ينتمي الى جيل الستينات، ومنهم عبدالكريم عبدالقادر ومصطفى احمد وغريد الشاطئ وصالح الحريبي، جيل كان فيه الملحن والكاتب والمطرب خلاصة شعور بالمعاناة والصدق بالعطاء كي تخرج الأغنية الى الجمهور، فالمؤلف كان «يكتب ويجمع احاسيسه لا ليقدمها لشخص معين»، او بناء على Order بل يكتبها تحت احساس ما وفي ظرف معين، وفي ظل هذه الظروف تولد الاغنية والقصيدة لتأخذا دورتيهما الطبيعية الى الملحن ثم المطرب.
يعتقد ان الاغنية الكويتية غنية بايقاعات اعطتها هوية خاصة، وهذا ما جعل جيل الشباب قادر على تطوير السامري والصوت ليضيفوا اليها الجديد، مما توفر لديهم من آلات وتجهيزات وامكانات، ربما لم تكن موجودة في فترة الستينات، لذلك بقيت الاغنية الكويتية حية تتمتع بالاصالة، والصدق والمعاناة وهذا هو سر النجاح كما يقول في حديث له مع الزميل فيصل العلي في «الانباء» فحب العمل الفني والاجتهاد فيه كان احد المقومات التي ابدعت هذا النتاج الانساني.
بداياته كانت مع الاغنية الوطنية عام 1962 وطوال رحلة امتدت لاكثر من اربعين عاما كان له فيها حضور وتواجد في هذه المساحة من الابداعات، فمن «عيدنا الوطني» و«دقوا طبول الفرح» الى عشرات الاعمال، واحدثها اغنية «كلنا يا درانا» غناها اثناء تولي سمو الامير الحكم ومطلعها «كلنا يا دارنا في مركب واحد.. صف واحد صفنا.. وساعد يضم ساعد..».
جمع بين الأغاني الوطنية والعاطفية والدينية، وان كان الزميل عبدالمحسن الشمري يرسم صورته في اتجاهين متوازيين، هما الاعمال الوطنية والاغاني العاطفية، وبحرص واضح على الاصالة باختيار اللحن «الذي يقدم النكهة الشعبية بايقاعات مطورة من الذات والفولكلور» ولعل من اشهر اغانيه العاطفية اغنية «شكواي» تقول :«شكواي اللي يفتهم شكواي.. راحب الحبيب وطوّل الغيبة»، واغنية «خلّ.ي جفاني وراح» بمطلع «كيف الصبر ياناس.. عطره وعبيره فاح». ومن جملة الاغاني العاطفية هناك «عاود علينا يا خل» و«يامنيتي» و«ريح الهوى مسافر» و«عوافي».
خاض تجربة الاعمال الدينية اخيرا ومنها اعمال للمطرب حسين جاسم الذي كان له دور في اعادته لهذا النوع من الغناء بعد انقطاع طويل، وقام ايضا باعمال مشابهة مع المطربين خالد المسعود وابراهيم التميمي، واحتضن مجموعة من الشباب واخذ بيدهم واصبحوا الآن نجوما معروفين امثال فطومة واحمد الحريبي وصلاح خليفة واروى اليمنية واسماء المنور وغيرهم الكثير من الكويت والعالم العربي.
احب القاهرة، لكنه عشق المغرب وعلاقته بهذا البلد انتجت عدة مشاريع فنية فقد جمع بين الفن المغربي والخليجي مع نعيمة سميح بخمس اغنيات هي يا سلام ويا الله تجبر خاطره ويترنم وجيتك لبابك حبيبي والغمازتان.. ولديه علاقات وثيقة تعود لاكثر من ثلاثين سنة واغنياته وصوته صارا معروفين لدى رجل الشارع وتعامل مع الملحن محمد بن عبدالسلام الذي قام بتلحين اغنية يا بنت المدينةونجحت الاغنية بشكل واسع وادخل الايقاع المغربي الى اغانيه وكثيرا ما يلتقي هناك بصديقه خالد النفيسي ويواظب على الذهاب الى مقهى الفن السابع بالرباط حيث يتجمع عدد من رواد المقهى من ابناء الكويت المتقاعدين.
توقف عن الغناء العاطفي لمدة ست سنوات بعد التحرير ليعيده شقيقه يوسف المهنا من خلال ألبوم طاح العريش عام 1996 وعلى النهج الذي قدمه في البوم يا خوي، لكن هذه المرة اضاف لتجربته مطعما مختلفا بالتعاون مع ملحنين من دول مجلس التعاون الخليجي وعن السبب في التوقف يقول بعد الغزو كانت الساحة الغنائية مختلفة، حيث لم يعد المستمعون يصغون لأغاني الطرب الاصيل كما كانوا من قبل، مما حداني الى التريث.. وفي البومه الجديد كانت اغاني تليق بعمره وتاريخه الفني.
صعب أن تتحدث عن سيرة عبدالمحسن المهنا من دون ان تذكر يوسف دوخي ويوسف المهنا ونجيب رزق الله وعثمان السيد فهؤلاء كانوا بمنزلة الدفع لانطلاقته وتبنيه ودفعه باتجاه الخروج الى الجمهور منذ اوائل الستينات فالدوخي نقله نقلة فنية ونوعية بألحانه وبايقاعات الطنبورة والليوة, وشقيقه كان من اكثر الناس فهما لقدراته وشخصيته وهو المتجدد دائما والذي قدمه بلون مختلف من خلال اغنية عوافي ويا منيتي واعمالهم المشتركة تركت ذكريات حلوة عند الجمهور وفي وجدانه، خصوصا اغنية مع ريح الهوا مسافر.
من الاغاني التي سجلت نجاحا لافتا يرددها المحبون خلي جفاني وراح تقول كلماتها… كيف الصبر يا ناس.. عطره وعبيره فاح.. ورده ابد ما انجاس.. خده كما التفاح.. والعين فيها نعاس…
اجمل مقطع في سيرة المهنا عندما يروي قصة حياته ونشأته وعلاقته بالغناء وفي مقابلتين مطولتين اجراهما الزميل فيصل العلي في الوطن والانباء سرد قصة حياته منذ كان عمره عشر سنوات يستمع الى الاغاني من المذياع وسهراته مع الاصدقاء وذهابه للسينما وتقليده للمطربين وحفظه للاغاني, خصوصا مظلومة يا ناس لسعاد محمد وذهابه مع عوض دوخي للاذاعة وتعامله مع الملحن عثمان السيد في اغنية اهواك طول عمري وتعامله مع الملحنين الكبار امثال الدوخي ويوسف المهنا وغنام الديكان والشعراء.. فهذا الصوت الذي صدح في الاذاعة والتلفزيون والمهرجانات والمناسبات الوطنية اصبح يمثل جيلا بأكمله اعتاد على سماعه وعشقه لهذا اللون.
المقربون منه يرسمون له صورة عن قرب، فهو من النوع الذي لا تتغير شخصيته بتغير الظروف والامكنة وليس من اصحاب الوجهين، يكره السفر على الرغم من انه كثير الاسفار، طيب القلب، عزيز النفس، يخاف من الفشل ودائما ما يتردد عند طرح أي مشروع يخصه قبل ان يوافق، سرقه الفن وبقي مخلصا لعزوبيته التي لم يطلقها وادمن عليها والتزم بها بعد ان بلغ السبعين من العمر، من عائلة جمع بينها الفن والموسيقى واللحن فشقيقاه يوسف (ملحن) وماجد (مؤلف اغان).