[بن عـيدان]

من {طاش 16}

يبدو ان المخرج عبد الخالق الغانم قد أجاد اختيار اللحظة المناسبة للاعتذار عن اخراج مسلسل «طاش 16» الذي يعرض حاليا على الـ «ام بي سي»، فالمسلسل ظهر في أسوأ حالاته من حيث النص الذي بدوره ورط معه الاخراج فلم يجد المخرج الجديد للعمل هشام شربتجي الا المبالغة لاحتواء هذه الورطة وانقاذ ما يمكن انقاذه.
في حلقتين متباعدتين من «طاش 16» جاءتا بعنوان «لا للرز» و«المقالب» يقدم المسلسل نموذجا مثاليا عن فشله في طرح فكرة مقنعة، ففي المثال الاول تتناول الحلقة فكرة افتراضية هي ماذا لو فقد الأرز، خصوصاً في الخليج حيث الناس مولعة به إلى درجة الشغف، ولأن الفكرة صغيرة ولا تحتمل ان تشكل حلقة تلفزيونية في مسلسل، فقد تحمل الاخراج مسؤولية مط هذه الفكرة عبر المبالغة واللامعقول، ووضع فرضيات خيالية وغير مسلية، كأن يتحول الأرز إلى تجارة أشبه بتجارة المخدرات، وان تصبح هناك عصابات لتهريب الأرز، وأن يوضع في خزنات المال «التجوري»، كل ذلك كان يحصل من خلال مشاهد متشابهة إلى درجة التكرار، ولأن النص ضعيف أو بالأحرى لا يوجد نص متكامل فقد قامت الصورة بأداء مهمة تكملة الحلقة، فكانت المشاهد تظهر لفترات طويلة من دون نص، بل الصورة هي التي أخذت على عاتقها هذه المهمة، وهو الأمر الذي أدى إلى تشابه اللقطات وعدم تنوعها.
المثال الثاني جاء عبر حلقة «المقالب» وكانت الحلقة بحق مقلب للجمهور الذي انتظر طاش 16 فتفاجأ بهذا المستوى، الحلقة تتحدث عن شخصين هما عبدالله السدحان وناصر القصبي كل منهما يعمل مقالب ساخنة بصاحبه، وهنا ايضا تأتي المبالغة في محاولة لانتشال الحلقة من ضعفها، فمن ضمن المقالب ان يأتي احد الصديقين بجثة وهمية يسلمها لاهل الشخص الثاني على انها لابنهما، وهو مقلب ثقيل الدم وليس اثقل من دمه الا المقلب الاخر الذي يقوم فيه احد الصديقين باطعام الاخر لحم كلب على انه لحم غنم، والمقلب الاثقل على قلوب المشاهد حين يقوم ناصر القصبي بتوجيه رجل اعمى إلى القبلة كي يصلي فيضعه عند حافة مسبح ليسقط الكفيف فيه.
«طاش ما طاش» بدأ حلقاته الأولى كطفرة متميزة في الدراما الخليجية، وتجاوز الكثير من الخطوط التي كانت محظورة، وخصوصاً بعض الظواهر الاجتماعية والادارية والفساد والاداء الحكومي وانتقاد بعض نماذج لشخصيات سلبية، ونجح في قسم كبير من طرحه، لكنه ما لبث أن نأى عن خطه ليصبح مجرد مسلسل يقدم «نكتة» وغالباً ما تكون نكتة سمجة.
المأزق الذي وضع المسلسل نفسه فيه، هو انه ربط نجاحه بوجود مجموعة معينة من الأشخاص بعضها مع بعض، بحيث لو ظهر واحد دون الاخر لشعرت بأن هناك خللا في المسلسل، وفي الوقت نفسه لو انفرد ممثل منهم بعمل اخر بعيدا عن المجموعة لما نجح، وهو ما وقع به الممثل خالد الحيان.
المأزق الاخر للمسلسل انه حاول استثمار نجاحه و«حلب» ضرع هذا النجاح تجاريا حتى اخر قطرة، خصوصا ان الشركة المنتجة للعمل هي لبطلي المسلسل.
التصريحات التي سبقت المسلسل من حيث ان المسلسل الجديد يطرح قضايا حساسة وانه يلامس مواضع مهمة في المجتمع وأن المشاهد سيرى عملا بنكهة مختلفة.. لم يحصل منها شيء ولم نشاهد سوى محاولات انقاذ للمسلسل بالاخراج وبحركات وجه ناصر القصبي.


هذا الرابط:http://www.alqabas.com.kw/Article.as...&date=31082009