وداعا بوش الفراق صعب، ودموع الأحباب تخونهم عند فراق الحبيب، فقد تابعت كيف ودع العالم الرئيس اللامع طيب الذكر والسيرة والسريرة الرئيس المجدد الموفق (جورج بوش) فتذكرت قول ابن زيدون:
* ودّع الصبرُ محباً ودعك ـ ذائعاً من سره ما استودعك.
سوف يترك الرئاسة والبيت الأبيض ويذهب وقد ترك العالم في حيرة بعد إنجازات لم يسبقه إليها أحد، فقد دمر الاقتصاد الأمريكي وقطع جسور العلاقات الدولية وداس سمعة الولايات المتحدة الأمريكية، ودمر العراق، وخرب أفغانستان، وأعان في حصار غزة،
وصدّر الديمقراطية على دبابة،
وأرسل العدالة على صاروخ،
ووزع الغذاء على قنابل،
وأفسد الماء،
وحجب الهواء،
وأسال الدماء،
ومنع الغذاء،
وعطل الدواء،
وسجن الأبرياء،
ورمل النساء،
ويتّم الأطفال الضعفاء،
وعذّب الشرفاء،
وخذل الأوفياء،
وخالف النصحاء،
وأطاع الأغبياء،
وتنبأ بأن الجيش الأمريكي سوف يُستقبل بالباقات والبسمات،
فإذا هو يُستقبل بالجزمات،
وغضب الأحياء والأموات،
وصرخات الأمهات،
وأصيب جنوده بمرض الوسواس القهري وانفصام الشخصية
والهذيان
والغثيان والإسهال
ومرض الأنيميا
والأيدز،
مع التشوهات الجسمية من قطع الأيادي وبتر الأقدام
وجدع الأنوف
وكسر الجماجم
وتهشيم العظام،
والآن يرحل الرئيس بوش ونسأل الله له طول العمر
ليرى بنفسه ثمار إنجازاته،
ونتائج فتوحاته ويتذوق حلاوة أعماله « يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ »،
وعزاء بوش السمعة الحسنة والذكر الجميل والحب الذي زرعه في القلوب،
وأقترح أن يبنى له نصب تذكاري
في كل
من غوانتنامو
وأبو غريب
وتورا بورا
ومعابر غزة،
وأرفع له الشكر باسم القوميّة العربية من المحيط إلى الخليج (أمة واحدة ذات رسالة خالدة) لكنها راكدة جامدة خامدة هامدة جاحدة،
وأشكره باسم دول الصمود والتحدي والتردي (والمهليّ ما يوليّ)
وأشكره باسم قتلى الرافدين وشيوخ أفغانستان وعجائز فلسطين وأطفال غزة،
وأشكره باسم علماء البيئة على أن أراحهم من العمل بتدمير البيئة،
وباسم علماء الاقتصاد لأنهم أصبحوا في عطلة، وباسم صناعة السيارات لأنها تقلصت،
وباسم البنوك التي (نيّلها بنيلة)، وطيّنها بطينة،
كما نرفع له أسمى آيات الاعتراف بالجميل، لأنه أضعف (أمريكا)
القطب الواحد لتكون القطب الرابع،
وساعدنا في تشتيت الجيش الأمريكي وتبديد الثروة
وتضييع الطاقة وغرس الهزيمة النفسية في قلوب شعبه،
كما نرفع له باقات من الورد بقدر القنابل العنقودية التي ألقاها على الفلوجة والبصرة وقندهار،
ونبعث له بغرشات الورد بقدر الغازات السامة التي نثرها في الخليج وكابول،
باسم كل طفل معاق وطفلة مشوهة وشاب مقعد وشيخ مخرف وعجوز كسيرة حسيرة
كان بوش السبب في شقائهم وتعاستهم،
وباسم كل يتيم ومشرد ومضطهد ومسجون،
ونتمنى له أياماً سعيدة يتلذذ فيها بالنظر إلى الأجساد الممزقة والوجوه المحرقة والأنوف المقطعة والعيون المفقوءة والآذان المشرومة والصدور المحطمة،
كما نشكره على براعته في الخطابة،
وسرعته في الإجابة،
مع الوسامة
وارتفاع القامة
وضخامة الهامة،
مع (الكريزما) الجذابة الخلابة،
والهمة الوثابة التي لا تجتمع لأحد إلا بخذلان من الله،
والآن نودع بوش وعزاؤنا في فراقك دعاء منا لك بظاهر الغيب،
وذكرى جميلة لن ننساها لك،
وتاريخ مشرق يبقى لك أبد الدهر،
والآن مُتْ متى شئت فالموتُ أستر والقبر أجدر. مقال لعايض القرني
|