إقبال متزايد على تعلم اللغة العربية في الصين
خرجت من إطار المساجد إلى الجامعات بفضل تطور التبادل التجاري
تعلم العربية تحصل على أجر مرتفع في الصين
لندن: «الشرق الأوسط»
يعتزم ما شيويه الشاب من قومية سالار بمقاطعة شنغهاي، في الصين العمل مترجما متخصصا في مجال التجارة الصينية - العربية بعد دراسته لمدة ثلاث سنوات في معهد اللغات الأجنبية بولاية لينشيا ذاتية الحكم لقومية هوي في مقاطعة قانسو شمال غربي الصين.
وتعلم هذا الشاب الإنجليزية قبل التحاقه بالمعهد وانقطع للدراسة في معهد دراسات الترجمة بشيان شمال غربي الصين حيث قضى سنة واحدة فقط.
ويمكن للشاب ما شيويه و600 زميل له في المعهد، ضمن هيئة التدريب المهني الخاصة، الحصول على شهادة الأهلية التي تصدر عن السلطات الوطنية في الترجمة التجارية عند تخرجهم، التي ستقدم لهم تسهيلات في الاشتغال بالترجمة في المستقبل.
وذكر ما دنغ تسانغ رئيس المعهد أنه إلى جانب بعض الطلاب الذين سيواصلون دراستهم خارج البلاد، بحث جميع المتخرجين للعام الحالي، وعددهم 191 متخرجا في المعهد، عن وظائف، وغالبيتهم وجدوا عملا يحتاج ترجمة من العربية وإليها.
وأضاف: «معظمهم يعملون مترجمين لشركات التجارة الخارجية في قوانغتشو وشينغ وغيرها، وكثير منهم يشتغلون مترجمين لمشاريع شركات صينية في مصر وليبيا وغيرها من الدول العربية».
وإذا أخذنا بعين الاعتبار التنمية السريعة للتبادلات التجارية الصينية - العربية في السنوات الأخيرة، فلن يكون من الغريب توظيف كل المتخرجين في هيئة التدريب المهني الخاصة.
وشهدت الصين والدول العربية زيادة متصاعدة في الحجم التجاري الثنائي وتوسيع نطاق التعاون بدلا من التبادلات التجارية في مجال البترول والغاز وحده في السنوات الأخيرة، إذ ارتفع حجم التجارة الثنائية إلى 110 مليارات دولار أميركي عام 2009 من مستوى 36.7 مليار دولار أميركي عام 2004.
وفي الدورة الرابعة للمؤتمر الوزاري لمنتدى التعاون الصيني - العربي التي أقيمت منتصف مايو (أيار) الماضي، أعلن الجانبان نيات التعاون في الثقافة والتعليم والمالية والطاقة الجديدة والاستثمار والتكنولوجيا والبنية التحتية وغيرها من المجالات.
وقال ما شاو وو، رئيس معهد القوميات في لينشيا، وهو مدرسة أخرى للتدريب المهني في اللغة العربية بالولاية: «يتيح لنا تعميق التبادلات التجارية الصينية - العربية فرصة سانحة لتطوير التدريب في مجال اللغة العربية، ونعتقد أن المستقبل المشرق لتوظيف الأكفاء المتخصصين يلوح في الأفق».
وأشار ما شاو وو إلى أنه على خلفية توسيع التبادلات التجارية بين الجانبين، تقبل المؤسسات العملاقة المملوكة للدولة على شق طريقها في سوق الدول العربية التي يعمل ويدرس فيها مئات الآلاف من الصينيين، وتماشيا مع ذلك يتدفق كثير من التجار العرب إلى قوانغتشو وييوو ونينغبوه وغيرها من المدن الصينية التي تمتاز منتجاتها بالجودة ورخص التكلفة، «ما يعود علينا نحن بطلبات ضخمة كأكفاء في اللغة العربية». وأفاد بأنه رغم قيام المعهد بالتدريب المهني في اللغة العربية على مستوى مدرسة مهنية خاصة، فإن المتخرجين فيه بإمكانهم الحصول على راتب شهري يتراوح بين 1200 و2000 دولار أميركي، علما بأنه من الصعب في الصين أن تبلغ أجور المتخرجين في الجامعات الحكومية هذا المستوى.
وتجتذب التسهيلات في البحث عن وظائف وأجور مرتفعة مزيدا من الطلاب لتعلم اللغة العربية، إذ يبلغ عدد الطلاب في المعهدين المذكورين آنفا 2000 شخص من عموم البلاد.
وشكل الطلاب المسلمون من قوميات هوي وسالار وغيرهما غالبية المتدربين في معاهد التدريب المهني للغة العربية، ونظرا لآفاق التوظيف الواعدة، أقبل مزيد من الطلاب من قوميات الهان والتبت وغيرهما على دراسة اللغة العربية في هذه المعاهد في السنوات الأخيرة.
ويلفت هذا الإقبال أنظار الحكومة المحلية، وقال ما بوه رئيس مكتب الأيدي العاملة لولاية لينشيا: إن الحكومة المحلية تعتزم توسيع أعمالها في سوق ترجمة اللغة العربية وتدريب الأكفاء المتخصصين مغتنمة فرصة تعميق التبادلات التجارية الصينية - العربية.
ويعتقد مسؤولو هذه المعاهد أنه على الرغم من وجود تخصص اللغة العربية في كثير من الجامعات الحكومية في الوقت الراهن، فإن عدد الطلاب فيها قليل ومدة التعليم فيها طويلة نسبيا مقارنة بما هو عليه في معاهد التدريب المهني الخاصة للغة.
وقال ما شاو وو: «إن الإقبال على تعلم اللغة العربية في هيئات التدريب المهني الخاصة علامة على تحول تدريس اللغة العربية من التعليم المسجدي إلى التعليم المدرسي، وانتقال هدفه من الوفاء بمتطلبات المسلمين إلى تحقيق العائدات الاقتصادية، ونحن سعداء برؤية ذلك».