عرض مشاركة واحدة
قديم 02-08-2012, 10:02 AM   #3 (permalink)
بيت العائلة
عضو شبكة الدراما والمسرح
 
 العــضوية: 14703
تاريخ التسجيل: 04/04/2012
المشاركات: 186
الـجــنــس: أنثى

افتراضي رد: مذكرات أسير كويتي في المعتقلات العراقيه

نعود إلى مصير كتاب طلب زيارة أخي

مع الازدحام الشديد عند باب المديرية خرج الجندي غاضبا بعد

قدوم أحد الضباط ورؤيته للزحام عند باب المديرية وعد رضاه

على الوضع ، فقام الجندي بالصراخ على الجموع ورفع في وجهنا

السلاح وأقسم أن لديه أوامر ومعه مجموعة من الجنود بإطلاق

النار على كل من يقترب من المديرية وأمرونا بالرجوع وعبور

الشارع ووضعوا جنودا بين الشارعين ولديهم أمر بإطلاق النار

على كل من يعبر باتجاه المديرية دون إذن ، وكانوا كل ساعة

تقريبا يأتون ويقرؤون أسماء كتب الموافقة ويسلمونها لأصحاب

الطلب والجندي أثناء قراءته للأسماء من الكتب وتسليمها

لأصحابها في الحديقة المقابلة للمديرية والناس مجتمعة حوله ،

كان خلفه د.محمد الأنصاري الوكيل المساعد بوزارة العدل حاليا

يسجل ويوثق جميع الأسماء التي يذكرها الجندي لإثبات أسمائهم

كأسرى لدى النظام العراقي وكان معه إثنان يغطون عليه وكان

الثلاثة يعملون ضمن الهلال الأحمر الكويتي ، وجدت الممثل

امبيريك جالسا على الرصيف ومعه زوجته

ففقلت له : ها قوة امبيريك

قال : هلا هلا

وسألته : شعندك هني ؟

فقال : أبي أزور ولدي .

وأثناء ذلك كان صديقي بوجراح مرافقي في هذه السفرة يكلم

الجنود وكل ضابط يدخل أو يخرج من المديرية ويسألهم عن

مصير طلبي ، حتى اقترب موعد مغادرة موظفي المديرية بعد

انتهاء دوام المديرية بحوالي 3 ساعات وعند خروج الضابط من

المديرية وكان الوحيد الذي تجاوب معه وتكلم معه فتوجه إليه

والجنود ينهرونه ويحاولون منعه وهددوه بإطلاق النار ولكنه

أصر على عبور الشارع باتجاه المديرية نحو الضابط قبل مغادرته

وظللت أصر عليه ألا يفعل حتى غضبت عليه

وقلت له : أن الزيارة تتعلق بي وبأخي ولا أريده أن يتضرر بسبب

الزيارة وأنني لم أعد أرغب بالزيارة كل ذلك خوفا عليه لأنني

أعرف مدى تهوره

وهو يقول : والله اليوم ما نمشي إلا لما أجيب لك إذن الزيارة

حتى هم بعبور الشارع والجندي موجه علينا السلاح ويصرخ فينا

والجندي عبر الشارع يصرخ عليه : ارجع ارجع

وقبل وصولنا للرصيف سحب الجندي خلفنا الأقسام ومعناها أن

مجرد لمسه للزناد قد يؤدي إلى إطلاق النار علينا ،

عبر طارق الشارع وأمسكت به فأفلت مني وذهب ورجعت

وأنا أصرخ فيه يا مينون ما نبي الزيارة ارجع وهو يمشي كأنه لا

يسمع أحد !! وعندما عبر الشارع

قال الجندي : شنو هذا صاحبك مجنون أكيد والله مجنون ووافقته

وكنت في أشد حالة الغضب على صاحبي لتعريضه نفسه للخطر

لمجرد الزيارة وليس إخراج أخي من المعتقل وإطلاق سراحه لكان

ذلك ربما مستحقا المخاطرة من أجله ، فذهب إلى الضابط وشيمه

بكلام وأنه وعده بأن كل طلب زيارة سيتم التوقيع عليه والموافقة

عليه وأنه لن يغادر المديرية إلا بعد تأكده من حصول الجميع على

إذن الزيارة ، وقال له إن جميع الطلبات قد تمت الموافقة عليها

ورد عليه بأن طلبنا لم تتم الموافقة عليه

فقال : مستحيل أنا بنفسي مشرف على الموضوع وموقع جميع

الطلبات

فنادانا وأدخلنا وأمر بعدم تركنا حتى نحصل على الموافقة

وأمر أن يوقع على الطلب النقيب الذي بداخل المديرية

وهكذا حصلت على إذن الزيارة بعد أن طلب مني النقيب

الذي بالداخل كتابة طلب جديد لأنهم لم يعثروا على الطلب السابق

، رغم تهورك فلا أقول على الدوام إلا بيض الله وجهك يا طارق

الخالدي يا وحش

وعدنا إلى فندق عشتار شيراتون وكانت الزيارة بعد بيومين ،

تعشينا بمقهي على النهر في شارع السعدون وطلبنا سمك بني

وقطان وكان الرجل في المطعم

يقول : يا سمكة سردون هاي والا هاي

وقد وضع السمك في حوض مائي وتختار أنت السمكة

فيطعنها بسيخ معه ويحملها وإذا لم يصطدها يسبها فإذا أمسكها

وضعها وهي تلبط ثم يضربها بمطرقة خشبية على رأسها حتى

تدوخ ولا تتحرك ثم يقطعها ويزيل مصرانها ويضعها في سيخ

بشكل رأسي وتحتها الجمر حتى تذوب في فمك وأنت تأكلها .

في يوم الزيارة ركبنا التاكسي خارج الفندق وحجزناه بحساب

يومية كاملة وتوجهنا نحو مدينة صدام الرياضية في منطقة بعقوبة

بمحافظة ديالى وقبل دخول مدينة بعقوبة على بعد حوالي 80 كيلو

من شمال بغداد وقف التاكسي وأشار إلى نادي رياضي قديم

وقال :هذي مدينة صدام الرياضية !

وكنت أتوقع مدينة كبيرة وإذا به مجرد نادي عادي .

ووقفنا مع بقية العوايل في الخارج ننتظر وصول باصات الأسرى

حيث كانوا يخرجونهم من المعسكر إلى هذا النادي الرياضي

لتتم الزيارة ، وبعد وصول باصات الأسرى أدخلونا وكانت أرض

المدخل سبخة وطينية من آثار المطر حتى إن الناس كانوا يزلقون

ويقعون في الطين مما اضطر الجنود لوضع باص على المدخل

ليستند الناس عليه أثناء دخولهم ، دخلنا وتجمعنا متلهفين لرؤية

الأسرى وكانوا جميعا من الضباط لأن الضباط كانوا معتقلين في

بعقوبة وبقية العسكريين كانوا في معتقلات الموصل ،

عندما أنزلوا الضباط الأسرى من الباص ورأونا وكانوا يسلمون

من بعيد ورأت طفلة أباها ففلتت من يد أمها وجرت نحوه فأمسكها

الجندي

وقال : روحي يم أمك

فصرخ عليه الجميع ليتركها تذهب لأبيها وبعد إلحاح تركها فكانت

الطفلة البريئة ذات الخمس أو ست سنوات تجري باتجاه أبيها

وكانت تسقط على الأرض كل سبعة خطوات مرة بسبب أن الأرض

زلقة وطينية من النوع الزلق وكانت تقوم على الفور غير أبهة

بالآلام الناتجة عن السقوط وكانت تقوم وتجري وتسقط وتقوم

وتجري وتسقط وهكذا دواليك حتى وصلت إلى أبيها الذي أقبل

نحوها فحملها وضمته وهما يبكيان وعندما دار أبوها وهو يضمها

فأصبح وجهه تجاه الضباط الأسرى وظهره باتجاهنا وإذا بالبنت

الصغيرة مادة ٌ يدها خلف أبيها وممسكة بملابسه بيديها بشكل

شديد وبكل قوتها ومن تدفق العاطفة في هذا المنظر صاحت النساء

وبكت واغرورقت العيون بالدموع من هذا المنظر العاطفي المفعم

بالانسانية حتى إن جندي الحراسة أمامنا بكى بصوت مسموع

فقالت له الحجية أم يوهر ( أم جوهر وهكذا كانوا ينادونها العوائل

الذين جاءوا معها )

قالت له ام جوهر : عشتوا عشتوا حتى انتوا تبكون بعد عندكم قلب

انتوا يعني يكون فيكم رحمة !! والله ما ظنتي .

فقال لها : تشا شقالولك حجية احنا مو مسلمين ما عدنا رحمة

شنو !!

قالت : إذا انتو مسلمين عيل شحقة تحتلون ديرتنا وتذَبحونّا

وتاخذون عيالنا ؟!! فما رد عليها

ذهبنا إلى صالة الألعاب وهناك عند الباب وجدت الرائد محمد من

أقاربنا وهنا فقط رأيت بعيني كيف يطير الانسان من شدة الفرح

حيث أن رجليه لم تكونا تحملانه وكان يرفع جسمه إلى الأعلى

وأنا متجه إليه وهو لا يحرك ساكنا

فقال لي من شدة الفرح : لم أستطع التقدم باتجاهك وجلست معه

وأخبرته أن أخاه موجود وأنني رأيته في

الفندق وأن سيأتي خلفي

وسألته عن أخي

فقال : لم يأت معنا لكن سلم إذن الزيارة للضابط وسيأتون به في

الباص القادم

فجلست معه حتى جاء أخي بعد حوالي 50 دقيقة ووقف في

أرضية الملعب ونحن على المدرج في الصالة

وكان الرائد محمد يقول : ها هو بوعبدالرحمن .

وأقول له : أين هو ؟

فيقول : ها هو أمامك

فقلت له : لا يوجد أحد واقف إلا واحد والباقي يمشون أو

جالسين

فقال : هذا الواقف هو أخوك !!

تخيلوا والله ما عرفته لأنه كان أبيضا ناصحا ولقيته مسمرا

ونحيفا مع لحية قصيرة لم أعرفه معها .

سلمت عليه وجلسنا وتحدثنا وتسامرنا ولقيت الملازم يعقوب الذي

كان لديه ميدالية كتب عليها قاهر الجيوش ، ولقيت الملازم طلال

ولقيت الرائد متعب

وكانت أسئلتهم تدور حول الأهل وأخبارهم والوضع في الكويت

وما هو رأي الناس وموقفهم من الجيش الكويتي وأنهم لم يكونوا

مستعدين ولا جاهزين لأسباب خارجة عن إرادتهم .

بعد الزيارة بعثت ببرقيتين واحدة لجامعة الامام محمد بن سعود

بالرياض وأخرى إلى مركز إطفاء مدينة خورفكان

حيث توقعت أن تكون عائلتي وبحثت في الفندق فلم أجد من

تلفونات الرياض إلا رقم خال صديقي وهو لواء في الجيش

السعودي وكان يسكن بمجمع أو حي خاص بكبار الضباط مع

عائلته فاتصلت به وكان في كل مرة يغلق الخط فور أن يسمع

موظف البدالة

يقول له : مكالمة من بغداد

فقلت للموظف : لا تكلمه وإنما حول الخط إلي مباشرة

وعندما كلمته قلت له فورا: أنا فلان من الكويت أكلمك من فندق

شيراتون ببغداد صديق محمد وأريد رقم تلفونه

فلم يعطني رقمه ولكن أخذ رقمي وأعطاه لمحمد واتصل بي محمد

وعلمت أن أهلي سكنوا في الرياض لمدة شهرين في بيت وهبه

لهم رجل الأعمال الشهم ماجد الباجري رفع الله قدره ووهبه

قصورا في الجنة ، ثم توجه بعضهم إلى قطر وبعضهم إلى

الإمارات حيث استقروا هناك ولم يبق منهم في الرياض إلا بوفهد

والد لاعب القادسية والمنتخب .

أما الحديث عن المسمى الاصطلاحي القانوني لحالتي

وأن الصحيح أنه مرتهن وليس أسير لأنني لست عسكريا فهذا

صحيح من الناحية الاصطلاحية

أما من حيث العرف

فالناس في الكويت يسموننا الأسرى ويطلقون اسم الأسير على كل

من اعتقله العراقيون أثناء الاحتلال بدايته أواسطه أو آخره

عسكريا كان المعتقل أو مدنيا وأخذوه إلى العراق ، هذا هو العرف

وعليه جريت لأنني لست بصدد عملت بحث أكاديمي أقدمه لجهة

تحكيم تقيمه لنيل درجة الأستاذية مثلا ، وإنما أكتبه وهو مجرد

أطياف وفيافي وواحات وارفة الظلال منها نستقي المعاني

ونستلهم العبر والعظات وندون للتاريخ وللأجيال ما يكون لهم

نبراسا يقتدون به ويستثمرونه خبرة تزيد رصيدهم المعرفي

وتجربة يسترشدون بها ويستفيدون منها .

وعلى هذا المصطلح سأكمل مذكراتي

وأشكر الأخ جهراوي على تنويهه بالمعنى الاصطلاحي للمسمى .

 

 

بيت العائلة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292