عرض مشاركة واحدة
قديم 05-08-2012, 06:25 PM   #1 (permalink)
ifilmtvnews
عضو شبكة الدراما والمسرح
 
 العــضوية: 13166
تاريخ التسجيل: 15/03/2011
المشاركات: 29
الـجــنــس: ذكر

افتراضي الى مسلسل "ساهر الليل - وطن النهار".. ما هكذا تورد الإبل


الى مسلسل "ساهر الليل - وطن النهار".. ما هكذا تورد الإبل

لا نأتي بجديد لو قلنا ان الانظمة الدكتاتورية والطغاة لم ولن يكونوا يوما يمثلون شعوبهم ، بل على العكس تماما ، فهؤلاء لم ولن يكونوا سوى نتوء في جسد هذه الشعوب ما اسرع ان تلفظها وتتبرأ منها ، ولكن للاسف بعد انهار من الدماء والدموع.

الحالة التي عاشها العراق مع طاغية سفاح مثل صدام لم تكن استثناء من هذه القاعدة ، فلقد عانى الشعب العراقي الأمرين على يد هذا الطاغية السادي وعصابته المجرمة ، فقد قدم هذا الشعب مئات الالاف بل الملايين من القرابين حتى انعتق وتحرر من السفاح وعصابته المجرمة.

طغيان صدام وزبانيته طفح بالعراق وامتد الى جيرانه ، فقد فرض الطاغية حربا عدوانية ظالمة على الجمهورية الاسلامية الايرانية الفتية ، ولم تمر على انتصار الثورة الاسلامية في ايران سوى شهور ، بدعم امريكي غربي سافر، وبتحريض عربي مشين ، ودامت الحرب ثماني سنوات ، واحترق الاخضر واليابس في البلدين الجارين ، ولكن ارباب صدام لم يحققوا من وراء هذه الحرب اهدافهم وعلي راس هذه الاهداف أسقاط النظام الاسلامي ، او على الاقل افشال التجربة الاسلامية في ايران.

لم تضع هذه الحرب اوزارها ، حتى غزا هذا المهووس السادي ، وبتحريض امريكي واضح ، دولة عربية جارة ذات سيادة ، وقفت الى جانبه في الحرب التي فرضها الاستكبار على ايران ، ومدته بالمال دون حساب ودعمته اعلاميا وجندت كل مكانياتها لتعزيز روح القتال لدى "حارس البوابة الشرقية للامة العربية" !!! ، وشطبها من الخارطة في ساعات ، هذه الدولة كانت الكويت.

السفاح وعصابته المجرمة فعلت بأهل الكويت المسالمين ما فعله تيمورلنك وهولاكو بأهالي الديار التي وطأتها سنابك خيول التتر، حتى رويت حكايات وحكايات عن افاعيل ازلام البعث الصدامي الوحشي في الكويت وفي اهلها الامنين.

الشعوب بين الطغاة والنخب

حياة الطغاة قائمة على الفرقة والنفاق وضرب الناس بعضهم ببعض ، فديمومة مثل هذه الانظمة قائمة على تفكيك النسيج الاجتماعي وتحويله الى جزر متناثرة ، اما على اساس قومي او مذهبي او ديني ، لتعوم هذه الانظمة الدكتاتورية والمستبدة على بحر من الفرقة والفتنة.

في حالات ، كما في المانيا ابان النظام الهتلري النازي وفي حالة العراق في ظل النظام الصدامي الوحشي ، تتجاوز بعض الانظمة الدكتاتورية القاعدة السابقة ، زرع بذور الفتنة بين ابناء الشعب الواحد ، الى زرع الدمار والخراب بين الشعوب الاخرى والبلدان القريبة والبعيدة، ظنا منها ان هذا الدمار والخراب قد يشكل طوق نجاة لها.

ان الدمار الذي لحق بالشعوب في الحالة الاوروبية ابان النازية والفاشية التي ضربتا تلك الديار ، والماسي التي لحقت بشعوبها ، ومقتل عشرات الملايين من البشر ، كل تلك الكوارث كانت تكفي لتجعل من الاحقاد البوصلة التي يتحرك على ضوئها الانسان الاوروبي ، ولما قامت لاوروبا بعد ذلك قائمة. الا ان نخب تلك الديار عملوا على مكافحة كل تراث النازية والفاشية ، ولم تحاكم المانيا وايطاليا بجرائم هتلر وموسليني ، لسبب بسيط ، وهو ان الشعبين الالماني والايطالي كانا من اكبر ضحايا هتلر وموسليني ، وتم التعامل مع الشعبين الالماني والايطالي بكل احترام وتقدير وحتى تعاطف ، انعكس هذا الاحترام في كل المجالات ، لاسيما في مجال السينما والمسرح والتلفزيون . فقد انتجت العشرات بل المئات من الافلام عن الحرب العالمية الثانية ، وتم خلالها تناول الكوارث التي حلت باوروبا بسبب تلك الحرب ، الا انها تخلو جميعا من اية اهانات يمكن ان توجه الي الشعبين الالماني او الايطالي ، الامر الذي عبد الطريق امام شعوب اوروبا ، للعبور من فوق كل ذلك الدمار وتلك الاحقاد ، والوصول الى وحدة سياسية واقتصادية وحتى اجتماعية فيما بينها. ان الهوة التي اصطنعها هتلر وموسليني بين شعوب اوروبا ردمت بذكاء نخب تلك الشعوب. للاسف ورغم مرور 22 عاما على الجريمة النكراء التي اقترفها النظام الصدامي البائد ضد دولة الكويت وضد العراق وضد المنطقة ، المتمثلة بغزو الكويت ، مازال الكثيرون اسرى لاثار ذلك الغزو البغيض ولم يتحرروا من تبعاته ، الامر الذي يحول دون عودة الاوضاع بين شعبي البلدين الى سابق عهدها ، وهو ما يجعل الاحقاد تطل برأسها بين وقت واخر.

الكثير من المتابعين لسير العلاقات بين الكويت والعراق يرون ان بعض الاصوات الشاذة والنشاز من بقايا النظام الصدامي المقبور ، والتي تزعق بين وقت واخر ، هي التي تسمم الاجواء بين البلدين ، الا انهم ، اي هؤلاء المتابعين ، لا يرون لهذا الاصوات من وزن في عراق ما بعد الطاغية ، بل يعتقدون ان اداء بعض النخب الكويتية ساهم بدوره في الابقاء على الحالة الشاذة القائمة بين الشعبين العراقي والكويتي ، لسبب بسيط ، هو عجز هذا البعض عن الفصل بين صدام المجرم وزبانيته وبين الشعب العراقي ، الضحية الاولى لجرائم صدام وحثالته.

بعض نخب الكويت ، مازال اسير الغزو الغادر لبلدهم ، ولكن على هذه النخب ان تعرف ان صدام ليس سوى نتوء خبيث برز في جسد العراق يوما ما وتم استئصاله ، فاذا كان قد فتك في الكويت 7 اشهر فقط فانه تجاوز على جارته المسلمة ايران ، وبدعم وتحريض معلن ومكشوف من الدول العربية في الخليج الفارسي ، على مدى ثماني سنوات ، وقبل كل هذا وذاك جثم على صدر العراقيين على مدى اربعة عقود اعاد خلالها العراق واهله عشرات السنين الى الوراء.

النخب الكويتية والعراق .. مسلسل "ساهر الليل- وطن النهار" مثالا

من احدث وابرز الامثلة التي يمكن للمتابع للعلاقة بين بعض نخب الكويت والعراق ، ان يتوقف امامه ، والذي يؤكد ما ذهبنا اليه بشأن عجز بعض النخب الكويتية عن التحرر من اثار الغزو الصدامي لبلدهم وعجزهم ايضا عن الفصل بين طاغية ومجرم وسفاح مثل صدام وبين الشعب العراقي الذي نكب به على مدى عقود طويلة ، هو مسلسل "ساهر الليل – وطن النهار" للمخرج محمد دحام الشمري ، والذي يعرض حاليا على شاشة بعض الفضائيات العربية في شهر رمضان المبارك.

هذا المسلسل ، الذي كتب قصته شاب كويتي هو فهد العليوة ، ومثل فيه مجموعة من الفنانين الكويتيين المعروفين ، تناول في جزئه الثالث موضوع الغزو الصدامي للكويت ، وهو موضوع يحق لاهل الكويت ان يتناولوه كما يشاؤون لانه يمثل للاسف نقطة سوداء في تاريخ هذا الشعب الامن والكريم.

كنا ننتظر من هذا العمل الدرامي الكويتي ان يخرج من التناول النمطي للغزو الصدامي للكويت وان يتحرر من القيود الذي ذكرناها انفا ، ولكن للاسف الشديد جاء تاكيدا لما ذهبنا اليه ، بل زاد الطين بلة ، عندما اخذ يستهزئ بالشعب العراقي وبشكل مهين جدا ، في مشاهد لا تضحك المشاهد عليها بقدر ما تضحكه على المسلسل.

ان من الظلم ان يستهان بالشعب العراقي بهذه الطريقة البليدة واظهاره بانه شعب متخلف لا يعرف شيئا عن مظاهر الحضارة ، وان العراقيين اشبه بمجموعة من البشر المنسيين في غابة ، دخلوا الى المدينة على حين غرة فانبهروا وبانت وحشيتهم. ان من حق نخب الكويت ان تتناول الجرائم البشعة التي اقترفها صدام وزبانيته بالكويت واهلها ، ولكن على هذه النخب ان تعرف ان هذا التناول لا يجب ان يساهم في اضرام نار الحقد وسجن الناس في البلدين في زنانة حقبة صدام المجرم ، عبر الاستهزاء بالشعب العراقي وتحميله جرائم السفاح .

صحيح ان جرح الكويت عميق بسبب جنون الطاغية المقبور ، ولكن عمق هذا الجرح لا يجب ان يخرج صاحبه عن الانصاف ، كما ظهر ذلك جليا في مسلسل ساهر الليل – وطن النهار . فلسنا هنا بصدد الرد عن نقاط الضعف الكثيرة في الاخراج والتي اساءت كثيرا الى المسلسل ، كما لسنا هنا لنقول ان ارض العراق هي التي احتضنت اول تجمع بشري على وجه البسيطة ، واول ارض سنت فيها القوانين ، واول ارض علمت الانسانية الكتابة والقراءة ، فهذه اشياء يعرفها القاصي والداني ، ولكن نريد ان نقول ما هكذا تورد الابل ايها القائمون على مسلسل وطن النهار.

الاعمال الدرامية الكويتيه التي تتناول الغزو الصدامي يجب ان تحال الى شخصيات وكتاب يشعرون بالمسؤولية ازاء مستقبل الشعب الكويتي والمنطقة ، فكل اشارة او ايماءة ، تحسب بالف حساب ، لا ان يترك الكاتب العنان لمخيلته ويسيء بهذا الشكل غير اللائق لاهل العراق ، كما في مسلسل "ساهر الليل – وطن النهار" ، ظنا منه انه يخدم اهله وبلده ، فيما هو يسيء اليهم عبر الابقاء على نار الاحقاد مستعرة تتلظى في الصدور.

الم يكن نبذا للتاريخ الاسود للمجرم صدام ، وتجسيرا للعلاقة الابدية بين الشعبين العراقي والكويتي ، وبناء لمستقبل مشرق لا مكان فيه للحروب والاحقاد بين البلدين ، وسدا لكل منافذ الحقد والضغينة ، وانصافا للحقيقة والتاريخ ، ان تشير الدراما الكويتية ولو اشارة بسيطة ، بدلا من الاستهزاء بالعراقيين بهذا الشكل الضحل ، الى عشرات الحالات الانسانية التي شهد عليها اهل الكويت قبل غيرهم ، مثل الاعدامات الميدانية للجنود العراقيين ، الذين يمثلون ضمير ووجدان الشعب العراقي ، لانهم تمردوا على اوامر زبانية صدام ، وعشرات الحالات التي خاطر فيها جنود عراقيون بانفسهم ، لحماية مواطن او موطنة كويتية من التعرض لاذى جلاوزة صدام المجرم ، وكذلك عشرات الحالات الاخرى التي مد فيها الجنود العراقيون يد العون الى اخوانهم الكويتين وتقديمهم مساعدات طبية وانسانية لهم خلافا لاوامر الطاغوت ، وكذلك حالات الهروب من الخدمة ورفض الذهاب الى الكويت والتي كلفت العراقيين ارواحهم و...

ان تناول مثل هذه الحالات في الدراما الكويتية تتطلب شعورا كبيرا بالمسؤولية ازاء الكويت واهلها وازاء المنطقة بشكل عام ، وتحررا من عقدة صدام المجرم ، وهي متطلبات تفتقر اليها للاسف بعض النخب الكويتية التي تصول وتجول ، للاسف ايضا دون دراية ، في موضوع غزو صدام للكويت ، وهذا بالضبط ما يفسر استمرار الحالة الشاذة التي تحكم العلاقة بين البلدين.

ان مسؤولية مد الجسور من فوق الهوة التي يصطنعها الطغاة بين الشعوب ، هي مسؤولية خطيرة ، لا تنوء بحملها الا النخب التي تسمو فوق الهوى والاحقاد.

 

 

ifilmtvnews غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292