[محمد العيدان]

http://www.alsabahpress.com/SPress/A...px?artid=76956


الحرية المطلقة مفسدة مطلقة ولكن جلد الذات والتلذذ بتعذيب النفس والضمير سادية أيضا، وكذلك وجهات النظر الأحادية الجانب هي سيطرة وعبودية في آن واحد، والنقد الذاتي هدف وغاية لكل فنان ومبدع ولكل انسان ناجح ايضا.
وفي خضم حوارتنا التي اجريناها مع مجموعة من الفنانين والمنتجين للأعمال التلفزيونية اشتكى البعض منهم من صرامة الرقابة على النصوص المقدمة للانتاج الفني، هذه الصرامة تجاوزت في كثير من الأحيان حدها الفاصل بين الجيد والردئ لتصبح تحت أسنة الرقيب سيطرة حينا ومزاجية في احيان اخرى.
حيث ان الرقابة المحلية وبعد سلسلة من بعض الاعمال الفنية التي لم تراع حرمة المجتمع ولم تخضع عقول وافكار منتجيها وكتابها الى مفهوم الرقابة الذاتية، فظهرت على الشاشات والفضائيات كنموذج من مسخ مشوه اثار حفيظة المشاهدين ومنح المبررات لمقص الرقيب كي يفعل ما يحلو له من تقطيع لأوصال أعمال فنية أخرى بعيدة كل البعد عن مثل ذلك الاسفاف الذي ابتليت به الدراما الكويتية.
فالرقابة الان وقد شمرت عن ساعديها وشحذت مقاصاتها ليس لقبلة ساخنة خلف جدران منزل خليجي، أو لتقطع بها أوصال راقصة تتلوى على صفحات لنص مغمور لكاتب مغمور تمايلت حلقاته بميلان راقصته على انغام الهبان في حفلة العرس الخليجي الذي لا يخلو ابدا من قرعات الدف وطقطقة الطقاقات، بل تعداه الى أشياء أخرى ومشاهد هي من صميم الواقع واحداث نعيش تفاصيلها في كل يوم وليلة لدى الجيران ومن اقاصيص سواليف الديوانيات وملفات مخافر الشرطة وحكايات حبابة.
الواقع يجب ألا يقص ولا ان يزيف، والتشويه والاسفاف هو طريدة مقص الرقيب وغاية اهدافه.
لكن ان تتحول رغبات الرقيب الى اداة للسيطرة والعبودية بحيث انها تقطع اوصال الراقصين دون ان يكون رب البيت للدف ضاربا بحسب المثل المعروف، فانه خيار غير منطقي وغير مقبول.
بعض المنتجين يشتكي من امور تافهة جدا جعلت الرقيب يرفض الموافقة على النص بلا مبرر وبلا اي منطق يكاد ان يذكر!
فما مبررات الرقيب حينما يرفض عملا فنيا يتحدث عن رغبة امرأة بالزواج مرة اخرى بعد ان أدت رسالتها نحو ابنائها الذين كبروا؟؟
هـل فـي زواج الـمـرأة مـرة اخــرى مخـالـفة شرعية مـا او مساس بمجتمع ما او بعائلة او قضية تهيج الرأي العام ام هي قضية ضد ثقافة ما او ديانة او طائفة او.. او... او؟
الجميع يشتكي من ندرة النصوص الدرامية، فاذا وجد النص سبقة القص!
نحن مع كل ما من شأنه ان يقدم لنا صورة مثالية عن مجتمعنا الكويتي وبيوتنا الكويتية بلا اسفاف وبلا مبالغة وبلا تصنع ولكن هل نحن جميعا كذلك مثاليون؟؟
ألا يوجد بيننا السارق والحرامي والمزواج والضمير ومن يرقص طربا على أحزان الآخرين؟؟
فان أراد الرقيب لمقصه ان يقتات بتمزيق صفحات من عمل فني اضنى كاتبه تفكيرا وتسطيرا لمجرد الشعور بالسيطرة وحب الاستبداد، فعليه تقع مسؤولية اطعام النعام الذي خلفه يرعى في أقبية الرقابة.