11-06-2010, 05:46 PM
|
#1 (permalink)
|
خبيرة في التنمية البشرية
العــضوية: 5529 تاريخ التسجيل: 17/09/2009
المشاركات: 3,872
الـجــنــس: أنثى | قراءة نقدية.. في بيان حمزة شحاتة الشعري قراءة نقدية.. في بيان حمزة شحاتة الشعري
"حمزة شحاتة" العلامة المؤثرة في تاريخنا الثقافي المعاصر.. بما ترك من انجازات، وبما يمثله على صعيد السلوك الذاتي من اختلاف مع السائد في عصره.. حتى صار ذاتا وموضوعا، مثار اسئلة وموضع استفهامات وتحليل توقف عندها كثيرا الدكتور عبد الله الغذامي ليجعل منه نموذجاً انسانياً في كتابه "الخطيئة والتفكير".. لتلد الاسئلة مساءلات وتستدعي قراءات واختلافات، كانت بدورها مرحلة انتقالية في الوعي النقدي المحلي، والخطاب الثقافي بعامة. وهكذا كان قدر "حمزة شحاتة" مداراً للبحث في حياته وبعد موته، ذلك ان القيمة الثقافية التي يمثلها تعي مدى اتصالها مع السائد، وانفصالها معه على نحو تستوعب بعضه التركة الثقافة له. ويمثل في سيرته الذاتية جانباً يستدعي المراجعة، والدرس، صاغته منهجية الغذامي في كتابه السالف وكشفت بعضا من سياقاتها ومضمراتها وظل البعض الآخر نثارا يتأبى على التناول المدرسي التقليدي او الانتقائي مما يجعل منه، تلك العلامة الثقافية الخصبة التي يحاور الدكتور عاصم حمدان بعضا من امثلتها في صنيعه الموسوم ب"قراءة نقدية في بيان حمزة شحاتة الشعري" والبيان "مقدمة نقدية" وضعها شحاتة لكتاب الاستاذ عبد السلام الساسي "شعراء الحجاز في العصر الحديث" وتنصل منها بعد ذلك بحسب مقدمة الاستاذ عبد الله عبد الجبار، لكتاب الدكتور عاصم حمدان، وهو ما يعضد زعمنا، باتصال اسئلة الذات والموضوع في سلوك الراحل حمزة شحاتة. والمجمع عليه من كل القارئين والمتسائلين والمجيبين ان عبقرية شحاتة لم تزل تستدعي القراءة والقراءة .. والفهم الواعي بتفاصيلها وحيثيات مرحلتها الثقافية. ففي هذا البيان الشعري، تظهر الرؤية الفلسفية لحمزة شحاتة في تعريف الشعر وبواعثه، ورؤيته الجمالية، وتلك المعيارية الحادة التي يراها شحاتة مطلبا للشعرية الحقيقية، والاسلوب ومكانته الملحة في الشعر حيث يرى "ان الاسلوب قوام الشعر، كما هو قوام كل فاتن وجميل وقوي ومؤثر في جملة ما يتوقف حصول تأثيره على اجتذاب الرغبة فيه واثارة الاعجاب به وتحريك الميل اليه".
والجمالية التي يصطلح على عدها قواما في الخطاب النقدي الحديث، ومؤشرا على اكتمال الشعرية يعرفها شحاتة "ان الجمال التام هو ما تجتمع له سلامة الصورة، موازنة لمعاني التأثير".
لقد كان حمزة شحاتة.. حادا ومنهجيا في شروطه القبولية للشعر، ولذلك ألمح في بيانه "المقدمة" الى عدم رضاه عن كل من استوعبهم كتاب الساسي وان لم يحدد اسماء.. او يشير الى تجارب بعينها فحسبه وضع المنهج وتحديد رؤيته القبولية التي يجسدها عبر ذلك الاتقان البياني.
اما قراءة الدكتور عاصم حمدان.. فإنما تبتغي تشريح تلك الرؤية وقراءة مفاصلها واستيعاب المرحلة الزمنية التي انتجتها بحسب ما لتلك المرحلة من مزاج ثقافي ينعكس على خطابها، ويستبان من رؤية كتابها وشعرائها.
ولعله كان ابلغ عندما وصف حمزة شحاتة بأنه "يمزج بين الشعر والفكر والمنطق، دون ان يفسد الفكر رصانة الاسلوب ووضوحه. ودون ان يفرق في المقولات المنطقية المعقدة فينصرف القارئ عما يقول بل انه يدمج ذلك كله في بناء واحد. وهذا يجعل حمزة نسيجاً وحده كشاعر وناقد ومفكر" وتتوالى اجزاء الكتاب الاثني عشر في استجلاء العناصر الثقافية المكونة لرؤية حمزة شحاتة في بيانه، ليؤالف الدكتور عاصم حمدان بين مؤثرات شتى في عصر شحاتة ما بين ثقافية اشتملت سجالات بينه وبين مجايليه، وآراء بثها في مقالاته وقصائده واخرى في سلوكه الشخصي، المنطوي على فلسفة في فهم الثقافة والحياة وآراء بثها عن ذلك فيما انجزه من اعمال. وفي تتبعه لمسيرة شحاتة يجد المؤلف عرى اتصال تجمع بين موقفه الذي عبر عنه في البيان، وبين آرائه في قضايا ادبية اخرى.
والربط الذي انتهجه كمعيار ادبي لهذه القراءة انما يستجمع المؤثرات التي اعتورت حياة ذلك الجيل من ادباء الحجاز. والقيم المعرفية التي احتكموا اليها في ممارساتهم مما مكنه من جعل القراءة، مكونا ثقافيا يرتبط بمحايثات ثقافية، وآراء مدونة في كتب التاريخ الادبي، وان كان ألصق بانتاج شحاتة في غير كتاب. وكان ذلك المزج والمواءمة بين آراء ادباء كمحمد حسين زيدان وقصائد لمحمود عارف ومحمد حسن فقي، ومقالات لعزيز ضياء، مؤشرا يضيء قراءة المؤلف ويدعم استنتاجاتها.
اذ قسم مضامين البيان بحسب منهج شحاتة في تناوله قضية الشعر والاسلوب، والجمال، والغنائية، القارىء وهي البنى المنطوقة كتابة في بيانه، والقيم الاخرى التي يحيل اليها ذلك التناول كدلالات استنتاجية.
وقد استغرق اعجاب المؤلف بشحاتة حدا يجعل بعض المواضع مرتهنة للضوء الانبهاري للسياق الذي يعبر شحاتة من خلاله عن رؤاه.. اذ يعيد تلك البنى المفاهيمية التي احتواها البيان الى مرجعياتها في الفكر النقدي الحديث، مدللا على براعة شحاتة في صياغتها وفهمها ومن ثم اعادة انتاجها على ذلك النحو التفصيلي. وان جاءت القراءة متراسلة بدون مفاصل عنوانية غير ذلك الترتيب الرقمي للموضوعات فإن المزاج المقالي الذي اعتبره شحاتة لبيانه يتواءم مع طرح نقدي قرائي كالذي انتهجه المؤلف.
ان اهمية قراءة الدكتور عاصم حمدان، لبيان حمزة شحاتة الشعري تنبع من وعيها في استهلال هذه "المقدمة" الشعرية/ النقدية، واضاءتها بتناول يعيد تأمل مضامينها وإلماحاتها المؤكدة على الثقافة الفلسفية التي ينطوي عليها فكر حمزة شحاتة واشاراتها الدالة على الوعي النوعي لثقافة مرحلة مهمة من مراحل التكوين الأدبي في بلادنا.
{بقلم /محمد الدبيسي ، المجلة الثقافية } __________________ لم يكتشف الطغاة بعد سلاسل تكبل العقول... اللورد توماس
|
| |