[نوره عبدالرحمن "سما"]

ماذا يعلّم الأغنياء أطفالهم

فهد عامر الاحمدي




ماذا يعلّم الأغنياء أطفالهم عنوان لكتاب "كسّر الدنيا" في أمريكا وتهافت الآباء على شرائه. ورغم انه يضم نصائح استثمارية جامدة إلا انه يتحدث أيضا عن تجربة شخصية جميلة للمؤلف نفسه؛ فالمؤلف روبرت كيويساكي (Robert Kiyosaki) كان لديه - على حد قوله - والدان.. الأول: والد صديقه في الطفولة "وكان رجل أعمال ناجحاً" والثاني والده الحقيقي "وكان موظفاً في التعليم". وأثناء طفولته كان يستمع منهما إلى نصيحتين مختلفتين حول نفس القضايا.. فوالده الأول كان يركز بشدة على أهمية الاستثمار وتنمية المال وامتلاك عمل خاص، ووالده الثاني كان يركز على أهمية التعليم والشهادة العليا والوظيفة المرموقة.. وفي النهاية قرر الطفل روبرت التقيد بنصيحة الأب الأول - وهو ما جعله يحقق الثراء قبل سن الأربعين!!.

أما الكتاب نفسه فرغم أنه يكررذات النصائح الاستثمارية المعروفة إلا أنه )بالإضافة لعنوانه الجذاب =(Rich dad. Poor dad يركز على توضيح الفرق بين الآباء الأغنياء والآباء الفقراء؛ فالآباء الفقراء يعملون للحصول على المال - وينقلون هذا المفهوم إلى أبنائهم-. اما الآباء الأثرياء فيجعلون المال يعمل لصالحهم ويعلمون أبناءهم كيف يفعلون ذلك.. فالعائلات الثرية تنقل لأبنائها مفاهيم واساليب في إدارة "أعمال العائلة" لا تدرس في كليات الاقتصاد.. فالخبرة والممارسة "والعلاقة بأهل الصنعة" هي ما يميز أبناء الأثرياء عن غيرهم. وحين تتوفر هذه العناصر لا يحتاجون - لتأسيس مشروع ناجح - سوى لـ "رأس المال" يملك منه الوالد الكثير!!.

.. والآباء الأثرياء لا يشددون كثيرا على نيل الشهادات الأكاديمية. فهم يهتمون أكثر بقدرة أبناءهم على إدارة "شركة العائلة" بعد وفاتهم وفهم "سر الصنعة" في عمر مبكر.. وفي المقابل يعلم الآباء الفقراء أبنائهم ان النجاح يمر فقط عبر طريق واحدة هي "ذاكر وانجح كي تجد الوظيفة المناسبة". غير ان هذه النصيحة أفرزت جيشاً من العاطلين عن العمل - لأن الجميع تقيد بها. وفي المقابل تعلم أبناء الأثرياء القفز مبكراً إلى رأس الهرم - وتوظيف أبناء الفقراء لزيادة ثروتهم!!!

وتفريق المؤلف بين "الآباء الأثرياء" و"الآباء الفقراء" يذكرني بالقصة العجيبة لعائلة روتشيلد؛ فهذه العائلة وصل بها النفوذ حد السيطرة على البنوك الوطنية في أوروبا وإقراض الحكومات وتمويل الحروب.. وقد تأسست من خلال صراف يهودي صغير من فرانكفورت يدعى آمشل ماير. فقد كان لماير خمسة أبناء "رفض دخولهم الجامعة" وعلمهم فنون المال والصرافة وأقنعهم بتنسيق جهودهم للسيطرة على البنوك الأوروبية. وحين استوى عودهم أرسل ابنه الأصغر ناثان إلى انجلترا ليسيطر على مقدراتها الاقتصادية، وسولومون إلى النمسا، وشارل إلى ايطاليا، وجيمس إلى فرنسا، في حين بقي أنسلم في ألمانيا. وسرعان ما أصبح هؤلاء الخمسة سادة المال والذهب وأسباب الحروب والثورات - وسار على نهجهم أحفادهم وأعوانهم حتى يومنا هذا...

وكان ناثان - أصغر أبناء آمشيل وأكثرهم دهاء - قد ذهب إلى انجلترا بعشرين ألف جنيه ومات فيها وقد سيطر على بنك انجلترا القومي "في وقت كانت فيه انجلترا تسيطر على العالم"... وحين اكتملت سيطرة الأخوة الخمسة على المصارف الأوروبية مولوا الحرب العالمية الأولى وساعدوا النازيين على تسلم السلطة والبلاشفة على دخول الكرملين.. وقبل ذلك تمكن جيمس من تأجيج نيران الثورة الفرنسية وتموين حروب نابليون "في حين كان شقيقاه ناثان وسولومون يمولان حروب الحلفاء ضده" وفي الوقت الذي كان فيه نابليون يعين اخوته ملوكاً على أوروبا كان الأخوة الخمسة قد أصبحوا ملوك الذهب والمال والحكومة الخفية المحركة لعروش أوروبا!!!

على أي حال؛ قد لا تكون أنت سليل عائلة ثرية أو متنفذة؛ ولكن هذا لا يمنع أن تفكر بطريقة الأثرياء وتقلد أسلوبهم في العمل.. اما إن عجزت "حتى عن هذه" فأقله لا تربي ابنك بطريقة "الآباء الفقراء"!




***************

لا تخف أبداً في أن تمضي في طريقك وحيداً , اعرف أي الطرق طريقك وسر فيه مهما حدث , ولاتشعر أن عليك اتباع خطوات الآخرين

لا تخش أن تكون مختلفاً في الرأي مع الغير , فكل رأي مقبول في الوقت الحالي كان يوماً مخالفاً لما هو سائد