13-09-2009, 08:24 AM
|
#1 (permalink)
|
مالك ومؤسس الشبكة
العــضوية: 1 تاريخ التسجيل: 30/07/2008
المشاركات: 6,094
الـجــنــس: ذكر | حديث الذكريات: الهرم ( غانم الصالح ) في أكبر تحقيق صحفي وأطول وأمتع لقاء له مع الصحافة الفنية لعملاق كتّاب الصحافة الفنية ( عبدالستار ناجي ) / دعوة للتأمل .. وذكريات لا تنسى ( هنا غانم الصالح بكل عظمته ) / للأمانة سيخسر من لم يدخل متحدثا ً لعبد الستار ناجي ( غانم الصالح وتفصيل للكثير من الأحداث للأستاذ عبدالستار ناجي )
حينما يذكر النجوم الكبار على المستوى المحلي والخليجي والعربي، فإن اسم الفنان القدير غانم الصالح، حتما سيكون في المقدمة، نموذج حقيقي للالتزام، والعمل الدؤوب، ومسيرة مقرونة بالجدية والاختيارات الفنية، التي زرعت بصماتها في وجدان المشاهد والحركة الفنية في العالم العربي، اقتدار فني، وخصوصية في الاختيارات والمعالجة، وخصوبة في العطاء، تكون ثراء التجربة وعمقها، وايضاً الانتماء الحقيقي للحرفة الفنية التي راح يؤكد عليها يوماً بعد آخر، وتجربة بعد أخرى، شذرات ابداعية، وبصمات مشرقة، واحتراف عالي المستوى، يكون على القيمة التي يمثلها هذا النجم، الذي منحنا المتعة بحضوره.. وأدائه.. ومقدرته على التقمص.. والانتقال من شخصية إلى أخرى وبلياقة فنية عالية المستوى، لا يبلغها إلا القلة. انجازات وذكريات وايضاً انتماء حقيقي للكويت الحبيبة، وفي حديث الذكريات، يطوف بنا في ذكريات الماضي، حيث يعود إلى الوراء، إلى أيام الطفولة حيث أحياء الكويت القديمة، وتداعي الذكريات عبر مسيرة نصف قرن من الزمان، شامخة بالتضحيات الكبيرة والوفاء للحرفة وأجيالها، هكذا هو الفنان القدير غانم الصالح، نموذج في كل شيء.. وبالذات الالتزام.. وهي رحلة في ذاكرة نجم الالتزام.
حديثنا في هذه المحطة، بعيداً عن الخبر التقليدي والمتابعة اليومية، إنها عودة إلى البدايات، إلى الأمس، إلى أحياء وفرجان الكويت في الأربعينيات والخمسينيات فهل تحدثنا، أين كان بيتكم وأين ولدت..؟
أشكركم في البداية على هذه المبادرة التوثيقية، وأنا لست من تلك النوعية التي تروي الذكريات، ولكن دعوتكم الكريمة، جعلتني استدعي الماضي.. ولكم ولقرائكم الكرام ما تريدون.
أنا وعيت وعشت في منطقة المرقاب، والولادة كانت في سوق الحمام، وهو مدخل المباركية، وهنا كان يومها سوق الحمام، وبعدها انتقلنا إلى منطقة المرقاب، واعتبر المرقاب حيث الصبا، وأكرر، ما قبل مرحلة الشباب، وهي بداية العشرات من حياتي.
درست في مدرسة المرقاب، التي افتتحت عام 1948 أو 1949 ودخلتها في عام 1950 أو نهاية عام 1949. وكان ناظرها في ذلك الوقت الأستاذ عبدالعزيز الدوسري - رحمه الله - وكانت المدرسة لاتزال في طور الإنشاء، فلم تكن حتى ذلك الوقت مرصفة، بل كانت تتم عمليات البناء والتجهيزات حينما كنا في المدرسة، وكانت أغلب الساحات ترابية وهكذا الممرات.
وأتذكرعدداً بارزاً من المدرسين، وهذا ما يؤكد بأنني كنت واعياً في ذلك الوقت، وجميعهم رحمهم الله، ومنهم نجم الخضر وخالد المسعود، والذي أصبح لاحقاً مديراً لتلفزيون الكويت وعضواً في مجلس الأمة...
وأيضاً ملا دعيج وملاعثمان وملا جاسم، وهؤلاء من الأساتذة الذين درسونا في تلك المرحلة، والدراسة في مدرسة «المرقاب» كانت بسيطة وحلوة، والكتب كانت تأتينا من الخارج وليست مطبوعة في الكويت.
من هم أصحاب تلك الفترة؟ الجيران.. الربع.
جيراننا كانوا بيت المزيني وبيت الأستاذ نجم الخضر وايضاً بيت شهاب البحر وكانوا جيراننا الحائط جنب الحائط.
كم عدد إخوانك - الله يحفظكم؟
إحنا خمسة توفي أخي الذي هو أصغر مني - رحمه الله - عام 1983، وبقينا نحن أربعة، أنا وأخي مساعد الغوينم وشقيقتاي، وجميع أخوتي ولدوا تقريباً في المرقاب، ما عدا أختي الصغيرة.
من هم أصدقاء تلك المرحلة.. الشباب؟
أسماء كثيرة، ومن بينها يوسف المزيني والشراح.
هل أكملت دراستك في مدرسة المرقاب؟
درست في مدرسة المرقاب لمدة سنتين ثم انتقلت إلى مدرسة قتيبة، وكانت ايضاً في المرقاب، وكانت في فريجنا (حينا)، وهي ملتصقة بنا، وكنت أسمع جرس المدرسة في الصباح واذهب إلى المدرسة، وكان ناظرها - رحمه الله - خالد المسعود الفهيد، الذي انتقل من مدرسة المرقاب ليصبح ناظراً على مدرسة «قتيبة» وهناك كانت الدراسة الابتدائية، وكلفني الناظر خالد المسعود لأكون عريفاً على المدرسة، وكنت في أكثر من نشاط داخل المدرسة، ومنها الفريق الخاص والأشبال والجمباز وكنت أقوم أيضاً بالصلاة بالطلبة (الامام) لأننا كنا نداوم دوامين في المدرسة.
وبالذات فيما يخص صلاة العصر. ثم التحقت في مسرح المدرسة ممثلاً.
هل تعرف أحداً من عناصر تلك التجربة المدرسية؟
أغلب الطلبة نسيت أسماءهم، ولكن هذا العمل هو أول عمل مسرحي أقدمه في حياتي، بإشراف مدرس من النشاط المدرسي، وقد حفظت يومها دوري والمسرحية بالكامل.
وقد حضر المسرحية أهل الفريج، والمغفور له الشيخ عبدالله الجابر.
ألم يكن في ذلك الوقت ممنوعات أو تحفظات لإظهار هذه الشخصية أو تلك؟
أولاً هو عرض مدرسي، والمجتمع في الكويت في ذلك الوقت كان مجتمعاً منفتحاً على الجميع، ولا توجد تحفظات، أو أي سلبيات بين هذه الجهة أو تلك الطائفة، الكل أخوة وأحبة ولم أسمع يومها أي تحفظ على تلك التجربة، التي جسدت دور ومكانة وقيمة الخليفة الرابع للمسلمين علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - الكل كان ألفة ومحبة وقلباً واحداً وروحاً وطنية واحدة ليس بها أي التباس.
ويتابع:
وفي فريجنا في المرقاب، وهو فريج طويل ممتد، بدايته من حفرة بن ادريس وسكة بن دعيج. وكان عمي - رحمه الله - يستأجر لنا (البشتختة) للاستماع الى الاسطوانات القديمة.
ماذا كنت تسمع في السابق؟
كنت صغيراً، وكنت أسأل نفسي دائماً، من أين يصدر هذا الصوت، وأين هذا المطرب، ولماذا الاسطوانة (القوانة) لونها أسود يلمع، ولماذا يتم تغيير الإبرة، اسئلة تزدحم في مخيلتي وذاكرتي في تلك المرحلة، وكنت أذهل وأصاب بالعجب والاعجاب للتطور.. يومها كانت تلك الأشياء، من الأمور الغريبة، وكنا نستمتع بالاستماع إليها، وإلى أصوات ونجوم تلك المرحلة من الغناء العربي على وجه الخصوص.
ماذا عن السينما؟
نعم، السينما كانت موجودة في البيوت، كانت بعض الأسر الميسورة تقوم باستئجار ماكينة للعرض السينمائي مع الأفلام والشاشة، وكنا بدورنا نسأل عمن استأجر في هذا اليوم، من أجل الذهاب لهم ومشاهدة الفيلم عندهم خاصة عندنا في منطقة المرقاب.. أتذكر تلك الأيام..
لقد كنا نذهب إلى المحلات التي تؤجر الأفلام ومنهم الطخيم والشريعان، وكنا نسأل عن كل من يستأجر، ونجتمع مجموعة من الأطفال، للذهاب إلى المنزل الذي استأجر السينما للاستمتاع معهم.
وكنا نختار الفيلم الذي نريده، فنقول، فيلم «فريد الأطرش.. شاهدناه» نذهب لنشاهد فيلم «عنتر ابن شداد» وغيره..
لقد كنا نختار ونتحرك بشكل جماعي، وفي أحيان نلقى الترحيب، وفي أحيان نجد الأبواب المغلقة، ومن نزق الطفولة، كنا نزعج الجيران، الذين يضطرون لاحقاً لأن يسمحوا لنا بالدخول ونادي المعلمين كان يعرض أفلاما وكنا نذهب، زمان الأفلام والسينما كانت خاصة بالعائلات، حيث تعرض الأفلام في باحة المنزل (الحوش)، ويزدحم الأطفال، من كل الفريج تقريبا للمشاهدة.
وحينما صار عمري (10) سنوات، كنت أمنع من الدخول، بحجة ان العروض للعائلات فقط، وكنت في بعض الأحيان أقوم ببعض الممارسات الرافضة، والغاضبة لانه تم منعي من الدخول، حيث كنت أقوم بخلع (الفيوز) الخاص بالكهرباء وهو دائما عند الباب، مما يسبب قطع التيار الكهربائي عن البيت بكامله، وهو نوع من العناد، او كنا نخلع الباب (الباب بوخوخة) ونضعه بالممر، كنوع من العقاب لأهل البيت لانهم لم يسمحوا لنا بالدخول، لاننا كبرنا بعض الشيء، رغم ان أعمارنا لاتزال في العاشرة، وفي أحيان كثيرة، يتم الرضوخ لنا، وتتم الموافقة على دخولنا لان أغلب أهلنا موجودون بين الحضور.
فقد كان أبناء وبنات الحي أسرة واحدة متحابة...
ماذا عن أبرز الأعمال في تلك الفترة؟
عنتر وعبلة، و«الفارس الأسود» و«رابحة»، و«سلامة» وكنا في أحيان كثيرة نحفظ الأفلام بالكامل، أحداثها وشخصياتها، وكنا نسجل بعض تلك الأفلام بواسطة مسجلات «ريل» كبيرة، ايضا كنا نشاهد أفلام فريد الأطرش وأنور وجدي، وفي مرحلة لاحقة بداية أفلام فريد شوقي ومغامراته وبطولاته ومنها «حميدو» و«الأسطى حسن» وغيرها.
من هم أبرز الموزعين في تلك الفترة؟
خالد الشريعان والطخيم، وما أعرفه ان الشريعان (الله يطول عمره) لايزال يعمل في الحرفة نفسها، وهو أحد الموزعين المشهورين والمعتمدين في الكويت وله علاقات وطيدة مع شركات الانتاج والتوزيع في جمهورية مصر العربية وغيرها من الدول العربية و... وكانوا في السابق يؤجرون للجمهور ماكينة العرض والأفلام.
في تلك الفترة لم تكن هناك عروض مسرحية بالنسبة لك عدا العرض الذي أشرت اليه؟
أجل، كانت هناك بعض الأعمال في المدرسة وايضا في المخيمات، مع الأشبال وفي مرحلة لاحقة الكشافة وكنا نعمل حفلات سمر، نقدم خلالها اسكتشات تمثيلية كوميدية وايضا أوبريتات صغيرة، وكان ذلك في فترة الخمسينيات، حتى عام 1953 انتقلت الى المدرسة المباركية.
حدثنا عن مرحلة المباركية؟
المباركية في موقعها القديم في السوق الداخلي، وفي المباركية انضممت الى فريق الكشافة، وكان يومها الناظر - رحمه الله - المربي الفاضل صالح عبدالملك الصالح، الذي أصبح وزيرا للتربية في مرحلة لاحقة.
وكان معي في الفصل الفنان عبدالحسين عبدالرضا والمرحوم الفنان عبدالوهاب سلطان السداني، وهذا الكلام كان في عام 1953 - 1954، وكان معنا ايضا شقيق الفنان شادي الخليج، وأقصد يوسف المفرج، وكان معنا أبناء بودي والبابطين والفليج واشكناني وكانوا هم طلبة الصف في المدرسة المباركية.
ويتابع:
وكنا نذهب في رحلات، نصل بها الى الخيران، وحينما أقول الخيران، فان المسافة يومها كانت بعيدة جدا، فالطرق لم تكن كما هي عليه اليوم، كانت بعيدة جدا، كانت الأراضي قاحلة، وهناك بعض الحيوانات المفترسة، ومنها الذئاب، وكنا نذهب الى هناك ككشافة، ونحن لم نتجاوز الاثنى عشر عاما او أقل او يزيد قليلا، وأتذكر جيدا ان استاذنا في ذلك الوقت كان رحمه الله «محمود الشيخ».
وقد أرخت سني من خلال تاريخ البطاقة بملابس الكشافة، وهي موجودة عندي ومؤرخة عام 1954، ومن خلال ذلك عرفت تاريخ ميلادي الحقيقي، لانه لم تكن في تلك المرحلة المعلومات موثقة، وكان مكتوب عليه «البطاقة الكشفية».
ويتابع:
- وفي تلك المرحلة، كنا نذهب في رحلات، وكنا نقدم بعض الاسكتشات بجهود فردية، وفي بعض المواسم كنا نقدم تلك الأعمال في المدرسة أمام الطلبة والهيئة التدريسية وبعض الأسر وأولياء الأمور.
مزيد من المعلومات والذكريات عن مرحلة المباركية
المباركية تحضرني بها ذكريات كثيرة، لانها كانت بمثابة ملتقى جميع شباب الكويت في تلك المرحلة، سواء من طلبة أو أساتذة، وكانت محطة حقيقية لجميع أبناء الكويت الراغبين في العلم والدراسة.
ويتابع:
بعدها انتقلت الى الشويخ، وأعطونا الكلية الصناعية، وأعطونا اسم «المباركية المؤقتة» من أجل الانتهاء من انشاء المباركية بالكامل...
وفي عام 1954 انتقلت مع أسرتي الى منطقة حولي وبالذات مدرسة حولي المتوسطة، وبقيت في المتوسطة اعوام 54-55-56-57-58 انتهيت من المدرسة المتوسطة، وفي مدرسة حولي المتوسطة تسلمت اذاعة المدرسة.
ماذا عن شباب تلك المرحلة في حولي؟
كان معنا عيال البناي وأبناء الشيخ عطية الأثري (الله يرحمه) وأبناء بوحمد وهم من عيال فريج حولي، وكنا في تلك المنطقة ايضا نعرض الأفلام السينمائية، وكان عندي ابن خالة يحضر الأفلام الجديدة ويعرضها لجميع أعياد الجيران، ومن جيراننا بوحمد بوعركي، وكما أعرف ان والد سليمان وحمد وسعود وجمال... بوحمد خالهم علي بوعركي وايضا زايد بوعركي، وكانوا في ذات المنطقة، ولا يبعدون عنا الا بما يقل عن نصف كيلو تقريبا وهنالك دائما في تواصل بين أبناء المنطقة والفريج والحي، نحن أهل.
لماذا انتقلت نسبة كبيرة من أهل الكويت الى منطقة حولي، ماذا كان بها من قبل؟
والدي، - رحمه الله - اشترى حوطة في حولي وكنا نحن في المرقاب، نذهب الى رحلات وكشتات، وكنا نأتي الى حولي، - ورحمه الله - كان باني بها - كبر وهو شيء يشبه العشة (كوخ) والحوطة كانت كبيرة، بحيث ان الوالد شكل منها ستة بيوت، وذلك لكبرها، هذا غير البيت الكبير الخاص بالحرم.
وكانت تلك الحوطة وبقية البيوت مبنية من الطين، وكان لتلك الحوطة باب من (التشينكو) «الصفيح» من بابين، وفي احد الأعوام، جاءتنا مطرة قوية، أمطار شديدة، هدمت الباب وخلعته، وسحبته من حولي الى قصر الشعب تقريبا، وكان بيتنا ليس بعيدا عن قصر الشعب، وتحولت المنطقة بكاملها الى بحيرة
كاملة...
ورحنا نبحث عن باب بيتنا... فهل تتوقع ان يتحرك الباب لمسافة تزيد عن الكيلومترين او ثلاثة كيلومترات، وقد استأجر يومها و«انيت كبير» وأعدنا الباب الى البيت...
في بيتنا وفي كل حولي كان يطلع النوير وهي زهور جميلة صفراء... وفي تلك الحوطة كنا نربي أغناما... بعدها حولها الوالد، - رحمه الله - الى بيت ومجموعة بيوت، والبيت الكبير كان فيه الحرم والديوانية وأشير هنا الى ان البيوت في السابق كانت داخل البيوت، وليس خارجها كما هي عليه اليوم، كانت الدواويين دائما داخل البيت.
وخارج البيت كان الرجال يجلسون خارج المنزل، امام الباب الرئيس، وذلك لحرارة الجو، وكانوا يضعون «تخت» للتسند عليه، وبعضهم يضع عنده «الاغراما فون - البشتخته» او المذياع لسماع القرآن الكريم، وعند وقت العصر يتم رش المياه من أجل ترطيب الجو، وذلك لدرجات الحرارة الشديدة في مواسم الصيف على وجه الخصوص. ويجتمع أهل الفريج في الغالب بعد صلاة المغرب او بعد صلاة العشاء للتسامر والحوار كأسرة واحدة هكذا كانت الكويت. ( لا حرمنا هذه البسمة )
حينما يذكر النجوم الكبار على المستوى المحلي والخليجي والعربي، فإن اسم الفنان القدير غانم الصالح، حتما سيكون في المقدمة، نموذج حقيقي للالتزام، والعمل الدؤوب، ومسيرة مقرونة بالجدية والاختيارات الفنية، التي زرعت بصماتها في وجدان المشاهد والحركة الفنية في العالم العربي، اقتدار فني، وخصوصية في الاختيارات والمعالجة، وخصوبة في العطاء، تكون ثراء التجربة وعمقها، وايضاً الانتماء الحقيقي للحرفة الفنية التي راح يؤكد عليها يوماً بعد آخر، وتجربة بعد أخرى، شذرات ابداعية، وبصمات مشرقة، واحتراف عالي المستوى، يكون على القيمة التي يمثلها هذا النجم، الذي منحنا المتعة بحضوره.. وأدائه.. ومقدرته على التقمص.. والانتقال من شخصية إلى أخرى وبلياقة فنية عالية المستوى، لا يبلغها إلا القلة. انجازات وذكريات وايضاً انتماء حقيقي للكويت الحبيبة، وفي حديث الذكريات، يطوف بنا في ذكريات الماضي، حيث يعود إلى الوراء، إلى أيام الطفولة حيث أحياء الكويت القديمة، وتداعي الذكريات عبر مسيرة نصف قرن من الزمان، شامخة بالتضحيات الكبيرة والوفاء للحرفة وأجيالها، هكذا هو الفنان القدير غانم الصالح، نموذج في كل شيء.. وبالذات الالتزام.. وهي رحلة في ذاكرة نجم الالتزام.
أشرت في الحلقة السابقة، إلى أن المغفور له والدكم قسم حوطة حولي التي كان يمتلكها إلى ستة بيوت؟
أجل، بعد ان انتقلنا من منطقة المرقاب، إلى حولي مع بداية 1954، وأشير إلى أن جملة البيوتات الكويتية في تلك الفترة كانت مقسمة إلى أقسام، بحيث يكون هناك حوش للحرم وحوش للديوانية وأيضاً هناك حوش للحيوانات المنزلية (غنم ودواجن وخراف) وحوش المطبخ بكل معداته وآخر للمرافق الصحية، كل شيء كان مرتباً، وحتى ضمن حوش الحرم، يكون كل شيء مرتباً، وحتى ضمن حوش الحرم، تكون (البركة) الجليب -، وتنزل المياه من السطوح إلى البركة حيث يتم تخزينها، وكنا في ذلك الوقت نخزن المياه للموسم بكامله، لأننا في تلك الفترة، لم نكن نعرف التناكر بشكلها التقليدي.
هل تحدثنا عن مدرسة حولي؟
هنالك ذكريات كثيرة لي في مدرسة حولي المتوسطة، وفي تلك المرحلة كان وكيلنا - الله يرحمه - عبدالوهاب القرطاس.
عذراً للمقاطعة، بعد عشرة أعوام تقريباً، وفي عام 1964 كان المرحوم المربي الفاضل عبدالوهاب القرطاس ناظراً لمدرسة المرقاب الابتدائية حيث كنت أدرس.
كان في عام 1954 وكيلاً لمدرسة حولي المتوسطة، وأنا كنت متسلماً للإذاعة المدرسية. وكنت في بداية كل يوم، أضع القرآن الكريم، وبعض الأناشيد الوطنية العربية، في ذلك الوقت.
عفواً للمقاطعة، في تلك الفترة هل انقطعت عن عبدالحسين عبدالرضا والمرحوم عبدالوهاب سلطان؟
نعم، بعد ان انتقلت إلى حولي في عام 1954، انقطع كل شيء، حتى التقينا لاحقاً، وقد بقيت في مدرسة حولي حتى عام 1958.
هل كملت؟
هنا تبدأ مرحلة جديدة، بعد أن أنهيت دراستي المتوسطة عام 1958، لم أعد أرغب في تكملة دراستي كلياً، لم أعد أحب المدرسة، وحتى اللحظة لا أعرف ما هو السبب، رغم أنني كنت شاطراً ومتميزاً وحريصاً على دراستي وواجباتي وإشادة المدرسين والمسؤولين بي أمام والدي وأسرتي أكثر من مرة. عندها بدأ الجميع يطلب مني أن أكمل دراستي، ولكنني كنت مصراً على رفضي.. «يا بن الحلال كمل.. الله يهديك كمل..» وأنا مصر على موقفي هذا وهو الاتجاه إلى الوظيفة والعمل في الحكومة.
ويتابع:
عندي عم - رحمه الله - كان اسمه «غانم» وكان ضابط مدنية، وهو أمر يقترب من المحافظ في ذلك الوقت، في الشرطة العامة، وكان ذلك في شارع فهد السالم، أيام المغفور له الشيخ عبدالله السالم، ذهبت إليه وطلبت أن أعمل، وكان ذلك في عام 1958.
أين كان أول عمل لك؟
سآتيك بالكلام، بعد أن حاول والدي أكثر من مرة، طلب مني أن أذهب إلى عمي غانم، وذهبت إليه، وأخبرته بأنني أكملت دراستي ولا أريد أن أكمل البقية وعندي رغبة في العمل في الحكومة.
وهو بدوره - رحمه الله - طلب مني أن أعود للدراسة بل وأصر، ولكنني أخبرته بموقفي، وعدم رغبتي في العودة للمدرسة لأنني أصبحت رجلاً، وأريد أن أعمل، كما كنت أعتقد في ذلك الوقت. وبعد محاولات، قام رحمه الله بالاتصال بوكيل وزارة العدل في ذلك الوقت، وطلب مني أن أعمل في وزارة العدل.
وذهبت إليهم، وسألوني هل أجيد الكتابة والقراءة، وعملوا لي اختباراً، ويومها أرسلوني إلى محكمة الاستئناف، وأول عمل لي كان سكرتير جلسة في محكمة الاستئناف في وزارة العدل، لأنهم في ذلك الوقت يريدون الشباب الذي يجيد القراءة والكتابة، من أجل كتابة محاضر الجلسات وكتابة قضايا الأحوال الشخصية، وقضايا الجنايات.
ما نوعيتها؟
هذا طلّق.. هذا تزوج.. هذا ضرب هذاك.. وغيرها من المشاكل، وايضاً قضايا القتل والزنا وغيرها من الحوادث اليومية، وكذلك قضايا الخمور، وأتذكر من تلك الحوادث الشهيرة حادثة (خميس) الذي قتل شقيقه، ويومها تلك القضية أثارت المجتمع في الكويت، ولاحقاً بعد سنوات، قدمنا تلك الحادثة في اطار درامي، وأنا مثلت دور خميس في ذلك المسلسل، الذي حقق يومها الكثير من النجاح والاهتمام لغموض الشخصيات في المسلسل وجسد دور شقيقي في المسلسل المرحوم حسين الصالح أما الزوجة فقدمتها الفنانة سعاد عبدالله. المهم أن أول عمل عملت به، كان سكرتير جلسة، وكان المرحوم حسين صالح (حسين الصالح الدوسري) كان يعمل أيضاً معنا في وزارة العدل، وكانت تربطني به علاقة صداقة وطيدة، وأنا كنت في المحاكم وهو كان في الوزارة.
في تلك الفترة، لاتزال لم تكن لك أي علاقة بالمجال الفني؟
نعم، سوى بعض الأعمال التي كنا قد قدمناها في المدرسة والكشافة وفي عام 1959 لم يكن قد بدأ أي شيء، في عام 1959 كما أسلفت عملت وفي عام 1960 تزوجت، وأيضاً أخذت رخصة قيادة السيارة (الليسن) في العام ذاته.
هل بينكم صلة قرابة؟
تقريباً، وأهلي راحوا واختاروها وهي أم صلاح، رفيقة مشواري وكل حياتي، وهي ترتبط بعلاقة قرابة بعمي، وصلة القرابة والدم موجودة، وتمت الموافقة بحمد الله، والحب والمحبة جاءت والحمد لله بعد الزواج، ونحن سوياً والله يحفظ هذه الأسرة.
ويتابع:
فيما يخص قيادة السيارة، أشير إلى أننا في السابق لم يكن لدينا سيارة، وكانت الوزارة ترسل لنا سيارة بوكس، من أجل تجميع الموظفين وإرسالهم إلى مواقع عملهم، ولاحقاً في نهاية الدوام نعودإلى منازلنا، وذلك بعد جولة تشمل مجموعة الموظفين ومنازلهم كل حسب مكانه، فكنا نأخذ الموظفين الذين يسكنون في حولي وهكذا بقية السيارات والموظفين.
وأنا كنت من سكان حولي.
ويكمل:
- وكما أسلفت عام 1960 تزوجت وأخذت الليسن، وفي عام 1961 دخلت المجال الفني في المسرح.
حدثنا هنا عن التفاصيل انت كنت موظفا تعمل في وزارة العدل، في المحاكم، كيف جاءت فكرة الذهاب الى العمل الفني؟ نريد تفاصيل.
تم الاعلان في الصحف، ان دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل بصدد انشاء مسرح فمن يجد في نفسه الكفاءة فليتقدم، ويومها لم أكن أعرف أي شيء عن المسرح، سوى تلك التجارب التي قدمتها في المدرسة والكشافة.
أ لم تكن لك أي اهتمامات أخرى في تلك الفترة... كرة قدم مثلا؟
لا... لا... كان كل تركيزي على الأفلام والاغاني وايضا بعض التجارب المسرحية، التي جعلتني أعشق ذلك الفن، وأن أعود اليه، وحينما قرأت الاعلانات وعرفت الأخبار، وجدت في الأمر ضالتي المنشودة بل وحلمي الحقيقي الذي كنت انتظره وأترقبه منذ سنوات طويلة، ولهذا تقدمت.
أين؟
في قاعة في منطقة القبلة، بالقرب من الكنيسة، تابعة لادارة الشؤون الاجتماعية.
بمن التقيت هناك؟
أولا كان هناك، - رحمه الله - زكي طليمات - عميد المسرح العربي، والأساتذة الذين كانوا معاه، وبدأت أتعرف على الوجوه، وكان هناك أصدقاء الأمس، عبدالحسين عبدالرضا وعبدالوهاب سلطان.
ألم يخبر أحدكم الآخر.. هل كل شيء تم بالصدفة؟
نعم، كل شيء تم بالمصادفة، اننا لم نلتق منذ أيام الابتدائية في المباركية، وذهابي الى حولي، وكان اللقاء الأول لنا عام 1961، في تلك الصالة، وفي مواجهة زكي طليمات... ويومها لم أكن أعرف سعد الفرج أو أي زميل آخر، سوى عبدالحسين وعبدالوهاب. وايضا كنت أعرف حسين الصالح، الذي كان يعمل معنا في الوزارة نفسها، ووجدته في المكان نفسه، جاء لينضم الى الفرقة الجديدة.
ويتابع:
- يومها تقدم أكثر من (400) شاب، وتم اجراء اختبار للجميع.
ما هو الاختبار الذي قدمته؟
قصيدة... هي من المحفوظات للشاعر أحمد شوقي تقول:
عصفورتان في الحجاز حلتا على فنن
في خامل من الرياض لا ند ولا حسد
وقد ألقيت تلك القصيدة بالقاء خاص... وبعدها قال لي المرحوم زكي طليمات... أحسنت... وتم تصفية المتقدمين الاربعمئة الى ما يقرب المئة.
هل كان لديك الخوف من الاّ يتم قبولك؟
كان الاندفاع شديدا، لقد قدمت كل شيء في ذلك الالقاء وايضا خلال الحديث مع زكي طليمات والاساتذة الذين كانوا معه، وأخبرتهم بحبي الشديد للمسرح وعشقي له، ورغبتي في ان انضم الى عالم المسرح وأصقل موهبتي، وكان لدي الرغبة الشديدة، وهم بما يمتلكون من خبرة ومعرفة بالآخرين، جاءت اختياراتهم أكثر من موفقة، بدليل ان جملة الذين تم اختيارهم باتوا لاحقا نجوم الحركة الفنية في الكويت والمنطقة، ولم يكن يخطر ببالي موضوع الرفض، لانني كنت واثقا مما قدمت، وكنت واثقا من التعبير عن حبي وعشقي لهذا الفن الذي عشقته منذ أيام طفولتي... كنت أعيش احساسا داخليا، بانه سيتم قبولي، وبأنني سأدخل عالم المسرح هذا الفن الجديد، وعلى يد أساتذة متخصصين في عالم المسرح، وعلى رأسهم عميد المسرح العربي في ذلك الوقت الاستاذ زكي طليمات.
ويستطرد:
- يوم ذهبت الى تلك التجربة، أتذكر جيدا، بانني يومها لم أكن أرتدي «العقال» مجرد غترة وكلي شوق كبير لدخول عالم المسرح، وهناك التقيت مع عدد من شباب الكويت، الذين كنت أعرف بعضهم، وتعرفت على بقيتهم في أثناء التواجد...
كلنا جئنا من أجل حب المسرح، وتوجد عندي صورة جماعية، ترصد تلك الفترة وتصفها، وكنا جميعا نضع الغترة فقط، بدون عقال، لاننا كنا لا نزال شبابا... لقد كنت أعيش الاحساس بان هذا المجال هو مجالي، وهذا العالم هو عالمي، وهذه الحرفة هي حرفتي، رغم انني كنت موظفا في الدولة، وكنت متزوجا ومستقرا، والحمد لله...
ولكن عالم المسرح جذبني اليه، حتى انني نسيت كل شيء، من أجل تلك اللحظة التي سيتم خلالها الاعلان عن اسماء المقبولين لدخول تلك الفرقة والعمل والتدريب مع زكي طليمات. ( مستطردا ً في حديثه )
حينما يذكر النجوم الكبار على المستوى المحلي والخليجي والعربي، فإن اسم الفنان القدير غانم الصالح، حتما سيكون في المقدمة، نموذج حقيقي للالتزام، والعمل الدؤوب، ومسيرة مقرونة بالجدية والاختيارات الفنية، التي زرعت بصماتها في وجدان المشاهد والحركة الفنية في العالم العربي، اقتدار فني، وخصوصية في الاختيارات والمعالجة، وخصوبة في العطاء، تكون ثراء التجربة وعمقها، وايضاً الانتماء الحقيقي للحرفة الفنية التي راح يؤكد عليها يوماً بعد آخر، وتجربة بعد أخرى، شذرات ابداعية، وبصمات مشرقة، واحتراف عالي المستوى، يكون على القيمة التي يمثلها هذا النجم، الذي منحنا المتعة بحضوره.. وأدائه.. ومقدرته على التقمص.. والانتقال من شخصية إلى أخرى وبلياقة فنية عالية المستوى، لا يبلغها إلا القلة. انجازات وذكريات وايضاً انتماء حقيقي للكويت الحبيبة، وفي حديث الذكريات، يطوف بنا في ذكريات الماضي، حيث يعود إلى الوراء، إلى أيام الطفولة حيث أحياء الكويت القديمة، وتداعي الذكريات عبر مسيرة نصف قرن من الزمان، شامخة بالتضحيات الكبيرة والوفاء للحرفة وأجيالها، هكذا هو الفنان القدير غانم الصالح، نموذج في كل شيء.. وبالذات الالتزام.. وهي رحلة في ذاكرة نجم الالتزام.
هل كنت قبل تلك الفترة تحضر عروضا مسرحية، مما كان يقدم في السابق؟
أجل، وكنت أتابع الكثير من الأعمال المسرحية التي كان يقدمها الرعيل الاول، وأستطيع ان أقول باننا الجيل الثاني للحركة المسرحية، بعد الرعيل الأول، وهذا أمر يجب التأكيد عليه، ان هناك رعيلا أول، قدم العروض المسرحية الاولى في الاربعينيات والخمسينيات ولا بد من الاشارة الى أسماء محمد النشمي وعقاب الخطيب ود. صالح العجيري وعبدالرزاق النفيسي...
هؤلاء هم الجيل الذي سبقكم؟
نعم... نعم... هؤلاء وغيرهم من الجيل الذي سبقنا في المسرح، وهو يعتبر الرعيل الاول، والجيل المؤسس للمسرح في الكويت ومنطقة الخليج العربية، ونحن جئنا بعدهم في مطلع الستينيات... والريادة تسجل لذلك الجيل الذي نكن له كل العرفان على مبادرته وعمله من أجل تأسيس الحركة المسرحية في الكويت.
ويتابع:
وبهذه المناسبة، بودي ان أشدد على أهمية التوقف لتكريم مسيرة تلك المجموعة الرائدة، التي ضحت من أجل ميلاد الحركة المسرحية، وبدأت مشوارها في الاربعينيات ولربما قبل ذلك، عبر جهود فردية مخلصة لعشقها للمسرح، وقد قدمت تلك الاعمال على صالات المدارس في تلك المرحلة من تاريخ الكويت، ومن تلك الأعمال التي راحت تتردد في تلك المرحلة مسرحيات «مدير فاشل» وقد شاهدت عددا من تلك الاعمال المسرحية، التي كانت تستحوذ على الاقبال والاهتمام من جميع قطاعات المجتمع الكويتي.
ان حبي لهذا الفن، جعلني اتواصل معه، سواء من خلال بعض الأعمال المسرحية التي شاركت بها أيام المدرسة والكشافة، أو لاحقا، من خلال المشاهدات عبر ما كان يقدم في تلك الفترة من أعمال وعروض، وأشير الى انني شاهدت أكثر من عرض في مدرسة الصديق، وكان الازدحام لا يوصف...
ويتابع:
لقد كانت تلك الاعمال تتصدى لقضايا وموضوعات جريئة، بل غاية في الجرأة والنقد، لقد كان هناك الارتجال الفني الرصين، لقد كانوا يتفقون على محاور أساسية للعرض والموضوع، ثم يأتي الارتجال في لحظة العمل، ولكن ضمن السياق الفني..
ولهذا فان قصة المسرح في الكويت، هي منذ القدم، وليست كما يقال، بانها في بداية الستينيات، أنا جزء من مرحلة الستينيات، وأستطيع التأكيد بان المسرح بدأ قبلنا، وهذه الحقيقة يجب التأكيد عليها وتوثيقها دائما، لانها تمثل لنا زادا ورصيدا وامتدادا وعمقا فنيا نفتخر به ونعتز.
انها تجارب تعود الى الثلاثينيات والاربعينيات والخمسينيات وحينما جئنا، رحلنا لنكمل المسيرة، ولكن بصيغ ومعطيات فنية ذات أبعاد منهجية حقيقية، ولكن هذا لا يلغي مسيرة الرعيل الاول.
دعنا نعود الى موضوع ذهابكم الى الاختبارات أمام الراحل زكي طليمات؟
أجل، لقد ذهبت الى الاختبار او التصفيات، وتم تصفية الاربعمئة، الى قرابة المئة، ثم أعيدت تصفية الاسماء حتى وصل العدد الى خمسين، وهؤلاء، تقريبا، الذي التحقوا في فرقة المسرح العربي، ومثلنا اول مسرحية هي «صقر قريش»، على مسرح ثانوية الشويخ عام 1961.
هل كان الخمسون فنانا شبابا؟
تقريبا... بعضهم كان على الخشبة، وآخرون في المجالات الفنية والتقنية وغيرها، والمسرح ليس مجرد ممثلين، بل فريق عمل متكامل، والمسرح هو أبو الفنون حيث تجتمع جميع الفنون تحت ستارته.
ويتابع:
وفي هذا المجال، أشير مثلا الى ان حسين الصالح الدوسري اتجه الى الاخراج، بداية كمساعد مخرج، ثم مخرجا... وهناك عناصر اتجهت للانتاج، والعمل خلف الكواليس... وأنا كنت أقوم في العمل بدور ثانوي وليس بطولة، ولكنني أعتز بذلك الدور وتلك التجربة، التي فتحت الطريق أمامي للاستمرارية في المجال الفني.
ويتابع:
وأستطيع ان أقول، بان تلك الكوادر التي يبلغ عددها الخمسين كادرا تقريبا، هي التي شكلت النواة لتأسيس المسرح على قواعد وأسس منهجية صحيحة، وكان ذلك في عام 1961.
ويؤكد:
هناك تواريخ حاسمة في حياتي 1959، 1960، 1961، ثلاث سنوات وثلاثة تواريخ مهمة في حياتي العمل والزواج والفن، وهي تواريخ أحدثت تغييرات في حياتي.
ففي عام 1959 بدأت العمل (في وزارة العدل) و1960 الزواج والارتباط مع أم العيال وتكوين الأسرة وتحمل المسؤولية، 1961 دخول المجال الفني ومن خلال المسرح... انها التواريخ الأساسية في انطلاق رحلتي الانسانية والعملية والحرفية كفنان.
وماذا عن التلفزيون؟
بدأ التلفزيون في أواخر عام 1961 وبداية 1962.
متى بدأت تشعر بان الجمهور بدأ يعرفك في الشارع؟
مع بداية التلفزيون... في بداية عام 1962.
والآن، بوصلاح، هل تحدثنا عن أبرز نقاط التحول في مشوارك ومسيرتك الفنية، بعد كل هذه السنوات الطويلة؟ ودعني أحدد مثلا، دورك في مسرحية «علي جناح التبريزي ونابعة قفة» بدور قفة مع المخرج الراحل صقر الرشود وفي التلفزيون دورك في سهرة «الاحتقار» لا لبرتو مورافيا مع سعاد عبدالله وسعد الفرج... هذه نقاط التحول... هل تحدثنا في هذا المجال.
بداية نقاط التحول، كانت في عام 1962، كنا نعمل يومها بروفات تمثيلية تلفزيونية بعنوان «لا فات الفوت ما ينفع الصوت»، في الصالة نفسها التي كنا نعمل بها بروفات المسرحيات في الشويخ، وكان متواجدا معنا محمد ناصر السنعوسي.
ويتوقف ليقول:
بمناسبة الحديث عن محمد ناصر السنعوسي أشير إلى أن السنعوسي حضر أيام ما كنت طفلاً صغيراً، وأنا في مدرسة المرقاب، كان يحضر حفلات السمر مع صديق عمره «ثامر السيار»، وكانا أكبر منا سناً، ويحرصان على مشاهدة جميع الأنشطة الفنية ومعرفة كل ما يقدم في هذا المجال.
وهذا ما راح يتواصل معهما خلال بقية مشوارهما، وقد قدما العديد من الأعمال المشتركة والاسكتشات المشتركة، لهذا لم يكن مستغرباً وجود محمد ناصر السنعوسي يومها لمشاهدة بروفات «لا فات الفوت ما ينفع الصوت».
وحينما ذهب إلى ادارة التلفزيون والعمل هناك، طلب منا أن نسجل تلك التمثيلية التي كان قد شاهدها لأن تصور في ستديوهات التلفزيون.. وهي أول تمثيلية تسجل على فيديو في تلفزيون الكويت.. وكنا في التمثيلية عبدالحسين وسعد وأنا وحسين الصالح وعبدالله الخريبط.
هل المرحوم عبدالله خريبط كان معكم ولم يكن في فرقة المسرح الشعبي؟
لا.. لم يكن هناك فرقة المسرح الشعبي، والتي أسست لاحقاً، كنا جميعاً تحت مظلة فرقة واحدة، وقد سجلت التمثيلية عام 1962 في التلفزيون، وقبلها كانت تقدم عروضها على الهواء فرقة «بوجسوم» من دون تسجيل، واحنا قدمنا أول عمل يسجل رسمياً وقد أعيد عرض تلك التمثيلية مرات عدة.
ويتابع:
بعد «لا فات الفوت» بدأنا بتقديم التمثيليات القصيرة مثل «الديوانية» و«رسالة» وهو برنامج اسبوعي طور علاقتنا مع الجمهور، بحيث كنا نظهر وبشكل اسبوعي من خلال أعمال وشخصيات وقضايا مختلفة، وبالذات المشاكل والقضايا التي كنا نقدمها في اطار درامي، وكانت تقدم البرنامج المرحومة «لطيفة الرجيب» وتعددت الأعمال الدرامية، حيث كان هناك برنامج «دنيا الأسرة» الذي كانت تعده وتقدمه الإعلامية القديرة الأخت فاطمة حسين ومعها قدمنا الكثير من الموضوعات بشكل درامي.
والمربية الفاضلة السيدة (أنيسة جعفر) - ماما أنيسة - كانت تقدم بعض الفقرات الدرامية، ضمن برنامجها «مع ماما أنيسة» أو «جنة الأطفال». وهذه البرامج اعتمدت على أعمال درامية، ولكن يومها لم يكن هناك مسلسلات، كل تلك البرامج شكلت الأرضية والقاعدة للتعريف بكوادر وعناصر الوسط الفني.
والمسلسلات؟
المسلسلات بدأت بعد ذلك الوقت بعامين أو ثلاثة، وعلى نظام الدورة التلفزيونية، والتي تتكون من ثلاثة أشهر وهذا يعني (13) حلقة. وأول مسلسل قدمناه كان «بيت بلا رجل» (رب البيت) وكنا في المسلسل المرحوم خالد النفيسي وأنا وعلي البريكي، وفي المقابل كانت هناك بعض الأعمال الكوميدية التي يقدمها الفنان عبدالحسين عبدالرضا ومحمد جابر (العيدروسي) وعبدالعزيز النمش (أم عليوي) منها عدد من الأعمال على شكل اسكتشات ومنها «مذكرات أم عليوي» وغيرها من الأعمال الدرامية.
وهل كان تواصلكم مستمراً في فرقة المسرح العربي؟
أجل، كنا نعمل في التلفزيون ومسلسلاته في فترة النهار وكنا نلتقي في الليل في المسرح العربي، وحتى عام 1962 كنت تحت حضانة الراحل زكي طليمات، وقدمنا العديد من الأعمال المسرحية التاريخية المأخوذة من المسرح العربي، حتى عام 1964 جاءت النقلة الجديدة.
هل تحدثنا عن هذه النقلة؟
النقلة الكبيرة والمهمة، كانت عام 1964 من حضانة زكي طليمات، إلى أن يتولى شباب المسرح في الكويت وفي فرقة المسرح العربي من خلال مسرحية «عشت وشفت» 1964، ويكون الفريق بكامله محلياً اخراجاً وتأليفاً وتمثيلاً، وهي أول باكورة الأعمال المحلية التي قدمتها فرقة المسرح العربي.
الفريق.. يومها؟
سعد الفرج كتب النص وحسين الصالح الدوسري أخرج العمل وتمثيل عناصر فرقة المسرح العربي.
ماذا عن النقلة الثانية؟
النقلة الثانية جاءت مع تأسيس قسم التمثيليات وتولاه يومها الفنان سعد الفرج.. وأنا انتقلت عام 1964 من المحاكم إلى التلفزيون، حتى أكون قريباً من العمل في الدراما التلفزيونية، ولعل السبب الرئيس وراء انتقالي من المحاكم إلى التلفزيون هو أنني كنت أظهر في الليل في عدد من الأعمال التلفزيونية، وفي النهار أكون إلى جوار المحامين والقضاة، ولهذا قررت الانتقال الى التلفزيون، وظلت تربطني علاقات وطيدة مع الذين عملت معهم في بداية مشواري في المحاكم.
وفي الفترة ذاتها أيضاً بقيت أعمل بين المسرح (فرقة المسرح العربي) وأيضاً تلفزيون الكويت وأيضاً اذاعة الكويت. وأيضا ً ( مسترسلا ً في حديثه ) * بلا شك حديث لا يمل
حينما يذكر النجوم الكبار على المستوى المحلي والخليجي والعربي، فإن اسم الفنان القدير غانم الصالح، حتما سيكون في المقدمة، نموذج حقيقي للالتزام، والعمل الدؤوب، ومسيرة مقرونة بالجدية والاختيارات الفنية، التي زرعت بصماتها في وجدان المشاهد والحركة الفنية في العالم العربي، اقتدار فني، وخصوصية في الاختيارات والمعالجة، وخصوبة في العطاء، تكون ثراء التجربة وعمقها، وايضاً الانتماء الحقيقي للحرفة الفنية التي راح يؤكد عليها يوماً بعد آخر، وتجربة بعد أخرى، شذرات ابداعية، وبصمات مشرقة، واحتراف عالي المستوى، يكون على القيمة التي يمثلها هذا النجم، الذي منحنا المتعة بحضوره.. وأدائه.. ومقدرته على التقمص.. والانتقال من شخصية إلى أخرى وبلياقة فنية عالية المستوى، لا يبلغها إلا القلة. انجازات وذكريات وايضاً انتماء حقيقي للكويت الحبيبة، وفي حديث الذكريات، يطوف بنا في ذكريات الماضي، حيث يعود إلى الوراء، إلى أيام الطفولة حيث أحياء الكويت القديمة، وتداعي الذكريات عبر مسيرة نصف قرن من الزمان، شامخة بالتضحيات الكبيرة والوفاء للحرفة وأجيالها، هكذا هو الفنان القدير غانم الصالح، نموذج في كل شيء.. وبالذات الالتزام.. وهي رحلة في ذاكرة نجم الالتزام.
هل تحدثنا عن فرقة المسرح العربي؟
فرقة المسرح العربي هي بيت جميع الفنانين، وعبر مسيرته ظل محافظاً على ذلك الموقع والمكانة، وقد حدثت كثير من النقلات، إلا أن الفرقة ظلت مقرونة بالتميز والتفرد والأجيال التي تكمل بعضها البعض. ومنذ البداية كانت هناك قفزات فنية عريضة، وكانت البطولات لعناصر ونجوم الفرقة، كما استضفنا عدداً من نجوم ونجمات المسرح المصري، وتم اشراكهم في أعمال فنية مسرحية مشتركة، وكان مجلس ادارة الفرقة مشكلاً من كبار الأعضاء والنجوم، وكان هناك تنافس شديد بين الفرق المسرحية الأربع التي تشكلت بعد تأسيس فرقة المسرح العربي، وأصبحت هناك فرق المسرح الشعبي والخليج العربي والكويت.
ويتابع:
- وكانت فرقة مسرح الخليج العربي، تقدم العروض المسرحية باللغة العربية الفصحى، والمأخوذة من الأدب العالمي ولكنهم بعد فترة تركوا تلك العروض لتقديم الأعمال المسرحية ذات البعد الشعبي، وقدموا أعمالاً ناجحة جماهيرياً وفنياً.
وأستطيع أن أقول بان المنافسة كانت عالية، والموسم المسرحي لا يكاد يهدأ، منافسة عالية جداً، ولا أدري على قوة العروض التي كانت تقدم وعلى الطرح والموضوعات والجمهور الذي كان على مستوى رفيع، لماذا تغير كل ذلك.
ويؤكد: لقد كانت علية القوم تحرص كل الحرص على التواجد والحضور والمشاركة والتحاور معنا، من وجهاء وتجار البلد إلى الوزراء والنواب والصحافة والإعلام والمسرح كان مليئاً من الشخصيات والشيوخ وحتى رجال الدين كانوا يحضرون عروضنا، وكان للمسرح أثره في عملية النهضة والتطور الذي عاشته الكويت في تلك المرحلة المهمة من تاريخها، وسيظل تاريخ الكويت يحتفي بتلك الأعمال الكبيرة والخالدة في تاريخ المسرح.
دعني أسألك عن أهم وأبرز المحطات في مسيرتك الفنية بالذات المسرح؟
كما أخبرتك النقلة في أعمال عام 1964، وبالذات من مرحلة (1961 - 1964) وأقصد مراحل الأعمال التاريخية ومنها إلى أول عمل مسرحي كويتي شعبي (عشت وشفت) نص مكتوب وفريق عمل كويتي مئة في المئة. ثم فرقة المسرح الأهلي مع مسرحية «علي جناح التبريزي وتابعه قفة» تأليف ألفريد فرج وإخراج المرحوم صقر الرشود.
هل تحدثنا عن «التبريزي»؟
أجل تم تأسيس فرقة تابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب تحت مسمى «فرقة المسرح الأهلي» وكانت باكورة انتاجها مسرحية «علي جناح التبريزي» عام 1975 من تأليف ألفريد فرج وإخراج الراحل صقر الرشود ومشاركة أكبر عدد من نجوم المسرح، الفرق المسرحية الأهلية الأربع، واعتبر تجربتي في «التبريزي» نقلة مهمة في مسيرتي الفنية أولاً لأننا أمام عرض مسرحي عربي بنكهة كويتية، وتلك الجولة الفنية العربية الشاملة التي قمنا بها اعتبارا من مهرجان دمشق المسرحي ومنها إلى تونس ثم القاهرة وجولة عربية شاملة، ثم أعيد عرض المسرحية في الكويت مجدداً.
وقد رسخت تلك المسرحية اسم الكويت في المهرجانات والملتقيات المسرحية، لأنها جاءت بنكهة وصياغة فنية ومسرحية بها الكثير من الخصوصية. وقد جسدت شخصية «قفة» وأحمد الله، التي وفقت في تقمص تلك الشخصية بكل مضامينها وأبعادها الفكرية والإنسانية والاجتماعية واسقاطاتها السياسية.
وبقية النقلات المهمة؟
بعد ذلك جاءت تجربتي مع المسرح الخاص «التجاري» والبداية كانت مع الفنان محمد الرشود والفنان عبدالعزيز المسلم، فمع الرشود قدمت مسرحية «لولاكي» و«الكرة مدورة» ومع المسلم قدمت مسرحاً يختلف في شكله ومضمونه عن بقية ما قدمت من قبل، وهو ما يسمى بمسرح الرعب، ووجدتها نقلة في الطروحات والموضوعات الاجتماعية، الى كوميديا الرعب والاستفزاز والفانتازيا في الرعب في مسرحيات «البيت المسكون» وغيرها من الأعمال التي تعاونت خلالها مع الفنان عبدالعزيز المسلم.
هل ننتقل إلى التلفزيون، وبالذات أبرز الأعمال الدرامية؟
بالنسبة للتلفزيون، البداية كما أسلفت مع برامج وتمثيليات ومسلسلات مرحلة «الأسود والأبيض» وهذه الفترة تضمنت كماً من المسلسلات الاجتماعية والتاريخية والدينية والتراثية.. إلى برامج أسبوعية مثل «رسالة» و«مشكلة وحل» إلى السهرات ذات الأجزاء، إلى المسلسلات الطويلة (13) حلقة لدورة تلفزيونية كاملة، ثم جاءت النقلة مع المسلسلات من (13) حلقة إلى (30) حلقة.
واعتبر أبرز النقلات في المسلسلات الطويلة بالذات، عام 1982 مع مسلسل المغامرات «كامل الأوصاف» ثم بعده نقلة مع المسرح التجاري في مسرحية «باباي لندن» والتي اعتبرها من المحطات الهامة والبارزة، والتي تشكل نقلة، في توسيع دائرة حضوري وانتشاري، من الفضاء المحلي، الى الفضاء العربي الأوسع والأشمل، وهذه التجربة كانت مع الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا.
ويتابع:
في عام 1983 قدمنا مسرحية «فرسان المناخ»، ثم عدت للتلفزيون من جديد، حيث قدمت مسلسل «خرج ولم يعد» و«خالتي قماشة» و«عاد ولكن... وازعاج» واعتبرت هذه الفترة هي الفترة الذهبية عامرة بالأعمال التلفزيونية الناجحة وايضا العروض المسرحية المهمة، لقد كان ايقاع الحركة الفنية والانتاج الفني في تلك المسرحية «مسرحيا وتلفزيونيا» في غاية الارتفاع والخصوبة، وهي مرحلة ذهبية بالنسبة لي وايضا بالنسبة للنسبة الأكبر من أبناء كوادر الحركة الفنية في الكويت.
ويؤكد:
لقد كان تقبل الجمهور للأعمال الفنية عاليا، وقودنا المحبة والشغف والدعم، وجدير بالذكر ان جميع تلك الأعمال لاتزال تعرض وبنجاح متواصل، لما تحمله من فكر ومضامين ومواجهتها مع المواقع برمزية عالية وطرح فني ساخر يحترم وعي المشاهد ونضجه، كما ان تلك الأعمال كانت تحمل عناصر التكامل، في الأداء والموضوع والاخراج وهنا أشير الى الدور الذي قام به الراحل «حمدي فريد» الذي أثرى الدراما الكويتية بأعماله الخالدة، وهذا أمر لا ينكر، ولابد من التوقف عنده، واسترجاعه بكثير من الاحترام، وجملة نجوم الحركة الفنية في الكويت عملوا في أعماله، وساهمت تلك الأعمال في انتشارهم وترسيخ حضورهم وتأكيد نجوميتهم.
لا أريدك ان تنسى الاذاعة، وأنت أحد فرسانها وأبنائها... هل تحدثنا عن الاذاعة خلال مسيرتك ومشوارك؟
طبعا لا يمكن ان ننسى الاذاعة ودورها، وهذا يجعلني أعود الى الوراء مجددا، الى عام 1962، وأول مشاركاتي كانت في مسلسل «أمثال شعبية» عام 1962 مع الأديب خالد سعود الزيد (رحمه الله) وكان يخرج ذلك البرنامج د. نجم عبدالكريم، ثم مع الفنان عبدالأمير التركي في عدد من الأعمال التاريخية، ومع الأساتذة الكبار الذين يجب الاّ ننساهم، ومنهم علي الزفتاوي وأحمد سالم... وكانت الاذاعة يومها في أوجها...
وفي اطار الاذاعة من الستينيات حتى السبيعينيات، حيث تأتي البرامج والمسلسلات ذات الحلقات الطويلة، ومنها عدد من البرامج التي لاتزال تعرض، مثل «نافذة على التاريخ» ونجوم القمة وايضا هنالك أعمال عن الصحابة والمسلسلات والبرامج الخاصة بالمناسبات الوطنية.
لقد أخذت الاذاعة منا الكثير من الوقت...
من هم أبرز نجوم الاذاعة؟
جملة النجوم الذين عملوا في الوسط الفني، ولكن هناك عددا من النجوم الشوامخ في الاذاعة، وأمام الميكروفون على وجه الخصوص، ومنهم الراحل صقر الرشود باقتداره باللغة العربية، وهو من أعمدة الاذاعة وهو مبدع فني من الطراز الأول والفنانة الكبيرة سعاد عبدالله وايضا الفنانة الكبيرة حياة الفهد والراحل علي المفيدي وايضا عبدالامام عبدالله وخالد النفيسي وابراهيم الصلال وأحمد الصالح وجاسم النبهان وكاظم القلاف... ولم يكن هناك مسلسل برنامج اذاعي دون ان يكون لاحد منهم حضوره وبصمته وأشير الى ان الاذاعة حصدت كثيرا من الجوائز العالمية والعربية، وقد رسخت بأعمالها الدرامية اسم الكويت عند المستمع في أنحاء العالم العربي، عبر تلك الاعمال الدرامية المكتوبة والمخرجة بعناية وحرفية عالية المستوى.
ويكمل:
لقد تميزت أعمالنا الاذاعية بلغتها العربية وقوة الأداء للنجوم الكبار والاخراج الذي يمتاز بالاحتراف والتجديد...
ماذا عن أبرز المخرجين؟
علي الزفتاوي وأحمد سالم وعبدالعزيز الفهد وعبدالأمير التركي والمرحوم فهد الأنصاري وهم الأساتذة في مجال الاخراج الاذاعي، والذين كانوا وراء أكبر عدد من المسلسلات المهمة، وهم من قامت الدراما الاذاعية على أكتافهم.
ويستطرد:
لقد كان ولا يزال للاذاعة ونجومها وفريقها عناصرها الخاصة، كنت ولا نزال نلتقي ونتواصل في ستديوهات الدراما ومنها «ستديو صقر الرشود» والذي حمل اسم الرشود تقديرا لتاريخه ومكانته ودوره على المستوى الاذاعي على وجه الخصوص، واستطيع ان أقول ان عناصر الدراما الاذاعية هم أسرة واحدة عامرة بالأسماء والأجيال التي تكمل بعضها البعض، واليوم بيننا عدد من النجوم والأصوات الشابة التي راحت تكمل مسيرة الدراما الاذاعية التي اتشرف بالانتماء اليها.
حينما يذكر النجوم الكبار على المستوى المحلي والخليجي والعربي، فإن اسم الفنان القدير غانم الصالح، حتما سيكون في المقدمة، نموذج حقيقي للالتزام، والعمل الدؤوب، ومسيرة مقرونة بالجدية والاختيارات الفنية، التي زرعت بصماتها في وجدان المشاهد والحركة الفنية في العالم العربي، اقتدار فني، وخصوصية في الاختيارات والمعالجة، وخصوبة في العطاء، تكون ثراء التجربة وعمقها، وايضاً الانتماء الحقيقي للحرفة الفنية التي راح يؤكد عليها يوماً بعد آخر، وتجربة بعد أخرى، شذرات ابداعية، وبصمات مشرقة، واحتراف عالي المستوى، يكون على القيمة التي يمثلها هذا النجم، الذي منحنا المتعة بحضوره.. وأدائه.. ومقدرته على التقمص.. والانتقال من شخصية إلى أخرى وبلياقة فنية عالية المستوى، لا يبلغها إلا القلة. انجازات وذكريات وايضاً انتماء حقيقي للكويت الحبيبة، وفي حديث الذكريات، يطوف بنا في ذكريات الماضي، حيث يعود إلى الوراء، إلى أيام الطفولة حيث أحياء الكويت القديمة، وتداعي الذكريات عبر مسيرة نصف قرن من الزمان، شامخة بالتضحيات الكبيرة والوفاء للحرفة وأجيالها، هكذا هو الفنان القدير غانم الصالح، نموذج في كل شيء.. وبالذات الالتزام.. وهي رحلة في ذاكرة نجم الالتزام.
وأنت تتحدث على مدى الحلقات الماضية، هل تحدثنا عن المرأة في حياتك... بمعنى أدق... كلمني عن والدتك (رحمها الله)؟
وبعد نفس طويل... وكأنه يستعيد الذكريات... قال... والدتي «رحمة الله عليها»، من أهل الله... الانسانة سيدة البيت وراعية بيت... وامرأة كانت مكافحة فعلا لان والدنا «رحمة الله عليه» كان يدخل البحر، وهي من يتحمل المسؤولية بالكامل.
ويتابع:
والدي كان غواصا، يذهب الى البحر خلال فترة الصيف، لمدة ستة أشهر كاملة، وفي أحيان في فترة الشتاء مع سفن التجارة (أيام السفر) والأمهات في الكويت، كما هو شأن أمي «رحمها الله» هي من تربي الأبناء وتسهر على راحتهم وتربيتهم وتعليمهم ورعايتهم...
ان المرأة في الكويت، كانت ولاتزال تقوم بدور كبير في بناء الأسرة والمجتمع، وتتحمل المسؤوليات الكبيرة من أجل المحافظة على الأسرة...
أتذكر جيدا، ان والدتي (رحمها الله) كانت تسهر على راحتنا، وكانت تذهب الى السوق لشراء احتياجاتنا اليومية، وهي من تقوم ايضا بالطبخ والاهتمام بالبيت واخوتي واخواتي، وهي المسؤولة عن كل شيء في البيت «تطبخ... وتحلب الأغنام... وتنظف المعيشة... في تلك الفترة من تاريخ الكويت... أمهات الكويت أبطال حقيقيات... تعبن.. وعندما كبروا ظهر عليهم التعب والارهاق وسرعان ما أتعبهن المرض والكبر... أمهاتنا تعبوا في شبابهم وحياتهم، وكانت سعادتهم في رعاية الأبناء والسهر على البيت... الحياة كانت قاسية، بل وقاسية جدا، ولم يكن هناك الترفيه او الخدم... قلة من كان عندهم خادم... او «صبي» والحريم (النساء) هم من كان يقوم بكل شيء وكن يتحملن جميع المسؤوليات، وهي بلا أدنى شك مسؤوليات كبيرة ومرهقة، كما ان البيت في السابق كان «حمولة» - ليس نفراً أو نفرين - أسرة كبيرة، بيوتات الكويت السابقة عبارة عن أسرة كبيرة تتحمل الأم مسؤولياتها بالكامل، الأب وأبنائه واخوته وخواته وأمه، والمرأة عليها ان تتحمل وتقوم بجميع المسؤوليات من طبخ... وغسيل... وتخبز... وتحلب... وتجهز كل شيء... وتذهب الى السوق للتسوق، أمي كانت (رحمها الله) من تلك النوعية المجاهدة.
رحم الله والدتك... والآن أشكرك على هذه الاستفاضة، هل تحدثنا بوصلاح عن السيدة حرمكم (أم صلاح)؟.
أم عيالي (حفظها الله) على النهج نفسه، وقد عاشت التعب بطريقة حديثة، (مودرن) تحملت المسؤوليات ورعت الأسرة والأبناء، وقد عاشت في أجواء أسرية متفتحة وحديثة، وعاشت في أجواء من الخير والرفاهية، ولكنها في الحين ذاته، تحملت كل المسؤوليات، لطبيعة عملي وظروفي من ارتباطات وسفر وتصوير، لقد كانت رفيقة المشوار وسندي ولولا الاستقرار في منزلي، لما كان ذلك النجاح وما كانت تلك المسيرة.
ما أعرفه، ويعرفه الجميع بانك رجل بيتوتي ملتزم، بمعنى انك حينما تكون من دون تصوير، لا تكون الا بين أسرتك وأهلك... ليس هناك (عفوا) ديوانية... أو غيرها؟
أنا لا أذهب الى الديوانيات.
ليش؟
الأسباب... يعورون القلب... ويرفعون الضغط... كلام.. في أحيان كثيرة ليس له معنى، مع الاحترام الشديد لديوانيات الكويت الأصيلة والتي تحفل بلقاء الأخيار وأهل الكويت الكرام ورجالاتها، ولكن هذه قلة، اما بقية الديوانيات وللأسف، فهي كلام... ولغو... وأنا لا أحب النميمة... أو القيل والقال...
ويتابع:
الشيء الثاني، ان ما يدور في الديوانيات ما هو الا ترويح وتنفيس، ولكن في بعض الاحيان تتجاوز الحدود، في أحاديث لا تغني... ولا تنفع...
ويكمل: لقد وضعت الديوانيات في الأصل، لتكون نافذة على الحوار والتواصل بين أبناء الحي، لمعرفة قضاياهم واحتياجاتهم، صورة مصغرة حديثا من مجلس الأمة، ونوضع الديوانيات لحل قضايا عيال الفريج ويتم التوصية بمساعدة بيت فلان او زيارة فلان المريض او الذي عنده وفاة وغيره من الموضوعات الايجابية... ولكن الديوانية اليوم تغيرت، الكلام كثير... والأحاديث في أغلبها غير مفيدة.. وأنا في غنى عن كل ذلك... لهذا أفضل ان أكون قريبا من أسرتي... وأبنائي... وأحفادي.
ويكمل: لا أذب الى الديوانيات اليوم... لانها تتحدث هذا طويل وذاك قصير... وهذا أخضر وذالك أصفر... وهذا وهذا وغيرها، والمجتمع لا يتحمل... لنترك أهل الاقتصاد للاقتصاد (... والسياسة للسياسة... وغيرهم كل حسب تخصصه... للأسف هناك نوعية من
البشر عندنا يتحدثون في كل شيء.. ولا يتركون صغيرة أو كبيرة إلا ويتحدثون عنها، وكأنهم خبراء.
ويؤكد:
- لهذا فضلت أن أنتبه لنفسي وعملي وحرفتي وأسرتي.. وحياتي الاجتماعية.. وتربية أبنائي على أفضل صورة.. وابتعد عن اغراق نفسي في القضايا السياسية أو غيرها.
من هم أصدقاؤك المقربون منك دائماً؟
أصدقائي في كل مكان، وأصدقائي جمهوري الحبيب في كل مكان، اعتز بهم واتشرف، هذا من الناحية الفنية، أما الحالة الخاصة، وأصدقائي هم زملائي في الوسط الفني، أو كما يقول اخواننا المصريون «أصحاب الكار» وزملاء المهنة هم أصدقائي.. ونتواصل من خلال أعمالنا الفنية في هذا العمل أو ذاك.. والتواصل اليوم لا ينقطع، سواء باللقاء أو الاتصال الهاتفي، حيث نتصل ونسأل ونتابع وإذا كان الصديق بصحته وعافيته الحمد لله.
ويكمل: أما عن الأخص والأخص من الأصدقاء، وهم الذين أعيش معهم على مدى 24 ساعة، نلتقي ونتواصل ونتزاور ونتحدث ونتسامر، فليس عندي سوى أخي وصديقي ورفيق عمري الفنان الكبير محمد جابر (العيدروسي).
ويتابع:
- وأنت الآن في مكتبنا (الزرزور) للانتاج الفني، وتعرف علاقتنا ولقاءنا اليومي ونحن من مكتبنا للبيت ومن البيت إلى المكتب. وإذا كان هناك عمل تلفزيوني أو فني، نذهب إليه ونعود بعدها إلى مكاننا وحواراتنا وأحاديثنا التي تتحدث في مجال تخصصنا الفني.
هل تنزل الى السوق.. لوحدك أو مع أسرتك؟
أجل، أنا أمارس حياتي بشكل تقليدي ويومي واعتيادتي، بل أنني أحرص على الذهاب إلى السوق والتسوق مطلوب من الفنان أن يكون قريباً من الناس لمشاهدة الشخصيات ومعرفة تصرف كل شخصية وأسلوبه ولا أريد أن أكون في أي لحظة بعيداً عن الجمهور والناس.. من أجل أن أنقل الصورة بشكل صحيح وصادق.
هل تنزعج من البعض؟
جمهورنا متفتح ومتطور ويعي دور الفنان ويحترمه ويقدره، والتقي مع كثيرين، حينما أذهب إلى الجمعية أو السوق للتسوق وآخذ احتياجاتي الحياتية اليومية، وأنا من النوعية التي تعتمد في انجاز أعمالها بنفسها.
تذهب للجمعية؟
أجل أذهب للجمعية.. وأشتري أغراضي بنفسي.. ولا أتكل على أحد.. وأنا من سكان الرميثية، وأهل الرميثية أهل وأصدقاء، وجميعهم أتشرف بلقائهم في ردهات الجمعية.. كما أذهب إلى الشبرة.. وسوق السمك والمباركية والأسواق العامة والمولات، أمارس حياتي بعفويتها وبلا تكلف وهذا ما جعلني قريباً جداً من أهلي وجمهوري وأحبتي في الكويت وبقية الدول العربية.
ويكمل: عندي خدام في البيت، ولكنني لا أعتمد إلا على نفسي في كثير من الأمور.. وعندي وكيل أعمال يتابع أموري القانونية والفنية، ولكنني في الجانب الحياتي اعتمد على نفسي، وهو أمر يجعلني قريباً من الحياة ومن الناس ومن كل شيء، لا أحب الاتكالية.. وأنا أنصح أولادي وأسرتي دائماً بعدم الاتكالية.
ماذا تكره؟
العناد.. والعناد هو الطريق الى الهلاك.. وهنالك اليوم من يعاندون في أشياء بسيطة، ويطورونها بأشكال ومضامين، حتى تتحول إلى قضية كبيرة.
ويؤكد:
لهذا أقول بانني بيتوتي، لأنني أكف نفسي عن الناس، وبعدك عن الناس غنيمة، هذا ما خلصت إليه بعد هذا المشوار والخبرة.
لقد أخذت منك الكثير من الوقت، وشرفتنا في «النهار» بهذا الحوار الثري والخصب الذي عدت من خلاله الى جوانب مهمة من رحلتك ومشوارك الفني؟
وأنا سعيد أن أطل على جمهوري وقراء «النهار» في هذا الحوار، الذي يرصد جوانب من مسيرتي، وسعادتي أكبر بالتواصل معك شخصياً بوصفك أحد الصحافيين والنقاد الذين عاشوا معنا مسيرتنا ونثق بأدائهم وكتابتهم التي تمتاز بالرصانة والعمق.
كلمة أخيرة؟
عساكم من عواده.. ورمضان كريم على الجميع. __________________
|
| |