الحلقة الأولى
الفنان عبد الحسين عبد الرضا
---------------------------------------------------------------
أثناء الاجتياح
بدأ الفنان عبد الحسين عبد الرضا تصوير مسلسل قاصد خير في تاريخ 13 يوليو 1990 في استوديو الدسمة بقيادة المخرج العراقي فاروق القيسي (قبل الغزو بـ عشرين يوم) مسلسل قاصد خير
وبعد مرور 20 يوم تقريباً من بدء التصوير فوجئ طاقم العمل بخبر الاجتياح ، حيث انهم قطعوا شوطاً وتم الانتهاء من اللوحة الاولى وكان من المقرر تغيير الديكورات في يوم الخميس ..
الماكير البحريني ياسر سيف
كان يعمل ضمن كاست المسلسل في وضع المكياج و الاكسسوار وهو صاحب البروكات وبعض الازياء ، ذهب ليتفقد الاستوديو التصوير ثاني يوم من الغزو (يوم الجمعة3/8/1990) ذهب لموقع التصوير في استوديو الدسمة كالمعتاد وكان هناك
المرحوم المخرج عبد العزيز المنصور العرفج واخويه
المرحوم منصور المنصور والفنان القدير محمد المنصور
والمذيعة سلوى حسين
كان الماكير ياسر سيف مذهول بما يحصل وبعد انتهاء البث الاخبار ، نصحه الفنان القدير محمد المنصور بعدم البقاء هنا ومن الافضل ان يعود للبحرين لأنه الجيش ممكن ان يجتاح الاستوديو في اي لحظة ، الشعور والاوضاع المربكة لم تسمح له في جمع الاكسسوارات وادواته ، عاد فوراً للبحرين عن طريق البر
---------------------------------------------------------------
انتشرت انباء في الايام الاولى من الغزو ، ان الشخصيات المعروفة (مستهدفة) ، الكثير يطلب ويقترح على عبد الحسين عبدالرضا بالسفر للخارج كونه شخصية معروفة وحياته مهددة و ربما يتم اعتقاله واجباره على الانضمام للغزاة كونه شخصية اعلامية مؤثرة وكان متردد في السفر او البقاء
كان يحاول في اسرته للسفر لكنهم ايضاً رفضوا وفضلوا البقاء وكانوا يطلبون منه الخروج من الكويت كونه شخصية مئلوفة ومعروفة و (العين عليه) وثم استقر الجميع في البقاء .. لكن عبدالحسين قرر الاختباء في مكان بعيداً عن بيته وعن اسرته ولم يخبرهم بمكان اختبائه لانه لا يستقر في مكان واحد ، وعدهم بإرسال لهم مكاتيب او ارسال احد المقربين للاطمئنان
---------------------------------------------------------------------------------
دخل الغزاة بيت عبد الحسين عبدالرضا أكثر من مرة للبحث عنه والسؤال عنه و كان رد اسرته : عبد الحسين مسافر للعلاج في لندن ، وانتشر هذا الخبر واصبح شعب الكويت والجيش العراقي على يقين ان عبد الحسين خارج الكويت والعكس صحيح
---------------------------------------------------------------------------------
عبد الحسين عبد الرضا كان برفقة سليمان الفهد والشيخ علي السالم العلي و الشيخ صباح وتوفيق الامير ، كانوا ينتقلون من مكان للآخر مابين فترة وفترة حسب ماذكر ..
((رغم ان الشيخ صباح خرج من الكويت بنفس يوم الغزو))
((لكن عبدالحسين ذكر اسمه ، ربما يكون شيخ اخر يدعى الشيخ صباح .. والله هو اعلم))
---------------------------------------------------------
أكثر من مرة يطلب منه السفر للخارج من العديد من هم حوله ، من ضمنهم الفنان القدير سعد الفرج و الاعلامي محمد السنعوسي ، وكان عبد الحسين متردد في الخروج ويرفض ، لكنه وافق في احدى المرات واتخذ القرار للسفر برفقة مجموعة من اصدقائه ..
تم الاتفاق على موعد الخروج في الساعة الرابعة فجراً ، لكنه رفض (حزة الحزة) في الوقت الذي كان ينتظره اصدقائه في الخارج ، وذكر عبد الحسين قلبه (مايطاوعه)
---------------------------------------------------------
ظل عبد الحسين عبد الرضا مع اصدقائه والمجموعة التي قررت البقاء من ضمنهم اثنين ضباط كويتين وكان بامكانه الخروج من الكويت بسهولة لكنهم مصرين على البقاء ، وكانوا يختبئون في مناطق خالية من الناس و تخلو من الضوضاء وتخلو ايضا من الغزاة ، لكنه يتفقد بعض المناطق احيانا والقرى والاحياء مضطراً للشراء الحاجات والماكل والمشرب له ولاصدقائه ومن هم مختبئن معه وكان يتبرع ويتكفل بتوزيع الأموال والأكل على البيوت في نفس الوقت
---------------------------------------------------------
احدى المرات ... اثناء مروره على نقاط التفتيش "السيطرة" لم يتعرف عليه الجنود العراقيين كونه قام بتغيير ملامح وجهه وقام بتكبير لحيته وتغيير صوته ، واذا احدهم قام بالتدقيق والتأمل في وجهه يقوم باستغلال موهبة التمثيل وتقمص شخصية تجعلهم لا يتعرفوا عليه بسهولة
ضمن المواقف ... كان عبد الحسين متجهاً لأحدى محلاته التجارية وتفاجئ ببعض الجنود يقومون بتكسير محلاته ، لم يستطيع تماسك نفسه ، ردة فعل نزل من السيارة وتركها مفتوحة متجها لهم وقال لهم بحرقة : حرام هذا حلال ناس / اخذه احد من رجال الكويت ونصحه (خلهم ياخذون الي ياخذون احمد ربك سرقوا منك القليل شوف وراك جماعة ثانية تسرق وتكسر سيارة) دار عبد الحسين للخلف وتفاجئ انهم يقومون بتكسير و سرقة سيارته
---------------------------------------------------------
موقف اخر .. كُتبَ على حائط بيت عبد الحسين الثاني عبارات اسقاطية لصدام وتمجيدية ل الشيخ جابر و طلب منه احد الجنود العراقيين
(انصحوا الناس لا يكتبون على الحيطان او نقوم بتهديم البيت بالي فيه)
عبدالحسين: شنو ذنبي اذا كتبوا على حيطان بيتي؟ وكيف يمكني التصرف والعمل اذا كانوا يكتبون دون علمي لأوقات كتابتهم
رد الجندي: اشتر اصباغ وامسح العبارات بالصبغ اول ماتشوف الحيطان مكتوب عليها
جاوب عبدالحسين: انا يالله بالغصب اشتري خبز هالمرة اشتري صبغ وكل يوم امسح فيما يكتب ؟
الجندي: انتو معذورين بس هذه اوامر تجي لنا واحنا ننقلها لكم
---------------------------------------------------------------
ضمن المواقف التي تعرض لها عبد الحسين عبدالرضا اثناء مروره على احد نقاط التفتيش العراقية عرفوه رغم انه كان متنكر لكنهم ميزوا صوته وملامحه ونظراته ، لكنهم لم يؤذوه او يفتشوه بل كانوا يعبرون عن اعجابهم به وبتمثيله وبأعماله الفنية ويذكرون له مشاهده في مسلسل درب الزلق ويضحكون
غزو العراق للكويت
كما استوقفته سيطرة اخرى "نقطة تفتيش" كانت مليئة بالجيوش والضباط ، لم يتعرفون على شخصيته
سأله الضابط: «هل لديك مواد ممنوعة في السيارة»؟
أجابه بقهر : «نعم... لدي دبابة في صندوق السيارة»
فما كان من الضابط إلا أن ضحك وتركه يمر
رغم ان عبد الحسين كان يتوقع ان الموضوع لن يمر بسلام فهو كان في لحظة غضب وليس بامكانه السيطرة على نفسه لكن بمشيئة الله لم يصب اي مكروه او ردة فعل سلبية من الضابط
----------------------------------------------------------
موقف آخر .. ايضاً كانت عند نقاط التفتيش "السيطرة" كان يحمل في سيارته جهاز الكتروني "تلكس"
يرسل الرسائل النصية "مثل الفاكس"
تم مصادرته اثناء ماكان يتم تفتيش سيارة عبد الحسين .. وكانوا يعتقدون انه مسجل او تلفزيون وجلبوا اشرطة
سئلوا عبد الحسين: كيف يعمل هذا التلفزيون ؟
وكان يجاوب: هذا تلكس مو تلفزيون
انفعال منهم ، قاموا بتكسير الجهاز امامه
وضحك بوعدنان في داخله بعدما كسروا اشرطتهم معاً بالخطاً مع الجهاز
----------------------------------------------------------
اثناء ماكان عبد الحسين يتفقد المناطق للبحث عن محلات تجارية او اي احد يبيع سجائر حيث كان مدمن في التدخين ، لاحظ احد الجنود العراقيين الناس تقدم التحية والسلام على عبد الحسين ، رغم انه متنكر لكن معروف كـ شكل وكـملامح وكـطول وكـعرض
سئله الجندي : من تكون انت؟ وليش الناس تسلم عليك ؟
اجاب عبدالحسين: انا حلاق
تعجب الجندي: معقول حلاق الكل يسلم عليه؟
عبدالحسين: الكويت صغيرة والكل يعرف الثاني
----------------------------------------------------------
موقف آخر .. تفاجئ عبد الحسين باحدى الجنود العراقين الذين استطاعوا التعرف عليه
وسئله الجندي : انت عبد الحسين عبدالرضا مو؟
عبد الحسين اعترف: اي نعم
الجندي: يقولون مريض و في لندن ؟
عبد الحسين: لا انا موجود
الجندي: شفيك متغيبر؟ وشكلك تعبان وكبران ، وليش ما نشوفك بالتلفزيون مثل قبل؟ وماعاد لك تمثيليات ومسرحيات
جاوب عبدالحسين: بيييه خبرك قديم انا اعتزلت التمثيل من زمان كبرنا وتعبنا وماعادت الصحة كما كانت
عبد الحسين تعجب من ملابسه التي ليس لها علاقة بالزي الرسمي للجيش العراقي فـ سئله: انت وين تشتغل؟ ملابسك ازرق يختلف عن ملابس الجيش العراقي؟
قال الجندي: خلها على الله انا متخرج من الهندسة التكنلوجيا وتوني متخرج جان يعطوني سلاح ودخلوني الجيش مع الي دخلوا للكويت ، المهم ماعلينا كلمني عن تمثيلياتك شنو جديدك؟ وشنو تقييمك للحركة الفنية ؟ وهل في مهرجانات فنية تواضب على حضورك فيها ؟
وكان الحماس الجندي في النقاش مع عبداالحسين في الفن
عبد الحسين رد بسخرية: الله يهداك احنا وين وانت وين ، مو وقته هذا وقت فن ؟ الدنيا حرب وصواريخ فوقنا و رشاشات جدامنا
وسئله الجندي: طيب وين ساكن الان؟
جاوب عبدالحسين طبيعي ووصف له مكان غير صحيح
وقال الجندي: لاتخاف منا حنا مو مخبارات
عبد الحسين عبد الرضا كان حذر جداً فهو يتوقع اي مكروه
وقال له عبدالحسين: انتو ماتسمعون الاخبار؟ امريكا والعالم يستعدون لكم وامريكا متاخرة لانها تصنع صاروخ باسم "جربوع الصحراء" ينطلق تحت الارض ويطلع دخان وممكن اسلحتكم تنفجر في لحظة
عبد الحسين كان يتكلم بحماس وكان الجندي "مندمج ومصدق" وقال الجندي لزميله : الله يستر الضربة مادري بتجينا منين
----------------------------------------------------------
حسن السلمان - مدير اعمال عبد الحسين عبد الرضا
كان يرفق صور صدام حسين معه في السيارة في الصندوق الخلفي "دبة السيارة" بغرض ايهام النقاط التفتيش "السيطرات" بانه مؤيد لهم تجنباً للأذى ، وفي احدى نقاط التفتيش اوقفوه وقاموا بتفتيش سيارته و صفعوه على وجهه لأنه وضع صور صدام بالصندوق الخلفي ، فسروها اهانة للصدام فأخذوا الصور وقاموا بتعليقها في الأمام السيارة وهددوه ان قام باقتلاعها او تغيير مكانها
كان خائفاً بردة فعل الكويتين عندما يروه في سيارته معلقاً صورة صدام بتأكيد ستثبت عليه تهمه التعاون مع المخابرات العراقية
--------------------------------------------------------------- يوم 28 فبراير1991 (يوم التحرير)
كان عبد الحسين مقييم في عمارة خالية من الناس قاطنين في احد الشقق في "منطقة سلوى"
كانعبد الحسين مع اصدقائه ومرافقيه في مكان معزول عن الناس ويخلو من المارة ، يسمعون اصوات النيران والصواريخ وانفجارات ، تفاجئوا بالجيش العراقي مجتمعين حول المبنى المتواجدين فيه ، تحديداً اثناء القصف الجوي ، شعروا بالخوف
وكان ذلك في تمام الساعة 2:00 فجراً ، بعد مرور ساعتين او ثلاث تأكدوا بخبر التحرير ، تحديداً في الساعة 4:30 صباحاً
عزم عبد الحسين للخروج من المكان والبعض كان ينصحه بالانتظار فالجنود العراقيين لازالوا موجودين ومنتشرين ، انتظر عبد الحسين لحين ان يطلع النهار وقرر المجازفة والخروج بعدما تأكد ان الاوضاع هدأت واصوات الطلق توقفت ، أخذ عبد الحسين كاميرا الفيديو و خرج و في داخله خوف ، الشوارع خالية والدبابات بدون جنود
وصل إلى العاصمة وكانت المسيرات تعبر عن فرحة التحرير وكل من لاحظ عبد الحسين عبد الرضا يتجهون نحوه يحضنوه و دموع الفرح تعبر عن شعور كل منهم
فما كان من عبد الحسين الا ان يعود لزملائه القاطنين في تلك العمارة المهجورة ليؤكد لهم خبر التحرير و في الساعات الاولى من صباح ذهب بنفسه لتجمعات المقاومة ليخبرهم ويؤكد خبر التحرير بما فيهم بيت الفنان سمير القلاف وطلب من الجميع الانضمام والتجمع في مراكز الشرطة لتولي مهام القبض على المشتبه فيهم و اعادة الشرعية للكويت
---------------------------------------------------------------
بعد التحرير