28-06-2016, 10:07 PM
|
#1 (permalink)
|
مشرف الأقسام الفنية ( كبير الكتّاب في الشبكة )
العــضوية: 4026 تاريخ التسجيل: 15/07/2009
المشاركات: 2,540
| بعد سلسلة من الأعمال الرديئة.. حياة الفهد وسعاد عبدالله .. هل هما مبدعتان حقاً؟ الدمام – علي سعيد
فقط في الإعلام الخليجي لا يخضع كبار نجوم الشاشة التلفزيونية إلى النقد والمساءلة. حياة الفهد وسعاد عبدالله منذ سنوات تقدمان مسلسلات خالية من أي قيمة مضافة أو مبتكرة لفن الدراما التلفزيونية الخليجية ومع ذلك تتعامل الصحافة مع منتجهن بكل تبجيل يصل حد التقديس، ويكفي فقط لهذه الأعمال أن تكون موقعة بإمضاء الفنانتين القديرتين والمنتجتين سعاد وحياة حتى تتحول الصحافة ومواقع التواصل إلى صفحات شعرية في المديح المجاني وكل ذلك احتراماً للقامتين الكبيرتين واللتين يجب أن لا يمسا بمكروه. بينما المسلسلات الخليجية تدور منذ زمن في دوامة موضوعات ما كانت لتقتفي من بقية المسلسلات لولا أن سعاد وحياة - ولهن كل الاحترام بالطبع - هن من كرس لهذا الشكل المغلق في الدراما. كموجة "تفريخ البنات" منذ مسلسل "أم البنات" وما تلاها من تعميم على مجمل الإنتاج الدرامي الخليجي الدرامي، المضاف إليه، مسلسلات الزعيق والعراك والشتائم والصراخ والبكاء المرفقة ضمن أجواء بيوتات مرفهة وحبكات سطحية تتحرك في العادة حول قصص يكون منطلقها "الدرامي" دوماً الأم سعاد أو الجدة حياة، والتي ساهمت كلها بأن تتخندق المسلسلات الخليجية حول قالب الأعمال المنزلية العائلية وبذات الأسلوب التقليدي. فبينما غامر نجوم الشاشة المصرية - عادل إمام - بخوض تجارب درامية نوعية فضحت خبايا التحولات الاجتماعية والسياسية، بقيت أعمال سعاد وحياة تتخذ المسار الأبسط وهو هذه النوعية من المسلسلات التي ما كانت لتستمر لولا تسيد السيدتين للإنتاج الدرامي في منطقة الخليج العربي؛ حتى أصبحت الدراما التلفزيونية كأنها دراما فنتازية منقطعة عن الزمن تحدث في اللازمان واللامكان.
ولكن هل يحق لنا أن نحمل النجمتين "المحبوبتين" وزر جمود الدراما الخليجية وسجنها في قالب واحد منذ عقود، في بيئة إنتاج محافظ وتقليدي في الأساس؟ أليس علينا أن نلتفت لمسألة مهمة وهي أن حياة الفهد وسعاد عبدالله في نهاية المطاف ممثلات قبل كل شيء ولا ينبغي أن نلبسهما ثوباً أكبر من إمكاناتهما الحقيقية. والتمعن مبكراً في مسلسلات حفظتها الذاكرة الجماعية الخليجية عن ظهر قلب من أيام "خالتي قماشة" و"على الدنيا السلام"، عندما كان الكاتب الفلسطيني الراحل والرائد طارق عثمان يتجلى في الكويت بابتداع شخصياته المدهشة ضمن قصص درامية لا تزال تنبض بالحياة حتى اليوم وحي تعيش في حكايات كانت تحمل مدلولات رمزية خطيرة. فشخصيتي محظوظة ومبروكة الأيقونتين في مسلسل "على الدنيا السلام"، كان حضور حياة وسعاد فيهما بارعاً من موقع الممثل لا أكثر بينما كان المخرج حمدي فريد هو من يحرك اللعبة الدرامية ببراعة وإتقان وفق إمكانات التلفزيون البسيطة في الثمانينيات. ما حدث بعد الغزو العراقي الجائر لدولة الكويت الشقيقة أن تضررت بنية الفن برحيل صناع الدراما العرب، وعدم وجود بديل خلاق لهذا الغياب باستثناء بعض التجارب المبدعة هنا أو هناك. فظهرت موجة مسلسلات الصراخ والبكائيات ومسرحيات التهريج التي أثرت دون شك على الذائقة الفنية العامة وصولاً إلى مطلع الألفية وتحول الكثير من الممثلين إلى منتجين استثماراً لنجوميتهم وحفاظا على مواقعهم في عالم تلفزيوني تغير من الحكومي إلى الفضائي ومن الإنتاج العام إلى الخاص والعشوائي.
في هذا السياق، على الأغلب، تبلورت تجربة سعاد عبدالله وحياة الفهد، الممثلتين المنتجتين اللتين بلا شك تحولتا إلى ماركة مسجلة لدى القنوات والمعلن، فوجود حياة أو سعاد في أي مشروع يجعله عملاً مرتقباً تتسابق القنوات لحجزه بصرف النظر عن بقية العناصر الفنية من نص سيناريو متقن إلى الإخراج والمونتاج.. كل هذا لم يعد مهماً دامت النجومية ستدر على القنوات أرباح المشاهدة من جيب المعلن السخي.
ما نحتاجه فعلاً هو الخروج من هذه الدائرة، بأن تشاع ثقافة النقد الفني تجاه الجميع وبصرف النظر عن الأسماء والهالة الأسطورية التي تحيطهم. إن سعاد وحياة الفهد بحاجة إلى أن تتم مصارحتهم بأن "ما تقدمانه ساهم في تحويل الدراما في الخليج إلى أعمال سطحية كليشيهية" في الوقت الذي كان بإمكان منتجتين كبيرتين مثلهن أن يطورن المنتج الدرامي ويبحثن عن مقترحات فنية جديدة وخلاقة، تخرجنا من دراما الحنين والبكائيات وطبقات الميك آب واستبدال ممثلين وممثلات هن أشبه بفتيان وفتيات الإعلان، بشخصيات مخلصة للواقع وصادقة تؤكد أن الدراما فن وتعبير عن الحياة وليس لعبة تسويقية للأسف تورطت بها النجمات الكبيرات بعلم أو غير علم.
أخيراً يمكن القول إن هدف النقد ليس النقض والتقويض بل تطوير الصورة الدرامية التي ارتسمت حول المسلسلات الخليجية لدى الجمهور الخليجي والعربي، في وقت يعرف جميعنا أن المجتمع الخليجي غني بالقصص والعوالم الحكائية وبالخبرات الكبيرة والمواهب الإبداعية الشابة، لذا سوف يكون الأمل هذا العام والأعوام المقبلة في ضخ أفكار وأسماء جديدة للخروج من سجن المسلسلات المنزلية التقليدية ودخول مغامرات تلفزيونية بتقنيات مغايرة ومن خلال موضوعات اجتماعية واقعية وتاريخية مؤثرة وسياسية تحاكي مرحلة التحولات الملتهبة حيث الإرهاب يضرب منطقة الخليج، فهل سنرى هذا الانتقال والتجديد؟ أم سنجتر مسلسلات الأعوام السابقة مع تكرار التبجيل والتقديس لاسمي سعاد عبدالله وحياة الفهد؟ __________________ أحبائي أهالي غزة .. أنتم تاج على رأسي .. الرحمة لشهدائكم جميعا ..
|
| |