عرض مشاركة واحدة
قديم 02-08-2012, 10:10 AM   #10 (permalink)
بيت العائلة
عضو شبكة الدراما والمسرح
 
 العــضوية: 14703
تاريخ التسجيل: 04/04/2012
المشاركات: 186
الـجــنــس: أنثى

افتراضي رد: مذكرات أسير كويتي في المعتقلات العراقيه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم

ما هو سر التغير المفاجيء في التعامل من قبل الجنود العراقيين

في ذلك اليوم معنا ؟

ما هو سر هذا الكرم الحاتمي المفاجيء والتحول في نوعية الطعام

من الصمون اليابس إلى العيش والدجاج ؟

الجواب عرفته بعد سنوات بعد إطلاق سراحي ، حيث زرت ديوان

النائب مبارك الدويلة وكان مبارك مسافرا فاستلم أخوه ناصر

الضابط بالجيش الكويتي آنذاك والذي أصبح محاميا ونائبا في

البرلمان فيما بعد وشارك في حرب التحرير واستلم دفة الحديث

عن هذه الحرب وما رافقها من ملابسات حتى وصل إلى مساء ذلك

اليوم الذي أصابت الجنود الذين يحرسوننا الهستريا وخرجوا عن

طورهم وأعطونا طعامهم الذي أعدوه لهم وهو الرز والدجاج ،

فقال أنه في ذلك اليوم كانت القوات البريطانية المسماة بجرذان

الصحراء قد تخطت البصرة ومعها قوات المارينز وكانت متجهة

إلى بغداد وطوقت البصرة وكانت أرتال وأفواج من قوات المارينز

وجرذان الصحراء متجهة نحو القوات التي في البصرة للسيطرة

على النقاط الهامة والمواقع الاستراتيجية في تلك المنطقة !!

إذن هذا يفسر تلك الهستريا وذلك التحول المفاجيء في التعامل ،

وهو أن قوات التحالف كانت متجهة نحونا وكان مقررا أن تسيطر

على المعسكر الذي كنا فيه وربما كان ليتم ذلك خلال ساعات

ولربما كانت قوات التحالف قريبة من المعسكر الذي احتجزنا فيه


أو متجهة إليه والله أعلم.
  • وهذا نص كلام المقدم متقاعد ناصر الدويلة من كتابه
"ردة الفرسان"


2ـ الفيلق السابع الاميركي: مكون من الفرق 1،2،3 الاميركية

ومحورها يحده من اليمين الفرقة الانكليزية في وادي الباطن ومن

اليسار شعيب ابوغار والمحور المركزي يمر في العظامي ثم ام

حجول ثم ضبع ثم البولية ثم تستدير نحو الشرق وتحقق الاتصال

بقوات الفرقة 24 التي ستقطع طريق البصرة الناصرية عبر

الابرار الجوي في نقطة قريبة من مطار جليبة وسوف يندفع

النسق الثاني للفيلق السابع لقطع طريق البصرة بغداد غرب

الرميلة. أ.هـ.

في معسكر بوصخير وفي هزيع الليل والقصف مستمر حولنا

وعلى بعد كيلو مترات يقترب القصف تارة ويبتعد تارة أخرى

، وفجأة وبينما كنا جالسين نتجاذب أطراف الحديث والأسرى

منهمكون في الأحاديث الجانبية والظلام يخيم على المعسكر وفي

داخل الباراكس لا تكاد ترى سوى بصيص من الضوء يدخل عبر

الشبابيك من بعض الإضاءات في المعسكر ولا تسمع سوى

مجموع أصوات الهمس والحديث بين الأسرى ...... وفجأة !!!
.
بم دم دف تش طااا
.
زررررررررررررررررر دفففففف
.

دففففففففف
.
اشتعلت الأرض من حولنا واهتزت الأرض من تحتنا وتزلزلت

المباني من فوقنا وحولنا !!....

لقد بدأ قصف قوات التحالف على المعسكر الذي كنا فيه ، والقنابل

تتساقط من حولنا وأصوات القنابل تأز آذاننا أزا ً ، وتصم أسماعنا

صما ً ، وترج قلوبنا رجا ً ، وتوقف شعور أبداننا ، فذاك الذي

يكبر بصوت عال وهذا الذي ينطق بالشهادتين ، وذاك الذي ينادي

يارب وآخر يصرخ يا الله ، فما بين الأصوات الصادحة بالشهادتين

والنداءات المكبرة الله أكبر والصيحات المدوية بالدعاء وما بين

هذا وذاك وإذ رأيت المبنى يهتز مع الانفجارات والاسمنت في

سطح المبنى بدأ يتساقط على رؤوسنا مما ينبيء عن احتمال

انهيار سطح المبنى على رؤوسنا في أي لحظة ، ناهيك عن

احتمال وقوع صاروخ جو أرض على مبنانا بشكل مباشر وهذا ما

خشيناه ،

حينها صحت في الأسرى : تجمعوا في الزوايا ، الزوايا الزوايا

وعلى عجلة وسرعة وبوهة الموقف ورهبته وجدت نفسي فيمن

تجمعوا حول زاوية المبنى وليس في الزاوية مباشرة لأن الزاوية

امتلأت بالأسرى حيث تجمعنا إليها لأن المبنى كان على وشك أن

ينهار من شدة ارتجاجه واهتزازه المستمر ، حتى أيقنا بالهلاك إلا

أن أملنا بالله لم يخبو ولم يخفت نوره إذ أخلص الأسرى الدعاء

وصدقوا التوجه إلى من بيده التقدير واللطف ، فكان التقدير وكان

اللطف فلطف الله بنا وبدأت الانفجارات تبتعد شيئا فشيئا وبدأ

صوت الانفجارات يخبو ويضمحل وساد المكان صمت ٍ رهيب

وسكون امتد لمدة دقيقتين تقريبا ، ويعتبر هذا الوضع وهذه

الظروف أنسب الأوضاع والظروف لإلقاء موعظة وخاطرة تهديء

النفوس وتعمق الايمان ،


وتوقعت أن يقوم الشيخ خالد القصار بهذا الدور ولم يخب ظني

فما هي إلا لحظات وإذا بذلك الصوت الندي الرقراق ينساب من فم

الشيخ خالد القصار بكلمات وآيات من الذكر الحكيم بترتيله الجميل

لقوله تعالى من سورة الأنبياء :

( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي

الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي المُؤْمِنِينَ )

ثم شرع في تفسير هذه الآية بالآيات الأخرى المشابهة وبالأحاديث

النبوية ونقولات عن الامام ابن القيم رحمه الله ولقد أجاد وكان

موفقا ومسددا ولقد خلته تكلم بنور من الله وهداية وتسديد ورشاد

كيف لا وهو يسترشد بالنصوص من الكتاب والتوجيهات النبوية

وكلمات العلماء الربانيين المستمدة من المنبع الأصيل في وقت

خلوص النية وصفاء الروح في مواجهة الموت والنجاة منه بلطف

من الله وسكينة نزلت في القلوب ،

وكان مما قال : نبي الله يونس عليه السلام في ظلمات ثلاث ظلمة

بطن الحوت وظلمة وقاع البحر وظلمة الليل البهيم لا تدري عنه

لا طائرات تحالف ولا جيوش ولا أهل ولا أرحام ، فماذا فعل ؟

وإلى من لجأ ؟ لقد لجأ إلى من لا يغفل ولا ينام ، لقد توجه إلى

العزيز العلام ، الذي يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة

الملساء في الليلة الظلماء ، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت

سبحانك إني كنت من الظالمين فما أحوجنا إلى كلمة التوحيد وما

أحرانا بالتسبيح وما أحوجنا إلى الاعتراف بالذنب ، رددوا معي لا

إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين ، فإذا كان لنا من منفذ من

هذه البلية ومنقذ من هذا الأسر فهو الله فسبحان الله ولا إله إلا الله

رددوها كلما سنحت لكم الفرصة واجعلوها تخرج مع النفس

بالسليقة .

كان هذا هو مضمون كلام الشيخ خالد القصار حفظه الله وجزاه

عنا وعن الأسرى وعن المسلمين كل خير ، لقد كانت كلماته

كالبلسم على قلوبنا وكالمرهم على جروحنا بارك الله فيه وفي

والديه وذريته وجزى مشايخه كل خير وجزى الله دعوة أنجبت

مثله كل خير . ولقد كان لهذا الموقف أوقع الأثر في قلبي وكان

عاملا من عوامل التثبيت والصبر على المحنة التي قلبها هو

وأمثاله من الأخيار إلى منحة استفدنا منها أيما إفادة رغم مراراتها

وآلامها .


في اليوم التالي وفي الصباح أخذنا الجنود وأركبونا في الباصات

وأخذونا في بداية الأمر إلى القرية المجاورة وكنا حوالي 10 إلى

12 باص تقريبا وأوقفونا خلف بعض بجانب إحدى المدارس ،

وما هي إلا دقائق وإذا بالعوائل تخرج من المدارس وتقف تتفرج

وتنظر إلينا ، وكانت الباصات محاطة بالجنود المدججين بالسلاح

وبقينا في الباصات ننتظر عدة ساعات ،

وقد أغضبنا في بداية الأمر وقوف هذه العوائل للتفرج علينا ، ثم

شيئا فشيئا جعل الأهالي يقتربون وكان أول من قدم باتجاهنا رجل

كهل كبير السن قارب السبعين من عمره تقريبا يلبس الزي الشعبي

الدشداشة والغترة وله شارب أبيض غليظ قد ساقته السنون

وأهوالها إلى البياض فلست أدري ألعمر أسرع في تبييض شاربه

أم مآسي العراق التي مرت خلال سني عمره من عهد الملكية إلى

ما أعقبه من انقلابات الشيوعيين والبعثيين وغيرهم حيث لا

استقرار وكأن قدرهم الحتمي هو اللا قيام واللا تقدم من فتنة إلى

أخرى ومن محنة إلى محنة .

تقدم إلينا هذا الرجل واقترب من باصنا

وسألنا : يابا شنو انتوا أنتو منين جايين ؟ شنوا أنتوا أسرى حرب

جايبينكم من الجبهة ؟ وشلون انتو عيل لابسين مدني شالسالفة ؟

فقلنا له : احنا مدنيين مالنا شغل بالحرب احنا خذونا من

المساجد والبيوت ومن الشوارع لمونا .

فقال مستغربا : شنو !! انتوا مو عسكر ؟

قلنا : لا احنا مدنيين .

قال : انتو شنو كويتيين ؟!!

قلنا : أي احنا كويتيين

فتمعر وجهه واحمر وبكى بكاء مرا

ولما علم أننا كويتيون أخذنا واعتقلنا من المساجد والبيوت

والشوارع رجع إلى العوائل وأخبرهم فجاءت إلينا عجوز بجركل

ماء ( جلن ماء ) فشرب كل من في الباص مقدار ما يبل ريقه وزاد

منه القليل فأخذ أحد الأسرى الجلن وأعطاه للطفل الصغير مع

المرأة

وقال له : اذهب بهذا الجلن وأعطه للشباب في ذلك الباص

ففعل الصبي وكانت لفتة طيبة من العجوز ومن الأسير ،

وسألت المرأة العجوز : إن كان في الباص أحد من سكان السالمية

فأجبنا : بالنفي بعد السؤال ،

وجاءت عجوز أخرى وأعطتنا قرصا من الخبز مخبوز محليا

فأكلناه وكان نصيب كل واحد في الباص قطعة صغيرة والبعض لم

يأكل . وجاءت عجوز أخرى بقوري شاي وسقتنا وقد كنا نشرب

نصف استكانة ثم جاءت بقوري آخر

وسألتنا : إن كان في الباص أحد من سكان الصليبيخات

فأجابها أحد الشباب : نعم أنا من سكان الصليبيخات

فقالت : هل مر عليك جندي اسمه فلان فلان فلان نسيت اسمه

يعني مثلا علي محمد حسين هكذا

فأجابها : بالنفي وقالت إنه مكلف في نقطة سيطرة وأنها أوصته

بأن حليبها عليه حرام إن آذى الكويتيين .

في خضم هذا التعاطف من الأهالي استغربنا من مدى هذا التعاطف

فقام أحد الأسرى بالباص ولعله الأخ نايف الصبر على ما أذكر

بسؤال الحجي الذي بكى عندما علم أننا كويتيون عن سبب هذا

التعاطف ،

فقال : إن لحم كتافنا من خير الكويتيين وأن الذي عمر

بيوتنا بعد حرب الفاو هم الكويتيين وأن الكويتيين ما قصروا

معانا في حربنا مع ايران ، وان اللي صار مو بيدنا واحنا مو


راضين عليه .


بعد مدة مر أحد الضباط ورأى الناس والنساء متجمعين حول

الباصات أمر جميع الأهالي بالابتعاد عن الباصات وعدم الحديث

مع الأسرى وأمر بإغلاق شبابيك الباصات فلم يمتثل له أحد إلا

القليلين الذين كانوا أمامه ، ولكنه أبعد الأهالي وأعادهم إلى

المدرسة . وظللنا واقفين نكابد الملل والقلق ، حتى اقترب الظهر

وتحركت الباصات وعلمنا أن الباصات متوقفة بانتظار تعبئتها من

الوقود

 

 

بيت العائلة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292