[سـيـرة الـحـب]

سوزان نجم الدين:
وضع الفنان الملتزم صعب اليوم



دمشق - فؤاد مسعد
سوزان نجم الدين فنانة لم تأبه بالصعاب، إنما سعت عبر أدوارها المختلفة الى تحقيق حضور مميز يترك بصمة واضحة على الخارطة الإبداعية والإنسانية على حد سواء. حتى بعد أن أنشأت شركتها الإنتاجية نأت بها عن سوق المضاربات والبزنس باتجاه يكرس هدفها في أن تكون شركة حاضنة للعمل الإنساني والفني والثقافي. ومنذ إنشائها سعت الى بلورة أطر لهذه الأهداف جاهدة إلى تحقيقها في أكثر من إنجاز، واستطاعت أن تحقق في مصر حضوراً طيباً كما في سوريا لتكرس موقعها المتقدم بين النجوم العرب. وعلى الرغم من ذلك كله فهي ترى أنه ما يزال أمامها الكثير لتنجزه فهاجسها الإبداعي والإنساني أكبر وأرحب. معها كان لنا هذا اللقاء:

• أصبت بإغماء أثناء تصويرك مشهد الإعدام في مسلسل «مذكرات سيئة السمعة»، ما السبب؟
- كان يوماً من أصعب أيام حياتي. ومنذ أن قرأت المشهد شعرت بالرهبة منه، وعندما حانت اللحظة كنّا ضمن ديكور لزنزانة وقد ارتديت البدلة الخاصة بالإعدام. ومع دوران الكاميرا لم أشعر بنفسي إلا وأنا منسجمة مع الدور وأصرخ وكأن المشهد حقيقي، فأصبت بإغماء وسقطت على الأرض ونقلت إلى المستشفى. وما أن خرجت منه وحصلت على راحة قصيرة حتى عدت إلى التصوير مرة أخرى.
جرأة وتحدًّ
• ما الصراعات التي تعيشينها في العمل؟
- أجسد في «مذكرات سيئة السمعة» شخصية الدكتورة ندى المعتصم التي تدرّس الفلسفة وعلم الاجتماع في الجامعة. وهي مشهورة في مصر لأنها إنسانة عصامية وبنّاءة في المجتمع ومواقفها جريئة، تقوم بأعمال خيرية وإنسانية. وهي تشبهني إلى حد بعيد جداً من حيث المبادئ والقيم، لكنها تختلف عني بالأسلوب فأسلوبها جاف ويفتقر للمرونة بينما أنا كسوزان مرنة أكثر وأحرص على الآخر بأسلوبي.
ويحدث أن تتعرض الدكتورة ندى لمواقف كثيرة من أعداء النجاح تصل إلى حد الدمار، وبالتالي سنرى كيف تواجه هذه التحديات كلها لتكون قدوة لغيرها من نساء المجتمع.
• نُس.ب إليك تصريح بأنك نلت أعلى أجر في «مذكرات سيئة السمعة»، فهل هذا صحيح؟
- الحقيقة ليس أنا من صرح بذلك وإنما هم.. فالتصريح خرج من جهات مصرية، واستغربت كيف تسرب الخبر وأؤكد أنه ليس لي علاقة بما تم التصريح به.
السوريون أقل أجراً
• كيف تنظرين الى تأكيد نجوم سوريين من الصف الأول بأنهم لا يتقاضون الأجور نفسها التي يتقاضاها نجوم الصف الأول في مصر؟
- يحدث ذلك في البداية لأنهم غير معروفين بالنسبة للجمهور المصري كما هو شأن النجوم المصريين، وهذا حق. لكن بمجرد أن ينجح النجم السوري ويثبت نفسه هناك ويصبح له اسم، يأخذ أجره مثله مثل النجم المصري تماماً.
• هناك من يغمز من قناة أن أحد أسباب الاستعانة بفنانين سوريين في مصر هو «رخص اليد العاملة».. فإلى أي مدى هذا الكلام صحيح؟
- لو كان هذا الكلام صحيحاً لما استمر جمال سليمان وغيره من النجوم، فهو يتقاضى اليوم أجرا يعتبر من ضمن أعلى الأجور في مصر، وبالتالي هذا الكلام غير صحيح. والهدف من العمل في مصر أعلى وأهم من ذلك بكثير، فنحن فنانون عرب والفن ليس له وطن لا بل إنه انتشار للفنان السوري، ولكن بشرط ألا نُخلي الساحة السورية من نجومها السوريين بحيث يكون هناك عمل في سورية لكل فنان لديه عمل مصري، لكن للأسف ليس لدي عمل في سوريا هذه السنة.
• لماذا؟
- بكل صراحة لأنه لم يُعرض علي ما يرضيني.
صحافة صفراء
• هناك انتقادات (وإن كانت فردية) عادت لتطفو على السطح مجدداً في مصر حول مشاركة الفنان السوري في أعمال مصرية.. فكيف تقرأينها؟
- إنها لعبة الصحافة الصفراء. كنا نجد فنانين سوريين ومصريين في فيلم واحد منذ سبعينات القرن الماضي وهو أمر ليس بالغريب.
• كثيرون يتحدثون تارة عن خطر يداهم الدراما السورية وتارة أنها في أوجها ولا تزحزحها العواصف.. فكيف تقيمين وضع الدراما السورية اليوم؟
- الدراما السورية دائماً جيدة وفي حالة مزدهرة، لكن قد يكون فيها نوع من التكرار أحياناً وهو أمر طبيعي. والجميل أنها وإن كررت نفسها فلا تكرر نفسها أكثر من أربع أو خمس سنوات، ثم تجد دائماً نقطة جديدة لتنطلق منها، فنتذكر أيام العمل البدوي ومن ثم الفانتازي ثم التاريخي والكوميدي والبيئي والمعاصر واليوم قاع المدينة. ففي كل مرة تنطلق موجة جديدة ويلحق بها كثيرون، لكن المهم انه دائماً هناك من يبدأ بموجة جديدة.
لذلك أقول أن الدراما السورية بخير، أضف إلى ذلك أن الفنان السوري مبدع وطموح وليس أحادي الجانب، فكثيراً ما تجد الفنان السوري فناناً متعدد الجوانب والمواهب، وهذا يطمئنني الى أن الدراما السورية ستبقى بخير.
مغريات كثيرة
• إلى أي مدى يمكن للجمهور أن يفرق بين جرأة «البزنس» الساعية للتسويق والجرأة الحقيقية التي تغوص لعمق الواقع؟
- اكتشفت أن الجمهور يعرف كل شيء، ولكنه في اللاشعور قد يميل إلى الأعمال السطحية لأن هموم الحياة وتعبها باتا اكبر من المشاهد العربي بكثير، فلم يعد يهتم إن كانت الجرأة المقدمة حقيقة أم «بزنس»، وإنما يريد أن يستمتع ويقضي وقته وينسى همومه. لذلك بات الوضع الذي يمر به الفنان الملتزم اليوم صعباً، فهو يحمل مسؤولية كبيرة وعليه مقاومة المغريات.
حرب من أجل التنازل
• لماذا لم تشاركي في فيلم سينمائي حتى الآن؟
- لأن معظم الأدوار التي عرضت علي سواء في مصر أو في سوريا، إما كان فيها جسد أو أنها سطحية أو لا تحوي الموضوع المهم الذي يشدني إليه، فينبغي ألا نعمل بالفن من أجل المال أو الشهرة والظهور.. لأن الفن مسؤولية كبيرة جداً. ضميري لا يسمح لي بأن أكون في أي فيلم مهما كان، لأني أريد تقديم ما هو مهم ومختلف في السينما، خاصة أن هناك الكثيرين الذي حاربوني وقالوا ان عليّ التنازل قليلاً، لكنني رفضت وقلت ان سوزان نجم الدين هي نفسها أينما كانت في السينما أو المسرح أو التلفزيون.
• بأي عين تنظرين لفيلم «خمس دقائق» الذي ستشاركين فيه؟
- إنه فيلم للمخرج الفلسطيني سعيد بيطار ويتناول الصراع العربي ــ الإسرائيلي من خلال فكرة جميلة جداً، حيث يحكي عن الصراع من خلال طريقة الزمن، بمعنى كيف تسرق إسرائيل الزمن من العرب من دون أن يشعروا بذلك، فالفكرة مهمة، والآن يتم الشغل على التفاصيل والمعالجة الدرامية، وسيتم تصوير معظم مشاهده في غزة بواسطة كاميرا سينمائية، كما سيضم جمعا عربيا كبيرا.
سرقة فكرية
• مسلسل «الهاربة» بالنسخة المصرية.. هل أصبح قضية من الماضي بالنسبة إليك؟
- الأمر لم يعد يهمني، فما كان يهمني أن يعرف الناس أن هذا المسلسل قُدم بعد مسلسل «الهاربة» الذي أنتجته وأن أفكاره تمت سرقتها من أفكار عملنا، وهذا يتبعه حق أدبي ومعنوي من المفروض أن يكون موجوداً.
• كيف تعاملت مع دعوتك للمشاركة في الجزء الثاني من «الهاربة»؟
- دعيت للمشاركة كبطلة مع تيسير فهمي في الجزء الثاني، لكني اعتذرت.
• هل تقبلين تجسيد أدوار قد تتناقض مع شخصيتك ومفاهيمك للأمور.. كأدوار الشر على سبيل المثال؟
- من الممكن أن أؤدي الآن شخصية المرأة الشريرة إن كانت نتيجتها إيجابية وإن كانت تعلّم النساء بألا يقمن بما تقوم به.. أي شرط أن تكون وراءها مقولة إيجابية.
• سبق وصرحت عن إمكانية إنتاج مسلسل خليجي.. ماذا عنه؟
- ما زالت الفكرة قائمة.. لكن كل شيء في وقته حلو.

المصدر : http://www.alqabas.com.kw/Article.as...&date=18082010