02-08-2012, 10:11 AM
|
#12 (permalink)
|
عضو شبكة الدراما والمسرح
العــضوية: 14703 تاريخ التسجيل: 04/04/2012
المشاركات: 186
الـجــنــس: أنثى | رد: مذكرات أسير كويتي في المعتقلات العراقيه الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه واتبع هداه أما بعد أدخلونا كعادتهم إلى معسكر الرشيد ببغداد أثناء الليل في الظلام الحالك ، ويعتبر معسكر الرشيد ببغداد من أكبر المعسكرات العراقية فهو معسكر للجيش مساحته شاسعة وواسعة ، حسبما سمعنا وقرأنا ورأينا عند خروجنا ، وقد عملت بحث بمحرك الجوجل عن معسكر الرشيد فظهرت هذه العناوين التي تدل على ضخامة هذا المعسكر : الدباغ : ابوظبي مهتمة بانشاء مدينة حديثة على معسكر الرشيد ببغداد جريدة الصباح : شركات عالمية تتقدم للاستثمار في معسكر الرشيد . وقد سمعت أن مجرد اسم هذا المعسكر أيام الحكم البائد كان يثير الرعب ، فقد كان الداخل فيه مفقودا والخارج منه مولودا ، والحمد لله أن كتب لنا عمرا جديدا بخروجنا من هذه الأماكن الكريهة . أنزلونا من الباصات في جنح الظلام بعد رحلة شاقة في طرق وعرة وطريق ممل ومتعب ، وصلنا وكان الارهاق باديا على وجوه الجميع والبعض يفكر في الوصول إلى أية قطعة أرض نستقر عليها أيا كانت من أجل أن ننام والبعض الآخر تسوقه أحلامه الوردية إلى دوش خفيف أو شاور لطيف مع ماء حار رقراق ينساب من الرأس إلى أخمص القدم باستخدام الصابون المعطر والشامبو الرائع فيفيق من حلمه الوردي بصرخة جندي أو حفرة يقع بها الباص فيرفع رأسه ويخفضه فجأة مما يطير بكل تلك الأحلام الوردية فيعود الغائب إلى حاضره المزري وواقعه الأليم فيحوقل ويسترجع وكأن لسان حاله ما يقوله الشاعر البديع محمد بن فطيس المري : بعض البشر حبه يوردك الجنون ومهما توضح ما يفيد حكاك له كيك وعسل لكن ما هو في صحون الله يستر عليه من النحل لا ياكله يدعيهم الشيطان للذنب ويجون هذا يقطع له وذاك يواكله وما لك إلا الصبر وش وداك له وما لك إلا الصبر وش وداك له ويصبر ويصبر ويصبر حتى إذا تذكر قول الشيخ الشاعر الدكتور يوسف القرضاوي عندما كان طالبا في الأزهر: صبرنا إلى أن مل من صبرنا الصبر – وقلنا غدا أو بعده ينجلي الأمرُ فكان غد ٌ عاما ً ولو مد حبله – فقد ينطوي في جوف هذا الغد الدهر ُ وقلنا عسى أن يدرك الحق َّ أهلُه – فصاحت عسى من لا ولا طعمها مرّ ُ وماذا علينا بعد أن ثار مرجل ٌ – من الآلام يغلي به الصدر ُ مددنا بطول الصبر منا صمامه – فثارت عليه النار ُ فانفجر القِدر ُ أتبعه بقول الشاعر : سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري وأصبر حتى يأذن الله في أمري وأصبر حتى يعلم الصبر أني صابر على شيء أمر من الصبر والايمان نصفه صبر ونصفه شكر وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ليدفع ثمن الريادة وإمامة الأمة : ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) ويدفع ثمن النصر : ( بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة مسومين ) ولقد والله رأينا بأم أعيننا كيف أنه لما صفت القلوب وتوجهت القلوب إلى بارئها بصدق وإخلاص كيف أن الله تعالى كان ينزل علينا السكينة والطمأنينة حتى كان الثبات في أحلك الظروف وأصعب المواقف مما سأحكيه لكم مما قد تعجبون منه في ملاحم ومواقف تستحق أن يدونها التاريخ بحروف من ذهب صاف وماس نقي . نزلنا من الباصات وأدخلونا في السجون التي اكتضت بالأسرى حتى ضاقت بمن فيها ولولا أن القلوب متلاحمة والأنفس متوافقة والعقول متحدة نحو الصبر والتحمل للأذي في سبيل نصرة الدين والوطن والوصول للهدف الموحد وهو التحرير ، لولا ذلك لكان الاحتكاك الذي ليس من فكاك ، واللتصارع الذي يؤدي إلى الهلاك ، ولكنه لطف الله الذي ألف القلوب وما ضاقت الدنيا بالمتحابين في الله المجتمعين عليه والمفترقين عليه . أغلقوا علينا الزنازين وهذا السجن ليس فيه شبابيك كما هو الحال في معسكر أبو صخير وإنما هو الباب الحديدي فقط فيه شباك وحديد طولي ، وعند الباب كان الحمام المكشوف أعزكم الله الذي ليس له أسوار ، وكل ما هنالك صبة اسمنت عرضها 3 سم وارتفاعها 3 سم وضعت على شكل ربع دائرة حول الباب حتى تحجز الطشار كرمكم الله ، وما على الأسير إلا أن يجلس داخل دشداشته ويستر عورته بها ويقضي حاجته فإن كانت سائلا وجهه نحو الباب وإن كانت الأخرى فإن الجنود قد جمعوا أكياسا من النايلون ليقضي الأسرى حاجتهم بها ثم يلقيها الأسير من الشباك إلى نهاية الليوان وهذه صورة لمبنى معتقل يشبه المبنى الذي كنا فيه وهذه الصورة لمعتقل بعقوبة في محافظة ديالى : YOUTUBE][/YOUTUBE] عندما أدخلونا إلى هذه السجون في ظلام الليل صلينا المغرب والعشاء جمع تأخير ، والطريف أننا سألنا أحد الجنود عن قبلة الصلاة لأن أهل الدار أدرى فحار واحتار ثم قلب نظره هنا وهناك ثم فرك ه ثم قال بعد تردد آآآآآآم : إإإإ هناك بهالاتجاه !!! وشككنا ولكن ما أدرانا قلنا له : متأكد ؟ قال : إي يابا شنو شايفينا ... ما نعرف القبلة . صلينا المغرب والعشاء باتجاه قبلة الجندي وفي الصباح اكتشفنا أننا صلينا باتجاه بيت المقدس j يبدو أن الأخ لم يبلغه نسخ اتجاه القبلة j وفي الحقيقة أن الأظهر أنه لا يعرف اتجاه القبلة لأنه ببساطة ربما لم يصل من قبل على الأقل في المعسكر . والله أعلم ثم جلسنا قليلا وألقى كل منا نفسه واستسلم للنوم ويومها كنت محظوظا بعض الشيء فقد نمت في وسط السجن على قطعة كرتون بدلا من النوم على الاسمنت كالأيام السابقة وقد كان هذا هو سريري وفراشي في تلك الليلة ، وهو بالمناسبة ليس مكانا جيدا لأنه معبر للأسرى باتجاه الحمامات الفاخرة j فكلما غطيت في النوم جاءك عابرٌ فهذا يدوس على رجلك ويعتذر وذاك يتحسس برجله الدرب لخفوت الضوء فيصطدم ببطنك أو ظهرك وأقلهم من يمر بجانبك مرورا فيوقظك مروره وهكذا المعاناة تستمر والحمد لله على كل حال. وهكذا انقضت هذه الليلة لتأتي ما بعدها من أيام وليال كالحة الحال مريرة الواقع أليمة الوقع نحتسب أجرها وثوابها عند الله تعالى ففي الحديث : (ما من مصيبة تصيب مسلم ولا هم ولا غم ولا نصب ولا وصب إلا كفر الله بها خطاياه حتى الشوكة يشاكها ) وفي الحديث : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ) وقبل ذلك في كتاب الله تعالى : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين ءامنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب )
|
| |