[بحر الحب]

إعداد: محمد الخالد
كانت الكويت مركزا تنويريا للمنطقة في مجالي الفن والثقافة وقد لا يختلف اثنان بالريادة التي تمتعت بها الكويت في تقديم المسرحيات والدراما التلفزيونية، وكانت ومازالت يطلق عليها هوليوود الخليج نظرا الى زخم الانتاج وان كانت افرازاته أقوى وأفضل في ما مضى.. وتحديدا فترة السبعينات والثمانينات اذ كان تلفزيون الكويت في أوج نشاطه بانتاج عدد غزير من الأعمال الدرامية الجيدة، وعبر زاويتنا نسلط الضوء على أحد تلك الأعمال الدرامية التي حققت نجاحا ملموسا.

بدأ الفنان عبدالله الحبيل أولى تجاربه في عالم الكتابة وتحديدا السيناريو عام 79 عندما تبنى تلفزيون الكويت انتاج مسلسل «الدانة» الذي قام الحبيل بكتابته واستقر على هذا العنوان بعد ان تم تغيير اسم العمل الى اكثر من اسم نذكر منها «ربة البيت» - «حياتنا الحلوة»، والمقصود بالدانة في العمل هي الأسرة، لذلك فقد كان مسلسل «الدانة» دراما أسرية استطاعت باقتدار ان تجعل الناس يجتمعون أمام التلفاز لمتابعة حلقات المسلسل، الفنان القدير عبدالله الحبيل صرح في بداية التصوير ان مدة الكتابة استغرقت عامين متتاليين، وان احداث العمل مستوحاة من الواقع، فبعض المواقف حصلت له وأخرى حصلت لأسر يعرفها جيدا حاول لملمتها وصياغتها في قالب درامي اجتماعي مطعّم بالكوميديا الخفيفة، والأحداث تدور حول الشاب خالد (عبدالله الحبيل) الذي يعيش مع والدته (حياة الفهد) بعد رحيل الأب عن الأسرة الصغيرة، يتزوج خالد فاطمة (هيفاء عادل) وعند دخولها بيت الزوجية تكثر المشاكل بينها وبين والدة خالد، وتتوتر العلاقة بين أفراد الأسرة ويحتار خالد من جراء ما يحدث من مشاكل في بيته، فهو لا يستطيع ان يترك المنزل مع زوجته وابقاء والدته وحيدة، لكنه يرسم خطة ويسعى لتحقيقها وهي تزويج الأم من الجار الأرمل بوجاسم (خالد العبيد) وهو على علم بحاجة بوجاسم إلى امرأة في مثل سنه لكي تكون شريكة حياته وتعوضه عن الفراغ الذي ألمّ به بعد رحيل زوجته، وبالفعل يتزوج بوجاسم بأم خالد وتنتهي مشاكل الأسرة.
صور العمل أواخر عام 79 وعرض في دورة يناير عام 80 بشكل أسبوعي وعدد حلقاته 9 حلقات وقد حقق العمل نجاحا ساحقا حين عرض، وانجذب المشاهدون لمتابعته الى ابعد الحدود لان العمل كان يتميز بالواقعية الشديدة في المعالجة وكانت الأسر ترى أحداث حياتها اليومية ومشاكلها عن طريق مسلسل «الدانة»، وقد تولى اخراجه حمدي فريد وقام بتوزيع الأدوار بعناية على الممثلين. وأدى كل ممثل دوره بعفوية وبساطة دون أي تكلف، وقد كتبت الصحافة المحلية العديد من المقالات التي تشيد بالعمل نذكر لك عزيزي القارئ فقرة من تحليل ونقد حسن عبدالهادي في مجلة عالم الفن بتاريخ 13/ابريل/80 - «لقد امتاز فريق عمل الدانة بتوافق ايقاعي خاص في كل دور أدوه وبحرية مدهشة في كل أفعالهم وأعمالهم وحركاتهم وسكناتهم، لقد ألغوا ما يفصلهم عن المشاهدين واقتحموا عليهم بيوتهم وقدموا لهم مشاكلهم فكانوا بذلك كمن يقشر جرح صاحبه ليعالجه ويبرئه وليس الاستخفاف به والاستهانة من شأن صاحبه ولذلك وجد هؤلاء النجوم طريقهم مباشرة إلى قلوب الجمهور واستطاعوا ان يجسدوا القيمة الصادقة للمشاعر الأسرية من خلال بداهتم الفنية».
بقي ان نذكر ان العمل ضم نجوما عديدين: حياة الفهد - خالد العبيد - عبدالله الحبيل - هيفاء عادل - محمد السريع - عبدالعزيز النمش - باسمة حمادة - هدى حمادة - صالح حمد «امبيريك» - أحمد مساعد - حمد ناصر. انتاج تلفزيون الكويت. ويعد مسلسل «الدانة» من الأعمال التلفزيونية النادرة للفنان الراحل عبدالعزيز النمش الذي قام ببراعة بتجسيد شخصية الجارة المتطفلة التي سببت الكثير من الازعاج والمشاكل لبيت خالد رغم بساطتها وطيبة قلبها. ومن الأمور الطريفة التي تحدث عنها كاتب العمل عبدالله الحبيل انه عند عرض المسلسل على الشاشة معظم جاراتنا في الحي غضبن وابدين انزعاجهن من حيث ان كل واحدة اعتقدت انها المقصودة بالشخصية، وان جئت للحق فإن شخصية النمش في العمل كانت خليطا لكل جارات الحي.



http://www.alqabas.com.kw/Article.as...&date=03092009