أزمة الفنون و أخلآقيات الإعلامـ ، !
رؤية و قراءة - هاشمـ العلوي
في هذه الحياة لا يحظى كُل شيء بـ القبول و أيضاً لا يحظى كُل شيء بـ الرفض و منها أقرب نموذج هو عُنصر الفنون ، ولكن بغض النظر عن القبول و الرفض فإني أرى في الفنون هي عبارة عن حالات اجتماعية يكون من خلالها تعبير عن الذات الإنسانية ، إضافة إلى أنه محط تجارب جميلة لقدرات الإنسان وله الدور في توسيع دائرة الخيال ، ولهذا رُبما لآ أكون مُبالغاً أنه بدأت من هذا المُنطلق دآئرة الخيال الإنساني .
عندما تعمقتُ في البحث حول تاريخ الفن في القارة العجوز و بالتحديد بالقرن السادس عشر ، اكتشفتُ أن الموقف المتشدد جداً من الفنون ليس بالجديد على المُجتمع البشري من خلال التضييق و المنع و القمع ، و رغم ذلك و لكي اكون مُنصفاً ، لم تكُن القارة الأوروبية بهذه السوداوية !
ولنا في ألمانيا خير نموذج عندما قآم المُصلح الديني"مارتن لوثر" (1484-1546) ببدأ قضية إعادة النظر في مسألة الفنون بجميع أنواعها .
وفي ظل كانت فيه معظم القارة الأوربية، تقمع الفنون، رأى أصحابه بأن ايطاليا هي الملجأ الأخير و الذي أُطلِق عليه بـ عصر النهضة في أوروبا ،عن طريق المُدن التي تعشق روح الفن كـ روما و ميلآنو ،و من هُنآ تفجر الخيآل الإبداعي الإنساني ، الذي نتج عنه مقدمة تاريخية خالدة و ظهور عصر الحداثة الأوروبية .
أمآ مُجتمعآتنا الحالية التي أقل ما يتم وصفها بـ المُنغلقة فكريا واجتماعياً و ثقافياً ، لآ تزآل في نظرتها لـ الفنون نظرة بدآئية و سطحية لـ الغاية ، و هذآ ينطبق حتى على الإعلام بمختلف وسائله المرئية و المقروءة و حتى الإلكترونية ، بالإضافة إلى ذلك لا ننسى وضع الفنون اليوم في خانة الصورة الإستهلاكية لـ الإعلام التجاري البحت ، حيث صورته (ولو بطريقة غير مُباشرة) بأنها في عداء شرس ودائم مع الأديان ! .
رُبما لآ اُنكِر أن في الوسط الفني تخرُج سلوكيات هي مُنافية لروح الفن والهدف الأسمى له ،
وهو قد مآ اُطلق عليه إن صح التعبير بـ (روح الجمآل) ؛ إلا أنه في الوقت ذاته، الخطأ (الأخلاقي) الذي يقع في المُجتمع الفني ، يقع بشكلٍ أكبر في المُجتمعات و حتى في كل المجآلات العلمية ،
ولـ هذا من المُفترض ألاّ تُنسب إلى الفن نفسه ،وهذه المسؤولية تقع بـ الدرجة الأولى على عنصر الإعلام نفسه في توعية الجمهور (فالأول) بكُل تأكيد بحاجة إلى كوآدر أكاديمية بعيداً عن (الدخلاء) مُختصة في مجالها (المرئي و المقروء و الإلكتروني ) يتسم بالمهنية و يُدرك أمانة القلم ، يبتعد عن اتخاذ الصرح الإعلامي وسيلة لـ تصفية الحسابات الشخصية ، يفهم معنى النقد البناء بمعناه الصحيح ، يُجرد عاطفته وانفعالاته و يُطهر فكره قبل قلمه ، !!
فـ الإعلام لم يُوجد لـ التصفية الشخصية أو مُعالجة الخطأ الأخلاقي بخطأ أبشعُ منه !!
فـ لو كان الأمر يقتصر على استخدام القلم للألفاظ (البذيئة) فكلنا نستطيع أن نتلفظ بها، أليس كذلك ؟
و لكن يجب أن يتحدث الإعلام بوسيلة العقول ، لآ بوسيلة مخاطبة العواطف !
فـ الإعلام الواعي يُدرك تماماً : عندما يكون العقل الإعلامي فارغا،يكون قلم صاحبه مليئًا عفواً بـ (القُذارات) ، !!
لذلك لآ يمكُننا لوم الأخطاء الأخلاقية في مجآل الفنون مآ لمـ تكن لدينا وقفة جآدة مع الأقلام الهابطة في مجآل الإعلام و الدخلاء فيه !!
إذاً كل مجالٍ مآ معرض أفراده للوقوع في الأخطاء و هذا يكون هذا مُتضحاً في المجال الفني ، لسبب بسيط و ذلك أننا نتعامل مع شخصيات شهيرة هي تحت عدسات الإعلام دآئماً ، فالأمر ينطبق أيضا على المجآلات الأخرى . فلآ يُمكن ارتكاب طبيب خطاً أخلاقياً ، بأن المُشكلة في الطب نفسه !!
قد يقول لي قائل بأن الفن هي مسألة رفاهية وليست من أولويات الحياة كـ باقي المجآلات و الإختصاصات الأخرى ، ؟ !
(حسناً) ، أحترم هذه النظرة كإحترامي لـ صاحبها ، ولكن في الوقت نفسه علينا ألا ننسى بأن الفنون حسب رؤية نظرة الأمم المُتقدمة هي عبارة عن مظهر من مظاهر الحضارة الموازية جداً للعلم و مجسدة كبقية تراث التكوين الحضاري للمجتمعات الثقافية الواعية .
فآئق الحُب ، ♥