شبكة الدراما والمسرح الكويتية الخليجية > القاعات العامة والإدارية > قاعة الأدب والكتب ( القاعة الثقافية ) > العجائبيّ في الأدب لحسين علام ..بحث في مفهوم ثقافيّ ناقص
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-07-2010, 04:15 PM   #1 (permalink)
خبيرة في التنمية البشرية
 
 العــضوية: 5529
تاريخ التسجيل: 17/09/2009
المشاركات: 3,872
الـجــنــس: أنثى

افتراضي العجائبيّ في الأدب لحسين علام ..بحث في مفهوم ثقافيّ ناقص


العجائبيّ في الأدب لحسين علام
بحث في مفهوم ثقافيّ ناقص








صدر عن {الدار العربية للعلوم- ناشرون} وعن منشورات الاختلاف، كتاب للروائي والأكاديمي الجزائري حسين علام بعنوان {العجائبي في الأدب: من منظور شعرية السرد}. والعجائبي هنا ليس سوى خاصية خطابية تتبدى في جميع مستويات النص التي يحددها البنيويون من خلال دراسة السرد الشعرية وعلى الباحث أن يجليها فحسب ويحدد طرق اشتغالها، مع أنها قد تكون مادة وموضوعاً للحكي. ويريد علام أن يبرهن ذلك من خلال التطبيق على رواية {ليلة القدر} للطاهر بن جلون التي نال عنها جائزة غونكور عام 1987، ليخلص في الأخير إلى أن العجائبي ليس سوى أحد أشكال الخطاب المتعدّدة.

يفيد علام بأن مفهوم العجائبي انتشر في السنوات الأخيرة انتشاراً واسعاً بين النقاد وأصبح معادلاً لا مناص منه لـ{الفنتاستيكي} باعتباره جنساً أدبياً يملك من المقومات النظرية ومن التمثلات والتراكم النصي ما يكفي ليستقل بذاته. لكن المفارقة تبقى قائمة عندما نكتشف أنه، على كثير من التوصيفات، لا يزال تعريفه ناقصاً غير مكتمل، ولا تزال حدوده غير معروفة، فهو متنافذ مع أجناس أدبية أخرى أكثر وضوحاً مثل {العجيب} و{الغريب}. إذ يظل العجائبي منفلتاً دوماً، فلو حاولنا إيجاد تعريف واحد جامع مانع فإن الأمر سيشكل علينا، لأن تودورف نفسه، وهو صاحب السبق في التأصيل للمفهوم من خلال كتابه الشهير {مدخل إلى الأدب العجائبي}، يبقى متردداً في تجنيسه بشكل قطعي إذ يشرك القارئ في تحديده ويشترط في تلقيه وتعيينه التردد والريبة كحالتين تتلبسان بالمتلقي فتجبرانه على اعتبار العالم الذي يحار في إدراكه عالماً حقيقياً لكن غير قابل للفهم.

يضيف الباحث بأن تودورف يتناول للتمثيل والتوضيح نصوصاً سرية ذات حمولات معرفية مختلفة عن نصوصنا، في أجوائها ما هو مخيف ومرعب، في حضارة لا تقاسمنا الهموم ذاتها والإشكالات نفسها، ولا الفهم ذاته للكون والواقع. وتلك التحديدات الدقيقة الموجودة في كتابه، تجعلنا نشعر دوماً بعذابات منهجية ونحن نحاول إسقاطها على النصوص العربية. لنجد في النهاية أن الأمر لا يتعدى كونه سوى طريقة في الاشتغال أو إحدى وظائف السرد المتعددة، فمكوّنات الخطاب العجائبي هي مكونات الخطاب الروائي نفسها عموماً، بحيث أنه لا يصبح {تيمة} ومادة للحكي فحسب، بل يتعداه ليصبح شكلاً للسرد وطريقة في بناء النص الداخلي. لقد جعلت تحديدات تودوروف النقدية، من العجائبي مكوناً خطابياً يشتغل في الملفوظ القصصي، وجعلت منه إحدى بنى النص الروائي التركيبية، بالإضافة إلى كونه مادة وموضوعاً للحكي.

بحسب المؤلف، فإن دراسته هذه تتموقع من أولها إلى آخرها داخل فكرة العجائبي، وتحاول أن تنفذ عبر النص الروائي لتجليه، عبر ذلك المرور الضروري بمحاولة التحديد والتصنيف لهذا النوع من الأدب باعتباره اشتغالاً جمالياً. ويلاحظ علام أن الفرضية المطروحة في الجزء النظري تجد لها تمثلاً داخل الأثر (رواية ليلة القدر). حيث يظهر جلياً أن مفهوم العجائبي يشكل سنداً إجرائياً محورياً يلوّن العمل كلّه.

يسعى علام من خلال دراسته هذه إلى تصنيف العجائبي على أنه طريقة في الاشتغال داخل النص، تتداخل مع مستوى الخطاب اللفظي، من ناحية كونه ناجماً عن استعمال اللغة البلاغي. فصارت التعابير والتشبيهات والاستعارات نوعاً من الشرارة التي تتفتّق عنها النار ليتحوّل ما كان بلاغياً إلى التحقّق في الحكاية على شكل {ظهور} فوق طبيعي، فيخرج من الاستعمال اللفظي ليصبح حكاية.

يحاول علام تجديد هذا المفهوم انطلاقاً من المقولات الكبرى التي اعتمدها تزيفتان تودوروف، الذي كان قرر أن العجائبي ينهض أساساً على تردّد القارئ الذي يتوحد بالشخصية الرئيسة، منفعلاً أمام غرابة حدث لا يمكن إدراكه أو تصنيفه نهائياً. فإذا اعتبر القارئ أن ما يجري أمامه أمر غيبي يفسّر بطريقة اعتقادية أخرى وعده من مجمل عناصر الوجود، كان ذلك ما يدخل في جانب {العجيب}: وهو نوع من الأدب يوظف الظهورات فوق الطبيعية لأغراض أخلاقية أو دينية. ولا يكون فيه الحدث فوق الطبيعي مقلقاً ولا مثيراً للخوف. أما إذا حاول القارئ التماهي مع الراوي وإيجاد تفسير لتلك الظهورات، وتمكّن من ذلك فإنه قد دخل في نوع من الأدب يوظف {الغريب} القابل للفهم والإدراك لغرض جلب الانتباه وإثارة الفضول. وإذا كان ثمة ما هو مستعصٍ عن الفهم وما حار العقل فيه وأثار التردد بين التفسيرين، فهو العجائبي الذي لا يدوم إلا لحظة التردد تلك، فتصبح الغرابة المقلقة مستثيرة للتساؤل الذي لا جواب له. وذلك عن طريق ظهورات مفاجئة تقلب الموازين.

يعلن علام أن هذه الأفكار كانت مفاتيح الدراسة الأساسية، وهي تتوخّى البحث عن تمظهرات العجائبي في الأثر، وقد اجتهد الباحث في استقصائها عبر محطات كثيرة مثل: مستويات التناص ومستويات الحكي، وطبيعة علاقات الشخصيات، مع محاولة إبراز الطرح الجديد الذي يصنف هذه الأخيرة بحسب صفاتها وروابطها إلى شخصيات عجائبية وأخرى عادية. وهكذا فإن العجائبي كان يلون جميع مكونات الخطاب الروائي. حيث أصبح عجائبياً في كل من الحكي وطريقة السرد، وذلك لاعتمادها فكرة الراوي المتجسّد وصارت الشحصيات عجائبية أيضاً لكونها تحولت وتغيرت وقد أُضيفت إليها صفات جديدة.

من جهة أخرى، يرى الكاتب أن الفضاءات تحولت من مواطن للحركة إلى أمكنة مدلهمة السواد، مخيفة تثير التردد والفزع والخوف نتيجة لكونها أطراً للظهورات المرعبة التي تغير الفهم البشري للمحيط فيتحول إلى متاهة مغلقة ويتوقف الزمن في لحظات ظهور الحدث العجائبي ويصير إلى الانحباس منتظراً انبثاق ما هو مخيف ومرعب، متمهلاً أمام ما يثير الدهشة والحيرة لتغدو الشخصيات فيه مأسورة تقف الحوادث فوق الطبيعية بينها وبين ديمومة الحياة، فيخثر الواقع نتيجة لذلك ولا يعود محتملاً.

يؤكد علام أن لكل هذه المكونات الخطابية دلالات يحاول استقصاءها ما أمكن في ما هو أسطوري تارة وفي ما هو نفسي طوراً، من دون الخروج عن الطرح اللساني البنيوي للمستويات المرتبطة أساساً بدراسات النص الشعرية. ويحاول في هذه الدراسة أيضاً، أن يبحث عن التأويلات الممكنة، والتي تدعي أنها الوحيدة، لاشتغالات {ثيمة} الجسد المهيمنة على الأثر، كذلك يكتشف فكرة {الجسد العجائبي} الذي يتركب من أجساد كثيرة يدل تشويهه على تخلخل الرؤية للوجود من خلال تدخل العجائبي في سياق الحياة اليومي وفي الفهم العقلاني لها.

يعتقد المؤلف بأن التحليل سار على خطّي الرواية في توظيفه النهائي {للعجيب} ذي المنشأ الشعبي وحتى الديني. ومنه يناقش في النهاية مسألة تصوّر رحلة المغامرة الجسدية المقدّس. ويخلص إلى القول إن هذه الدراسة حاولت التأكيد على علة الاشتغال الخطابي للخاصية العجائبية التي تلوّن النص، واستنبطت ذلك كله داعمة طروحاتها بالأدلة والشواهد من الأثر بالذات. وتركت العمل التخييلي يكشف وحده عن مكوناته وحاولت الانفلات من الأحكام المطلقة التي تحاول النفاذ إلى النص من خارجه. فكانت الرواية غاية وهدفاً للاجراء النقدي على رغم ما قد يكتشفه القارئ لها من توظيف العجائبي في إبراز إشكالات الفرد العربي المتعددة، في خضم واقع يتميز باللامعقولية.



المصدر

 

 

__________________

 


لم يكتشف الطغاة بعد سلاسل تكبل العقول... اللورد توماس

نوره عبدالرحمن "سما" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-07-2010, 04:48 PM   #2 (permalink)
عضو شبكة الدراما والمسرح
 
الصورة الرمزية عاشقة مجدك
 
 العــضوية: 7180
تاريخ التسجيل: 19/12/2009
المشاركات: 70

افتراضي

 

 

عاشقة مجدك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-07-2010, 05:06 PM   #3 (permalink)
خبيرة في التنمية البشرية
 
 العــضوية: 5529
تاريخ التسجيل: 17/09/2009
المشاركات: 3,872
الـجــنــس: أنثى

افتراضي

حياك غاليتي ،،

 

 

نوره عبدالرحمن "سما" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
..بحث, لحسين, مفهوم, الأدب, العجائبيّ, ثقافيّ, علام, ناقص


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية زينب لحسين هيكل نوره عبدالرحمن "سما" قاعة الأدب والكتب ( القاعة الثقافية ) 0 24-07-2010 01:29 AM
كيف تعرف بأن أحد الفيتامينات ناقص لديك ؟ أبو غادة القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 8 22-01-2010 12:49 PM
غلاء الأسعار أبو غادة القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 0 18-12-2009 03:45 AM
هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب زهراء القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 2 23-10-2009 01:48 AM
كيف تعرف بان احد الفيتامين ناقص لديك؟هذه هي الطرق ذكرى القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 8 30-08-2009 07:00 AM


الساعة الآن 12:18 AM


طلب تنشيط العضوية - هل نسيت كلمة المرور؟
الآراء والمشاركات المدونة بالشبكة تمثل وجهة نظر صاحبها
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292