عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2008, 10:46 AM   #1 (permalink)
S U L T A N
منتسب نجم
 
الصورة الرمزية S U L T A N
 
 العــضوية: 119
تاريخ التسجيل: 18/08/2008
الدولة: K S A - J E E D A H
المشاركات: 813

افتراضي الانتــحار فــي حياة الأدبــاء


بسم الله الرحمن الرحيم


في حياة الكثير من الأدباء الذين أنهوا حياتهمــ بأيديهمـ كانتــ المشاكل النفسية تلعب دورها الشرير ، وكأنها تهيأ التربة الخصبة للنهاية المأساوية.

وتعتبر أبرز حوادث الانتحار رعبا تلك التي تتمـ في وضع يصبح العيش فيه مقيتا لدرجة الألمـ.

عند ذاك يقدمـ الجاهل على تدمير ذاته بطريقة بالغة القسوة والعذاب الذاتي.

كتلك التي نفذها الشاعر الفرنسي المجنون (أرمان بارتيه) – 1820-1874 عندما ابتلع المفتاح الحديدي للصندوق الذي حفظ فيه كتاباته ،

كذلك صنع من قبله شاعر فرنسي آخر هو (نيقولا جيلبير) -1750-1780..

أو أن يطلق النار على نفسه إلى جانب طاولة الكتابة كالشاعر الأرجنتيني (فرانسيسكو ميرينو ) -1904-1928.

ومع ذلك ..ورغمـ الغياب الكامل للعقل في لحظة الانتحار يظل وفيا وصادقا مع نفسه فيكتب واصفا لحظاته الأخيرة أثناء الاحتضار ، والذي يبدو –في بعض الأحيان- محاولة أخيرة للحفاظ على وعيه حتى النهاية.

من هؤلاء (ألكسي لوزين-لازينسكي) الذي في نجح في كتابة بضع سطور غير مترابط أصبح آخرها غير مقروء نجح قراؤها في تمييز الآتي :

( أعيش دون وعي ...قدماي تتجمدان..ولكي لا أجن أكتب ...يداي تضعفان...أنا أموت...اصمت....أنا الآن واثق أنهمـ لن يدفنونني ..أنا محار..أنا إخطبوط...أنا عاشق لجنوني...أقهقه في الظلامـ الأسود...هاهاها هاهاها ...لا يخجلني ذلك.....سأعرض جنوني للعيان...في صحيفة (يداي تتجمدان) وبعد ذلك ستتلو الجرعة القاتلة من المورفين.

أما الشاعرة والكاتبة الأمريكية (سيلفيا بلات) –1932-1963...فقد استخدمت أوضاعا انتحارية للصراع مع حلول الجنون، فهي من وصفت وبالتفصيل أعراض نوباتها المرضية ، محاولات الانتحار التي قامت بها ، وما تلاها من عودة للحياة.

كانت النوبات تلمـ بها مرة كل عشرة أعوامـ..

وفي كل مرة كانت تعرض فيها حياتها للخطر، كانت تترك نافذة للإنقاذ ، وكأنها تخادع جنونها، وبعد كل إنقاذ لحياتها بأعجوبة كانت تنتقل نحو ولادة أخرى ونحو مرحلة جديدة من الإبداع : ففي المرة الأولى في شبابها المبكر ابتلعت عددا من الأقراص المنومة واختبأت في القبو ليعثر عليها بعد زمن طويل من البحث ليعيدونها للحياة بأعجوبة .

وفي المرة الثانية أدارت مقود السيارة على الخط السريع بهوجائية لتنقلب بها السارة ، ليتمـ إعادتها إلى الحياة بأعجوبة أخرى ، أما في المرة الثالثة ، والتي يظهر من ملابسات الحادثة أنها لم تشأ الموت جادة هذه المرة ، فقد وضعت رأسها في فرن الغاز ، تاركة في مكان ظاهر للعيان رقمـ هاتف طبيبها ، ولكن..وبسبب تسارع الحدث المأساوي ..تمـ العثور عليها متأخرا بعد أن انتزعت يد الموت حياتها هذه المرة، وعلى عكس القطط التي يقولون أنها تملك أرواحا سبعة..

كانت (سيليفيا بلات ) تملك أرواحا ثلاثة فقط

يكون أول الأدباء الذين لمـ يطيقوا العيش بعيدا عن الأوطان هو:

الأديـب والفيلسوف الإغريقي (مينيديمـ إريتريسكس) –حوالي 339-256 ق.مـ)،

والذي عانى من الخسارة في المعترك السياسي وقتذاك، فاضطر لترك الديار مهاجرا إلـــى آســيا.

.وهنالك رفض الفيلسوف –بالمعنى الحرفي للكلمة- أن يأكل من خبز الأغراب، فمات جوعا.

لا شك أن الاغتراب صـــورة عسيرة للمعاناة لأي إنسانٍ على هذا الكوكب ،ولكن ليس إلى حد الدفع للانتحار،

فالسفر إلى البلاد الأجنبية هو دليل على الهمة والنشاط ، والإرادة للحياة بيد أنها للأديب تعد مميتة أكثر مما هي كذلك بالنسبة لأي إنسان ٍ آخر.

فالوطن للأديب هو الكلمات وما بين الكلمات ، وهو الترنيمـ والترتيل.وعندما ينقطع الأديب عن بيئته اللغوية يصبح كشجرة دون جذور، مع بعض الاستثناءات القليلة حيث تمكن بعض الأدباء من زرع موهبتهم في تربة غريبة لتنمو جيدا، أو حيث كان فقدان الوطن والحنين إليه حافزا للإبداع.
فالاغتراب للأديب يصبح مهنة غير نافعة لأحد، وما يلي ذلك من عواقب : الفقر ، الوحدة ، فقدان الأمل ، المرض ، الإسراف في الشراب ،

وقبل ذلك كله الإحساس بعدمـ المنفعة.

فالشاعرة نينا بتروفسكايا كانت فقــيرة في غربتها وغير ذات منفعة لأحد ، فألقت بنفسها من النافذة
الكاتب (ايفان بلديريف)-1903-1933- نجح في الهروب من منفاه المفروض ليستقر في باريس ، حيث عاش حياة مدقعة في غاية البؤس ، وداهمه المرض ، فانتحر عبر تناول كمية من الحبوب المنومة.



أما بوريس بوبلافسكي فكان مدمنا على المخدرات ،

وكتب عددا من القصائد التي لمـ تكن تعني أحدا في عصــره ، فانتحر متسمما بالهيروين ،

وكذلك فعل الشاعر (إفغيني خورفات) -1966-1993.

أما أقلهمـ عيشا في المهجر فكان
(كروت توخولسكي) -1890-1935

- الذي عده النظامـ النازي من ألد أعدائه ، وقامـ بحرمانه مؤقتا من الجنسية الألمانية ، كما وأحرقت كتبه ، ففــر إلى السويد ، وهناك لمـ يستطع الكتابة فانتحر.

وفي أسبوع واحــد من شهر أيار عامـ 1939 انتحر كل من الكاتب الكلاسيكي النمساوي (يوزف روت) وكاتب الدراما الألمانــي (إرنست تولر) ،

أما (روت) فكان كاثوليكيا تواقا للإمبراطورية الهابــسبورغية ، فيما كان (تولر) ماركسيا صديقا للإتحاد السوفيتي..أما (روت) فقد عانى الفقر والبؤس في باريس محروما من وسط يمكنه من البقاء ويساعده على الكتابة، فجنت زوجته لينتحر لاحقا بالسم. وأما (تولير) فقد عانى البؤس في نيويورك ، وأدرك أن لا أحد يهتمـ بمسرحياته ، وتركته زوجته فشنق نفسه.




الشــاعر البولندي( يان ليخون) -1899-1956 ألقى بنفسه من نافذة ناطحة سحاب نيويركية،

وبالمناسبة فقد كان الشاعر المذكور مهاجرا مزدوجا مطلوبا من الفاشيين والشيوعيين معــا.

وهنالك بولندي آخر هو الشاعر (مارك خلاسكو) -1934-1969- والذي كان بعيدا عن السياسة .

.فقط لمـ يطب له النمط الاشتراكي للعيش ، وفضل العيش حســـب قوانينه الذاتية فتجول في عدد من البلدان التي لمـ يجد في أي منها مكانه اللائق فكتب عبارة ظريفة تقـول:

العالمــ مكون من نصفين: أحدهما ذاك الذي بامكانك العيش فيه، والآخر حيث لا تستطيع تحمل العيش)

فعاش مسرفا في الشراب ، متعاطيا للمخدراتــ ، ثمــ وضع حدا لحياته متناولا جرعة كبيرة من الحبوب المنومـــة

الإنتــحار بســبب الحــب


حظــي الشاعر الألماني (خاينرخ فون كلايست )
باحترامـ الجميع من واقعييـن ، وتعبيريين ، وشوفينيين نظرا لمكانته كمؤسس لمدرسة أدبية .

كان ضـابطا لا يطيق الحرب، تلميذا فاشلا في دراســته، جنديا دون ترقيات ، ناشـرا غيـر ناجح ، لهذا كان مــن المتوقع أن يؤول مصيره للإنتحار إن عاجلا أمـ آجـلا...

إلا أن لقاءه بالسيدة (هنريتا فوغيل) قد عجل بنهايته المشؤومة، وإن منحتها جماليـة رومانطيقية مظلمة، والتي –ربما- منحت كلايست المجد بعد موتهـ.

فهو لمـ يملك وسيلة للعيش الكريمـ ، وكان منبوذا من العظيمـ (غوتة) ، ولمـ يعترف به معاصروه من الأدباء ،
وكانــت بلاده تخوض حربا قاسية مع (نابليون) ..

أما السيدة (هنريتا فوغيل) فقد كانت تعيش مع زوج تكرههـ وتعاني من مرض لا أمل في شفائهـ ، لذا كانت علاقتهما مثالية لتشابه الظروف ، والولع شديدا إلى درجة الألمــ،

أما فكرة الإنتحار المشترك فكانت عائدة إلى الحبيبة لا إلى الشاعر الذي راقت لهـ الفكرة.


وفي اليومـ الموعود :

استأجرا غرفة في فندق بالقرب من (بوتسدامـ) ، وكتبا رسالتيهما الأخيرتين قبل المــوت ، ثمـ خرجا في نزهة إلى إلى الغابة..

وهناك أطلق الشاعر رصاصته لتستقر تماما في قلب حبيبته ، وبعدذلك أدار فوهة المسدـســ نحو حلقه ليطلق رصاصــته الأخيرة في الحلق واضعا حدا لمعاناتهــ.

- وفي غابة أخرى في أتون حرب أخرى أنهى كاتب الدراما البولوني (ستانيسلاف فيتكيفيتش) -1885-1939- حياته بطريقة شبه مماثلة،

إنتحارا أكسبه مجدا لمـ يحظ به في حياتهـ.
.فقد فر الأديب إلى الشرق هربا من الجنود النازيين ، لترافقه في سفرته فتاة تصغر بالسن إلى حد كبير ، كان مولعا بها ،

بيد أن القدر ضــيق الخناق على الأديب الفارّ حين انطلقت طلائع الجيش الأحمر لمواجهة الجيش الهتلري ،

فما كان من الشاعر وحبيبته إلا أن أخذا زجاجة وحبوبا منومة إلى الغابة لينتحرا معا ...

وهناك ترك الأديب الحبوب لحبيبته لتموت بسلاـم ،حيث قامت بتناول حبتين لتخلد إلى نومها العميق فيما فضل هو الموت بالشفرة ، وبعد أن فشل في تقطيع أوردة يديهـ ، قامـ بقطع شريان عنقه ليموت لشدة النـزف،

ومع الغلس أفاقت الحبيبة لتعيش بعد ذلك عمرا طويلا وتبلغ مراحلا متقدمة من الشــيخوخة

 

 

S U L T A N غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292