مذكرات أسير ما قبل وما بعد
المعتقلات العراقية
بسم الله الرحمن الرحيم :
الاسم / طالب بن خليفة بن جاسم بن عيسى بن محمد بن عربيد بن حمد
الجنسية / الكويت
العمر / مواليد 1958 للميلاد
المهنة / ضابط وزارة الداخلية
أما بعد ،،،
المرحلة الأولى في مخفر الجابرية :
كنت على رأس عملي ليلاً يوم الأربعاء الأسود بتاريخ 1/8/
1990م ، وبتمام الساعة 10.30 ليلاً أتصل بي المقدم عادل الصباغة ، قائد منطقة حولي ، وكنت آنذاك أنا ضابط مخفر الجابرية ، وبدأ يتحدث معي أن ديروا بالكم وفتحوا أعينكم ، وأبلغني عند حدوث أي مشكلة ، واستغربت بشخصي من شخصهِ لهذا الاتصال ، وبتمام الساعة 3.30 ليلاً صباح يوم الخميس ، أتصل محقق مستشفى مبارك بمخفر الجابرية يطلب ضابط المخفر ، وكنت أنا وقتها في مخفر النقرة ، عند ملازم أول حمد العميرة ، وكان بصحبتنا الملازم أول بدر الغضوري ، فأبلغوني بأن مخفرك يطلبك ، وفعلا ذهبت إليهم ، ومن ثم اتجهت إلى مستشفى مبارك لأستشف ما الخبر لديهم ، وإذا بشخصين مصابين بطلق ناري ، أحدهما من عائلة الزامل ، والآخر لا أذكر اسمه ، ولكن الزامل كان الأخف إصابة ، فكان يروي أنه تعرض لطلق ناري عند الإذاعة من شخوص عراقيين ، فأخبرته أن الإذاعة ليست من اختصاصنا وكنت أقصد هنا ( شبك الإذاعة في كبد ) ، فرد وهو يقول أن من أصابه الجيش العراقي عند الإذاعة في الديرة ، فصدمني الخبر ، ولم أكاد أن أصدقه ، فتركته وتوجهت إلى مقر عملي ، لأتصل في محافظة العاصمة لأستطلع الخبر ، فأبلغوني بأن القوات العراقية موجودة بالديرة وهي في حالة قصف لقصر دسمان ، فبدأت أتصل على كل من أعرفه من الضباط لأبلغهم بالخبر ، ومنهم من صدق ومنهم من لم يصدق ، وأعتقد أنها مزحة ، وبدأ ضباط مخفر الجابرية يتوافدون إليّ ، ومنهم النقيب صياح المطيري ، ورئيس مخفر الجابرية آنذاك عبيد مخلد المطيري ( بو خالد ) ، والملازم أول عايض الهاجري ، وبدأت رحلة جديدة مع الجيش العراقي الغاشم ، وكانت جميع مخافر الكويت والمحافظات قد سقطت عدا مخفر الجابرية ، ومن يوم الخميس اتصل بيّ مساعد مدير أمن محافظة حولي العقيد / حسن جاسم ، وأبلغني أن أستلم التحقيق مع الأسرى العراقيين المحجوزين لدينا ، وفعلاً بدأت أحقق مع كل فرد يأسر من الجيش العراقي ، وكانت النظارة مملوءة بالأسرى ، كما أن مستشفى مبارك به أسرى عراقيين ، وعليهم حراسة وزعت من قبلنا ( مخفر الجابرية ) ، وتم استدراج بعض الجنود من أسقطوا بطائرتهم في النقرة ، كذلك تم إلقاء القبض على من أطلقوا النار على بنك الدم في الجابرية ، وجميع من أسر تم التحقيق معه من قبلنا .
إحراق مخفر الجابرية من يوم السبت الموافق 4/8/1990م :
بتمام الساعة 12.00 ظهراً من يوم السبت الموافق 4/8/1990م ، حين سقط مستشفى مبارك بيد القوات العراقية ، حين بدئوا يطلقون النار على الشرطة من رشاش عيار 50م ، وتمت إصابات بعض الشرطة ومن بينهم أحد الأفراد من عائلة القبندي ، حينها ذهبت إلى رئيس مخفر الجابرية المقدم / عبيد مخلد المطيري لأخبره بسقوط مستشفى مبارك ، وما يتوجب علينا فعله ، واقترحت عليه من أن نقوم بحرق المخفر بما فيه الجنود العراقيين ، ولكنه لم يستمع إلي بحجة أن لا أمرٌ لدية ، فأخبرته أني ذاهبٌ إلى البيت ، ويتوجب عليك أن يترك المخفر حالاً ، لأنهم في حال قدومهم إليكم سيعدمونكم جميعاً ، وفعلاً ذهبت إلى بيت خالتي في بيان ، وكانت معي جميع التحقيقات التي أخذت من الجنود الأسرى العراقيين ، وعند العصر عاودت الرجوع إلى المخفر ، فما وجدته إلا محروقاً حرقاً كاملاً دون وجود أي جثةٍ بالنظارة .
المرحلة الثانية ما بعد مخفر الجابرية وما قبل الأسر :
في ثاني يوم تم الاستيلاء على مدارس خيطان جميع آلة تصوير وورق ( إي فور ) ، كذلك على كمية كبيرة من الدفاتر للسيارات الزرق من المرور ، وتمت عملية التزوير لاستخراج الثبوتيات المزورة للدفاتر الخاصة بالمركبات للقيادة بأسماء غير الأسماء الحقيقية لمن يحتاج ، وقمنا بالتوزيع لمن له حاجة لهذه الدفاتر .
منزل خيطان ما بعد مهاجمة القوات العراقية للمقاومة الكويتية في كيفان :
بعد سقوط منطقة كيفان استقر بعضاً من ضباط الجيش الكويتي في منزل المغفور له والدي / خليقة بن جاسم بن عيسى بن محمد العربيد ، برفقة أبناءه الملازم / محمد العربيد والملازم أول / طالب خليفة العربيد ، وكان من ضمن الضباط الملازمين لمنزل خيطان بصفة دائمة هم : الملازم أول / ضاحي الضاحي حاليا عقيد ركن بالحرس الوطني ، الملازم أول / فهد دحام الظفيري ، الملازم رحمة الله عليه / خالد الراشد ، أخوه محمد الراشد رحمة الله عليه ، الملازم أول / خالد درويش الخضاري ، الملازم / عبدالله يعقوب ، وفي عمليةٍ نوعية لاستقدام أسلحة من ( جي ون ) مستودع السلاح آنذاك ، قضى على كل من الملازم خالد الراشد وأخوه محمد الراشد وهو يعمل بالكويتية .
ويعتبر الملازم أول طالب العربيد هو أول من أبلغ المقاومة الكويتية بكيفان بقدوم القوات العراقية ، ما أذكره في هذا اليوم ، وكان في نهاية العصر ، حيث كنا قادمين من عملية نوعية ، حيث أتانا فهد بوحمرة وهو الأخ الشقيق لإبراهيم بوحمرة شاكياً من أصحاب محل لبيع الدواجن بالقرب من دوار الفحم ( شويخ ) ، وكنا وقتها في منزل الأخوين خالد وإبراهيم العبيد بالروضة ، وأفاد الأول فهد بوحمرة ، أن أصحاب المحل ضربوه وأهانوه كونه كويتي ، فتسلحنا وذهبنا إليهم ، وكان معي ضمن الأسماء الدرجة أخي الأصغر ، وليد بن خليفة بن جاسم العربيد ، ولم نخرج من المحل سالف الذكر ، إلا وهو محطم فوق رؤوس أصحابه السوريين ، ومنه اتجهنا إلى الروضة مستقلين الطريق ما بين كيفان والخالدية ، وإذا بالمدرعات والدبابات العراقية متجهة لكيفان ، فاضطررت إلى أن أصعد الرصيف ، وأتجه لكيفان ، لأخبرهم بأن القوات العراقية آتية إليكم .
في يوم ذاع الخبر أول أيام الغزو الانسحاب للقوات العراقية من دولة الكويت اتصلت في ابن خالتي فوزي محمد أحمد محمد المغربي ، وأبلغته أن الجيوش العراقية تنسحب من دولة الكويت ، فما رأيك فيما لو سافرنا إلى العراق نستشف الأمر والخبر ، ونتزود مما نحتاج إليه من مأكل ومطعم ، فوافقني الرأي وذهب معنا رحمة الله عليه / حبيب الشطي وسعيد الياقوت والعميد عثمان الفيلكاوي رحمة الله عليه ( بوخالد ) ، وأتضح أنها كذبه ، وما هيَّ إلا فوهات المدافع متجهة شمال ، أما جسم الدبابة فهو متجه جنوباً باتجاه الكويت .
منزل السفير الفرنسي بالجابرية :
في 8/9/1990م عندما تم إلغاء الكيان السياسي الكويتي من قبل الحكومة العراقية ، توجهنا إلى منزل القائم بالأعمال للسفارة الفرنسية بالجابرية ليلاً ، وأمطرنا عليه وابلاً من النار ، حتى نوهم الحكومة الفرنسية أن من قام بهذا العمل هم العراقيين ، وكان بصحبتي آنذاك كلاً من الأخ / إبراهيم بوحمرة / إبراهيم العبيد / خالد العبيد .
ظللنا على هذه الحال في منطقة خيطان ، نقوم بعمل دفاتر ورخص قيادة للشباب الكويتيين مم من هم بحاجة لهذه الدفاتر والرخص ، وظلت الحال مستمرة هكذا .
وفي ذات يوم كنت متجه لمنزل خالتي في بيان ، وأتيت من جهة القصر باتجاه دوار جمعية بيان ، وإذا بالشارع مزدحم جداً ، وحتى أن وصلت أوقفني جندي عراقي وطلب السنوية ( أي دفتر السيارة ) ، وحين أعطيته دفتر السيارة طلب الرخصة ، فأعطيته البطاقة المدنية ، فبدأ يضحك وهو يقول حولي والعاصمة ( هايّ اشلون ) ، يابا شايف السيارة الراكنة هناك ، فأجبته نعم ، وكانت السيارة المقصودة تقف عند هارديز بالقرب من دوار الجمعية ، فذهبت وركنت السيارة بقربها ، وإذا هناك سيطرة فخرج أحد الضباط لا يحمل رتبة بل لباسه خاكي ، فقال لي وهو غضب يا ( زمال ) وقفك شو مشكلتك ، فقلت له لا أعلم ، فرأيته ينده على الجندي ، والجندي يكلمه سراً ، ومن ثم أتاني الأخير ، ونده على صاحب السيارة الأخرى الراكنة بجنبي ، وكان بالسيارة الأخرى رجلٌ مع زوجته وأولاده ، وكان أولاده صغار بالعمر ( أطفال ) ، ومن ثم قال لنا أنتم عسكر ، فقلت له لا ، فقال ياهو طالب ، فقلت له أنا ، فقال هايّ دفتر سيارتك مزور ، وكان ضمن الدفاتر القديمة الزرق ، فقال شوف بالخارج ( الغلاف ) العاصمة ومن الداخل حولي ، ((( وكنا قد أوقعنا أنفسنا بالخطأ أثناء عمل تزوير الدفاتر ))) ، فقلت له لا بالعكس هو ليس مزور ، بل معظم دفاتر أهل الكويت هكذا ، فعندما نذهب إلى أي مرور غير المحافظة التي نتبعها يلصق بالدفتر صفحة المحافظة الأخرى التي لا نتبع لها ، هذا هو النظام عندنا بالكويت ، فذهب يسأل الأطفال بالسيارة الأخرى ، هل والدكم عسكري ، فأجابته الزوجة لا بل بالبلدية ، ومن ثم أخذني أنا وصاحب السيارة ووقف معنا بالدوار ، وأخذ يفتش على جميع دفاتر السيارات القادمة إلينا من جميع الجهات ، ليتأكد من صحة معلوماتنا ، ولكنه لم يجد دفاتر تشابه دفاترنا ، فقال لي بهذه الجملة ( يابا والله دفاتركم مزورة ) ، ولكن يلا بسرعة دروحوا غيروها ، والله من تكضكم سيطرة أخرى تعرفون شو يسووا فيكم ، وفعلاً أطلق سراحنا ، واتصلت على أخي وليد وأحضر لي دفتر جديد وانتهت المشكلة