية "هذا سيفوه" وهذا المنع لم يتم عن طريق الرقابة أو الدولة، بل بسبب شكوى لأحد المواطنين في النيابة العامة مفادها أن هناك طعنا في الدين، فتم إيقاف المسرحية بناء على أمر من النيابة العامة، وهذا يؤكد أن بعض الجمهور يسقط رؤيته الفكرية أو ايديولوجيته على المسرح، أو هو بالأساس يرى في المسرح مكانا للفساد من وجهة نظر دينية متشددة، فيسعى لاصطياد أي عبارة أو كلمة ليحقق هدفه في ايقاف العرض المسرحي، فهي أزمة ثقافة متعلقة ببعض فئات من الشعب، وإن كان هناك شيء من المسؤولية يلحق بالسلطة لتشديدها على الرقابة المسبقة للنص المسرحي، ثم رقابة مشاهدة قبل العرض، ثم رقابة قبل بيع المسرحية للفيديو، وهذا فيه اجحاف كبير بحق المسرح إذا عرفنا أن النص المسرحي والعرض أيضا على خشبة المسرح أو على أقراص الدي في دي هو يدخل من ضمن قانون المطبوعات كون المسرحية نص مطبوع، لكن الاجحاف يكمن في أن السلطات الرقابية لا تطبق على المسرح ما تطبقه على الصحافة التي تتمتع برقابة لاحقة، وإذا خالفت القانون فإنها توقف بأمر النيابة، بينما في المسرح فالرقابة سابقة، وتبدأ منذ البداية حين يقدم كنص ولا تنتهي حتى يطرح كفيديو.
6. إلى أي مدى تكمن أهمية الممثل الكويتي اليوم للمسرح السياسي؟؟
لا بد من وجود ثقافة حقيقية للممثل، فهو بحاجة لثقافة فنية مسرحية أكاديمية أولا، ثم هو بحاجة لتثقيف نفسه وطنيا وسياسيا ومتابعة كل ما يحدث على الساحة المحلية والعربية والدولية، كي يتمكن من تجسيد أدواره بكثير من الصدق بدلا من كونه مرددا حوارات لا يفهمها.
7. ما سبب إهمال الممثل الكويتي اليوم للمسرح السياسي و اتجاهه للإعلام الترفيهي أو المسرح الأستعراضي؟
هي رغبة المنتجين الذين يمسكون بزمام الإنتاج المسرحي في الفترة الأخيرة، فقد وجدوا أن المسرح التهريجي هو أسهل أنواع الفنون وفيه يستطيع المؤلف كتابة مسرحيته بكل يسر ويستطيع المخرج أن يقدم عمله بلا رؤية إخراجية ويتصرف الممثلون على هواهم دون التقيد بما هو مكتوب، إضافة إلى سرعة إنجاز العمل ورخص تكاليفه مما يشجع المنتج على تقديمه في مناسبة كمناسبة الأعياد لعدة أيام ثم يتوقف كي يتفقد أمواله، كذلك ظهور ممثلي الصدفة الذين ظهروا تلفزيونيا أولا دون ثقافة مسرحية فيرى أحدهم – جاهلا – أن المسرح ما هو إلا ترفيه كالتلفزيون فيصعد خشبة المسرح دون أن يكون قرأ نصا مسرحيا واحدا في حياته.
8. في ظل تراجع المسرح الكويتي اليوم...هل تجد من يستطيع إعادة الحياة في المسرح السياسي؟؟؟ وماهي مقومات عودة هذا المسرح الثقافي إلى الكويت مرة أخرى؟؟
أهم عنصر في المسرح الحقيقي – ايا كان نوعه – هو عنصر الكاتب أو النص المسرحي، يليه المخرج المتفهم لدوره والقارىء الجيد للنص المكتوب كي يضع رؤية فنية جديدة قادرة على جذب الجمهور، وهذه الرؤية تتضمن اختيار الممثلين الصائب والأزاء المناسبة والديكورات التي تخدم العمل والمؤثرات وجميع عناصر العرض ليخرج لنا مسرحية حقيقية لا مسرحية كالمسرحيات السائدة هذه الأيام، بالإضافة إلى وجود عنصر التمويل الجيد، ومساندة الدولة من خلال تشجيع الإعلان في التلفزيون الرسمي بتخفيض سعره أو جعله مجانيا، وتوفير صالات عرض مجهزة ومتكاملة، وتشجيع المسرحيات الناجحة بتبنيها للمشاركة في المهرجانات الخارجية لتمثيل الكويت.
9. الإعلام بشكل عام و الصحافة كلسلطة رابعة ،، هل تتحمل جزء من المسؤولية؟ وماهو الدور المهم التي تلعبه الصحافة في مشكلة توقف المسرح السياسي في الكويت ؟
الصحافة لها دور كبير في تقدم المسرح في أي مكان في العالم، فالنقد العلمي الحقيقي هو ما يساهم في ارتقاء المسرح، أما نقد المجاملات فهو الذي يزيد المسرح سوءا ويعطي المسرحيات السيئة والفاشلة دعما إضافيا ويخادع الجمهور الذي غالبا ما يثق في صحافتنا فيصدق كل ما يكتب، لذلك على نقاد المسرح أن يدعموا المسرح الحقيقي وعليهم مساندته بصورة غير مباشرة للترويج له كي يستمر ويستعيد جمهوره السابق ويكسب جمهورا جديدا.
__________________
___________
كونك احد أعضاء هذا المنتدى فأنت مؤتمن ولك حقوق وعليك واجبات
ليس العبرة بعدد المشاركات!!
وانما ماذا كتبت وماذا قدمت لإخوانك الأعضاء والزوار
كن مميزا...
في أطروحاتك..صادقاً في معلوماتك..محباً للخير...
مراقباً للمنتدى في غياب المراقب...
مشرفاً للمنتدى في غياب المشرف...
للتواصل :