كاظم الساهر يقول :
" كثر الحديث عن التي أهواها "
و شبكة الفن و الإعلام الكويتي كثر فيها الحديث عن شخصية اسمها /
" طارق العلي "
إلى درجة أن القارئ مل من المواضيع المتطرقة
حول شخصية طارق العلي و المسرح
لن أتطرق إلى زاوية المسرحية وما بها من موضوع ،،
بل سأتحدث عن بشكل عام ،،
بالرغم من أني شخصيا تطرقت و كتبت الكثير و الكثير حول ما يتعلق
بطارق العلي
إلا أنه لا بأس أن أتحدث بتفصيل أكثر و أكثر ،،
فنفسي في النقاش المفيد جدا طويل ،،
حيث أني لا أحب فرض وجهة النظر ،،
بقدر ما أهوى الحديث النابع من لسان العقل العاشق للغة الإقناع
فعندما أقول بأن طارق العلي لا يعي معنى و مفهوم الكوميديا بشكلها الصحيح و الحقيقي
لا أنتظر منه رد بعبارات غريبة مثلا :
لا تخطئ في حق طارق
طارق فنان كبير
طارق يمثل مع عبد الحسين عبد الرضا
طارق له جماهير كبيرة
طارق مسرحه ناجح و الدليل حضور جمهوره
هذه ردود عاطفية ،، بينما أنا انتظر الردود النقاشية ،، مثلا :
كيف بنيت يا هاشم أن طارق العلي لا يعي مفهوم الكوميديا الحقيقية ؟
أي أنني أنتظر مناقشة انسان مثقف عقلاني واعي جدا بماهو تعريف المسرح ؟
كيف تكون عوامل نجاح العمل المسرحي ؟
ما هي أنواع المسرح ؟
ومنها الكوميديا
وماهو تعريف الكوميديا ؟
في عبارتك التالية :
" طارق الفنان الكوميديان الفذ "
سأتحدث للجميع الآن بحديث لا أجلبه من فراغ
بل من خلال دراستي في أيام حياتي الجامعية لمادة تدعى :
مقدمة في الفنون المسرحية
"والطريف في الأمر أتذكر اني حملت المادة مرتين !! ،
بسبب صعوبة وكم المعلومات الثقيلة التي تحتاج إلى ذاكرة الحفظ
فشخصيتي تفهم المعلومة لا تحفظها !
ولهذا الأكثر طرافة أني لا إراديا حفظت واستعوبت ما فيها "
دعونا نبحر معا في امور مبسطة متعلقة بالكوميديا و هي من أنواع الفنون المسرحية ،،
ما اعرفه عن الكوميديا بأنها لم تكن مجرد وسيلة للضحك و الهزل و السخرية فقط كما يعتقد البعض ،، بل كانت في الماضي شيئا مختلفا ً وأصبحت الآن شيء آخر ،، ومن يطلع على تاريخ الإغريق سيعرف معنى كلامي جيداً
كما ان الكوميديا مصطلح ليس بالسهل بل هو فن أدبي له كاريزما خاصة ،،
ليس من السهل أي ممثل يستطيع اتقانها ،،
بل هي اصعب أنواع الفنون المسرحية ،،
قد يكون من السهل أن يؤدي الإنسان الدور التراجيدي
ولكن ليس أي شخص يستطيع اتقان الكوميديا الحقيقية
والكوميديا الحقيقية تكمن في صدقها و عفويتها وشفافيتها
حتى وإن جاءت بأسلوب النقد اللاذع
كما حصل عند أغلب الشعوب التي قد استخدمت نوع خاص من الكوميديا الذي يعد وسيلة من وسائل نقد الحكام والتعبير عن حرية رأي المواطن البسيط ،،
وهو ما يدعى /
بالكوميديا السوداء وهي التي تجسد مرارة الشعوب وأقرب مثال إلى ذلك
التي تكون بطابع سياسي
لأوضح لكم بنموذج بسيط :
رجل كان يشتري الصحيفة صباح كل يوم، ثم ما يكاد ينظر في الصفحة الأولى حتى يرميها مباشرة من يده ، ولما سألوه:
لماذا تعمل هكذا ؟
أجاب: يكفي أنني قرأت صفحة الوفيات
فسألوه: لكن الوفيات ليست في الصفحة الأولى؟!
فقال لهم: المنتظر موته سأجده في الصفحة الأولى !!
هل تعتقدوا أن مثل هذا الكلام فيه تصنع من قبل الشخصية ؟
الشخصية الكوميدية الناجحة هي شخصية طبيعية جدا ،،
لا يهمها إضحاك الجمهور أو إضحاك من هو امامها
بقدر ما يهمها الكلام البسيط و السلس
والدقة في اختيار الكلمات القصيرة التي توجه أمام الجمهور او أمام الشخصية التي امامه من دون تجريح أو إهانة شخصية ،،
وهذا ما كنت أراه غالباً أمامي في المسرح الكويتي
وبالتحديد في شخصية
" سعد الفرج "
بالمناسبة هذا الإنسان أدواره قليلة على المسرح في زاوية الكوميديا
مقارنة مع الشخصيات الأخرى التي من جيله ،،
ولكنه عندما تراه يتحدث ببساطة بعيداً عن التكلف
مستخدما في الوقت نفسه ايماءات الوجه
ترى الجمهور خارج عن إرادته يضحك بدون شعور ،،
وتعطينا مضمون رائع من وراء هذه الإبتسامة
كالكومديا المأساة كمثال
" راد من دوامك راكب قطارك ، نوطك بو ألفك بجيبك راد بيتكم "
هل ترون كيف صفق الجمهور وهو يضحك ومتألم بعد هذه العبارة ؟
وهذه الشخصيات قد نواجهها و نلتقي بها في حياتنا اليومية
تراه انسان بسيط سلس اللسان لا شعوريا تضحك من حديثه المؤنس
ومزاحه اللطيف ،،
قد لا يقصد إضحاكنا بالدرجة الأولى ،، ولكن حديثه وعفويته بهذه الطريقة
لا شعوريا ابتسم وربما لكلامه مغزى وعبرة ..
أنا أتحدث بهذا كله ،، لأصل إلى جانب معين ،،
الكوميديا ليست سخرية وليست استهزاء بالممثل ،،
ومع الأسف طارق العلي يظن أن الكوميديا هكذا ،، !
حتى ولو لم يقصد ،، ولكن من خلال أدائه على المسرح ،،
أرى بأن مفهومه للكوميديا بهذه الطريقة !!
الكوميديا ليست اصطناع نصطنعه !
بل هي عبارة عن مواقف تصادفنا في حايتنا اليومية
نتعلم منها الكثير و الكثير ،،
دون المساس و التجريح بالآخرين ،،
الكوميديا أحيانا تأتي حتى بالصمت ،، فقط بالإيماءات الجسدية ،،
كما حصل في مشهد مسرحية حامي الديار :
عندما تحدث وزير التربية و التعليم
وما إن كان لوزير الخدمات إلا أن قام يخرج و ياتي بكل هدوء
و ينظر فقط إلى وزير التربية ،،مستصغرا كلام شخصية "جاسم النبهان "
والجمهور لا يستطيع ايقاف ابتسامته و ضحكه !
هناك بالفعل مشاهد بسيطة و قصيرة جدا جدا لا شعورياً تضحكني
أفضل من مسرحية تسمى عند البعض كوميديا وهي مصطنعة لا تصنع لي الإبتسامة الهادفة أو حتى على الأقل مجرد الضحك !
فمن المشاهد القصيرة في حامي الديار
"وأنا دائما أضرب المثل في حامي الديار لأنها من أقوى المسرحيات التي مرت في تاريخ الخليج وأكثر مسرحية لازالت ترسم الإبتسامة على شفتي"
عندما قال خالد النفيسي لعلي المفيدي :
"اقعد اقعد من شفتني و شفتك كله معترض على الحكومة "
فرد المفيدي بكل قهر و جدية "ولاحظوا كيف أضحك الجمهور رغم جديته
" اي ليش من بدكم آنا شغلي ما يمشي بالوزارات ؟ "
لكني بالنسبة لي ما أراه في مسرح طارق العلي ليس بكوميديا ،،
بل هو محاولة لإصطناع الكوميديا ،،
و الإعتماد على الإستهزاء بشخصية الممثل الحقيقية
من ناحية الشكل أو الخلقة أو حتى التعرض إلى دينه أو معتقد الخاص !
أو الذهاب إلى إحدى الدول الخليجية و السخرية من نادي كرة قدم ،،
وعندما نرى الجمهور يعترض يتم تغيير الكلام و القول بان النادي الموجه له بالسخرية هو نادي في دولة الكويت !!
أي يفهم من هذا التصريح هو أن أبعد السخرية من نادي
وجعلها في نادي آخر !!
بدل من توجيه الإعتذار بكل شجاعة ..
هل يستحق النادي الذي في الكويت هذه السخرية ؟ لا أعلم!
أنا أسأل بكل عقلانية للكل وأرغب بالجواب ،،
هل هذه أخلاق المسرح أن أكون أنا الممثل أتعرض بالإستهزاء او السخرية من شكل الإنسان الذي كرمه الله وجعله أجمل ما بالوجود ؟
هل أخلاق المسرح تسمح لي بالتعرض إلى الأديان او أحكامها ،،
أو خلق العنصرية على خشبته ؟وهذه الأمور بالطبع ليست فيها مزاح !
لأن المزاح بهذه الأمور على المسرح أمر خطير وخاصة على عقلية الطفل
أن نغرس فيه هذه الثقافة الخطيرة ..
مكمن المشكلة أن طارق العلي خريج معهد الفنون المسرحية ،،
فمن المفترض أن تكون لديه معرفة واسعة و كبيرة أكثر مني و من غيري
بالمعنى الحقيقي الواسع للكوميديا،، وأتمنى أن يعرف هذا الشيء ،،
كما أن كل انسان واعي يعلم أن المسرح هو واجهة لتطور الشعوب فكريا و أدبياً و ثقافياً ،،
أجيبوني بكل هدوء و وضوح ؟
ماذا أضاف طارق العلي في المسرح الكويتي للشعب الكويتي
حتى يجعله في مصاف التطور الثقافي و الفكري ؟
انتبهوا أنا لا أتكلم عن شخصية طارق العلي نفسها
أنا أتكلم عن الممثل الكويتي طارق العلي
أنا لا أنتقد أي ممثل مهما كان حجمه وله جمهوره ،، من فراغ ،،
بل من خلال متابعة منصفة لأعماله ولست مشاهد عادي ،،
بل أنظر إلى أضغر و أضغر الأمور ،،
فمن حقي إن رأيت خطأ من ممثل على خشبة المسرح ،،
أوجه النقد البناء و التصحيح دون التعرض إليه شخصيا ،،
وعلى الممثل أن يتقبل النقد البناء ،، وإذا كان لا يحتمل ذلك ،،
فعليه ألا يمثل ،،
فأنا الممثل علي تقبل كل شيء برحابة صدر ،،
نقد يفيدني أخذ به وأشكر صاحبه ،، وإن كان لا يفيد أتركه جانبا بصمت ،،
فالممثل عندما يأكل التمر ،، فنحن نعد الطعام !
وسؤالي الأخير هل قدمت المسرحية الأخيرة التي قدمها طارق العلي
ما يفيد الجمهور فنياً و ثقافياً ؟ أو حتى الكوميديا الحقيقية الهادفة ؟
ختاماً ،، الأخت التي دعتني إلى إبداء وجهة النظر
أنا أتقبل كل نقاش عقلاني يفيد القارئ قبل أن يفدني شخصيا ،،
وأرجوكم أي رد عاطفي سيتعبني كثيراً وكأني لم أكتب شيء أبداً ..!!
ومن يقول أني اسأت في أية عبارة من كلامي فعليه أن يوضح العبارة ويناقش ،،
بدل من أن يقول كلام في فراغ فقط ،،
فائق الحب ..
هاشم العلوي ..