[نوره عبدالرحمن "سما"]

الرياضة الطبية في المنزل

من كتاب العلاج اليدوي و أمراض العمود الفقري للدكتور سليم بيك علاء الدين




لا شك في أن آلام الظهر و الرقبة و المفاصل ، بكل أشكالها ، من أكثر الأعراض شيوعا في عصرنا الحاضر و يعود ذلك إلى قلة الحركة و زيادة الوزن .

صحيح أن المعالجة الدوائية العرضية بالمسكنات و غيرها قد تؤدي إلى تخفيف الشعور بألم الإصابات عند بعض المرضى ، و لكن تأثيرها قصير الأمد ، و لا يحل أصل المشكلة فلا تلبث الأعراض أن تعود من جديد ، هذا عدا عن التأثيرات الجانبية الضارة لمثل هذه الأدوية .

من هنا ، و كما تؤكد الخبرة الطويلة ، فإن الرياضة الطبية ، بما تتضمنه من تمرينات حركية نوعية هادفة لكل جزء من أجزاء العمود الفقري و المفاصل ، تعد السبيل الواعد لتذليل هذه المشكلات على المدى الطويل ، و هي ضرورية للوقاية من هذه الإصابات أصلا و قبل حدوثها .



و تعد الرياضة الطبية في المنزل أفضل السبل و أقلها كلفة : إذ يسهل على كل إنسان تعلمها و إدراجها في روتين حياته اليومية ، و بذلك يقدّم لنفسه ما لا يستطيع أحد تقديمه له . من المعروف أن اضطرابات الجهاز الحركي و إصاباته المتنوعة لا تندرج عادة في قائمة الأمراض المهددة للحياة . إلا أنها تسيء إلى الحالة العامة و إلى القدرة على العمل و الإنجاز عند الكثير من الناس .

غالبا ما يربط المصاب بين بداية الشعور بالآلام و التقدم في العمر ، و لسان حاله يقول : " ها قد صرت كبيرا في السن ، من المؤكد أنها ظواهر استهلاك المفاصل و تنكسها ( بما فيها العمود الفقري ) تتزايد بمرور سنوات العمر " .

غير أن درجة التنكس ليست مقياسا و لا تعبيرا عن شدة الإصابة في الجهاز الحركي على الإطلاق . بل العكس هو الصحيح في الغالب ، تتناقض الآلام ؛ بتناقض حركة المفاصل بسبب شدة الإصابة . إن هذا الحدث البيولوجي طويل الأمد جدا و يمتد عبر سنوات كثيرة .

من هنا فالحكمة من المثل القائل : " من يهدأ يصدأ " . و الأكثر حكمة إدراك العضلات قابلة للتمرينات في كل الأعمار ، و أن التمرينات قادرة على تأخير سير تنكس المفاصل . هكذا يمكن مواجهة اضطرابات العمود الفقري و إصاباته من خلال تدخل ذاتي فاعل . أما مسألة " كيف " فتتضح بمختارات من التمرينات الحركية . أما متى فأنت صاحب القرار .

و ننصح بالدرجة الأولى ، المرضى الذين يعانون من آلام في أسفل الظهر و في المفاصل ، بممارسة هذه التمرينات و على الأطباء تقديم العون لهؤلاء المرضى عن طريق إيضاح أسباب الألم و علاقة التمرين و تأثيره في الجهاز الحركي . و يساعد هذا الفهم في تقبل المرضى الإجراءات المنتظمة الضرورية و الالتزام بها ليس في أيام المرض فقط ، إنما في الصحة أيضا .