تقدمت الحكومة خلال اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء أمس باستقالتها بصورة جماعية «لنزع فتيل أزمة عالقة بسبب تقديم حزمة استجوابات بينها ما يؤثر في علاقة الكويت بدول مجلس التعاون الخليجي ويثير فتنة طائفية، على حد قول مصدر حكومي».
وأكد المصدر لـ «الوطن» ان الحكومة كانت تتجه لمواجهة جميع الاستجوابات بكل شفافية غير أن المصلحة العامة والنأي بالبلاد عن فتنة محتملة دفعت الحكومة الى هذا المنحى بتقديم استقالتها الى صاحب السمو الأمير لاتخاذ ما يراه سموه مناسباً.
وأكدت مصادر نيابية ان المؤشرات تفيد إعادة تكليف الشيخ ناصر المحمد لتولي اعادة تشكيل الحكومة للمرة السابعة، وان مرسوما بذلك سيصدر خلال الاسبوع المقبل.
واضافت المصادر ان استقالة الحكومة لا تعني طي الاستجوابات وان ايا من الوزراء المستجوبين ستتم اعادة استجوابه اذا اعيد للحكومة في نفس الوزارة، مشيرة الى ان استجواب وزير الخارجية من النائب صالح عاشور هو «القشة التي قصمت ظهر الحكومة»، ووفقا للمصادر، حتى ولو تم طي الاستجواب باستقالة الحكومة فانه ستتم إعادة اثارة القضايا التي تضمنها على شكل اسئلة برلمانية لوزير الخارجية.
ومن ناحية ذات صلة، اجتمع عدد من النواب في مكتب النائب احمد السعدون لبحث ما بعد استقالة الحكومة، وكشف مصدر مطلع ان الاجتماع حضره اضافة للسعدون النواب خالد السلطان وفلاح الصواغ وناجي العبدالهادي وخالد الطاحوس ود.ضيف الله بورمية الى جانب مبارك الخرينج الذي حضر جانبا من الاجتماع.
واشار المصدر الى ان الاجتماع تناول بحث كيفية التعامل مع اعادة تكليف الشيخ ناصر المحمد وآلية ايصال رسائل للقيادة السياسية بضرورة تغيير منهج اداء الحكومة الشامل في مجلس الوزراء والأخذ بأسباب تقديم الاستجوابات ومعالجة ما جاء فيها من محاور، وقد فضل المجتمعون التريث في عدم اصدار بيان او الادلاء بأي تصريح حتى مطلع الاسبوع المقبل انتظارا لأي قرار او صدور مرسوم بإعادة التكليف، لكن رأيا راج خلال الاجتماع بضرورة ايصال رسالة النواب بداية الاسبوع المقبل وقبل صدور مرسوم التكليف ليتم إيضاح مواقف النواب حتى لا يتكرر او يستمر الموقف النيابي لدى البعض بالتصعيد مع الحكومة.
وقال بيان لمجلس الوزراء غداة استقالة الحكومة انه ونظرا لما تشهده الساحة المحلية من مستجدات تمس الوحدة الوطنية وامننا الوطني فانه تم وضع استقالة الحكومة بين يدي سمو الأمير ليرى سموه بحكمته المعهودة ما يراه محققا للمصلحة العامة وملبيا لمتطلبات المرحلة القادمة.
وأفادت مصادر مطلعة أن مجلس الوزراء استغرق جل وقته خلال جلسته الاستثنائية أمس في مناقشة التطورات في الساحة المحلية وانعكاسات ما يحصل في البحرين على الوضع الداخلي في الكويت والادوات الدستورية المتاحة للحكومة للخروج من هذا الوضع الخطير سياسياً وطائفياً.
وقدم وزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح شرحاً لدور وزارة الخارجية وطبيعة الاتصالات التي تجريها مع دول مجلس التعاون الخليجي على كافة الاصعدة لينتهي الى الخشية من ان يتسبب الاستجواب المقدم لوزير الخارجية في المزيد من التصعيد والإثارة خاصة خلال هذه الفترة التي تشهد احتقاناً خطراً بالمنطقة.
ومن جانبه شدد رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي على ضرورة احترام اختصاصات سمو أمير البلاد في تعيين من يراه لرئاسة الحكومة الجديدة، مؤكداً أن مواد الدستور واضحة في هذا الشأن.
وقال الخرافي ردا على سؤال بشأن خروج بعض المطالبات النيابية بعدم اعادة تكليف سمو الشيخ ناصر المحمد بتشكيل الحكومة الجديدة «أرجو ألا نتعدى على الحق الدستوري لصاحب السمو الأمير في تعيين من شاء لرئاسة الحكومة الجديدة، فإذا كنا نؤمن بالدستور والاجراءات الدستورية فليس من حق أحد التدخل في اختصاصات سمو الأمير»، وارجو ألا نبدأ في مثل هذا الحوار وهذه الدعوات.
وكان الخرافي قد أعلن عن تبلغه رسمياً باستقالة الحكومة بعد انتهاء اجتماع مجلس الوزراء امس، مشيرا الى أن هذه الاستقالة رفعت إلى سمو الأمير المعني دستورياً البت فيها وحسمها وفق الاجراءات الدستورية.
واوضح الخرافي ان الاستجوابات المقدمة لبعض الوزراء انتهت بشكل تلقائي بعد استقالة الحكومة، وانه سيتم رفعها من جدول الأعمال إلا إذا قدمت استجوابات جديدة بعد التشكيل الحكومي الجديد وحينها سيتم ادراجها على جدول المجلس.
وذكر ان جلسات المجلس لن تنعقد لحين تشكيل الحكومة الجديدة لان عدم حضور الحكومة يعني عدم عقد الجلسات.
وفي ردود افعال النواب قال النائب حسين القلاف ان التهديد باستجواب رئيس الوزراء في حالة اعادة اختيار سمو الأمير له اسلوب ينم عن عدم احترام ويعتبر تهديداً مكشوفاً وسوء أدب مع الأمير القائد، لن نسمح به وكفى تطاولاً، فالاختيار صلاحية اصيلة لسموه وليس لنا ان كنا صادقين في الولاء إلا السمع والطاعة.
ومن جانبه قال النائب سعدون حماد العتيبي ان استقالة الحكومة جاءت لنزع فتيل أزمة وللحفاظ على الوحدة الوطنية، معتبراً اختيار رئيس الوزراء حقاً مطلقاً لسمو الأمير وان من يهدد باستجواب رئيس الوزراء القادم يعتبر متعدياً على الصلاحيات الدستورية لسمو الأمير، فمن يكلفه سمو الأمير بتشكيل الحكومة يجب ان نعطيه هذا الحق والوقت الكافي لاختيار وزرائه.
ووصف النائب صالح عاشور الحكومة المستقيلة بأنها حكومة الهروب من المواجهة والمحاسبة للواقع، مشيراً الى ان الحكومة القادمة يجب ان تكون قادرة على المواجهة وان تكون بمستوى الطموح وقبل ذلك يجب ان تكون حكومة قوية تعي جيداً المطلوب منها.
واضاف عاشور: اننا بالفعل اصبحنا بحاجة لحكومة فاعلة يعرف وزراؤها مسؤولياتهم خصوصاً في المرحلة القادمة، لافتا الى ان المطلوب هو المجيء بحكومة جديدة تهتم بحل الملفات الداخلية وان تضع نصب اعينها ملف الوحدة الوطنية وان تكون مسطرة وزرائها القانون الذي يطبق على الجميع.
وقال النائب مبارك الخرينج انني كنت من المنادين بضرورة رحيل الحكومة المستقيلة فلم تستطع تلبية تطلعات المواطنين وممثليهم من النواب.
وإذا استمرت الحال مع الحكومة الجديدة فان موقفي سيكون ايضا عدم التعاون معها عند ادائها القسم امام مجلس الأمة حيث سأخرج من قاعة عبدالله السالم لعدم رضائي على تشكيلها.
وتمنى النائب فلاح الصواغ مجيء حكومة برئيس جديد، واذا عاد ناصر المحمد الى رئاسة الحكومة فان الصدامات ستتجدد، وقال: في حالة إعادة تكليف الشيخ ناصر المحمد «لا طبنا.. ولا غدا الشر».
وقال النائب الصيفي الصيفي ان التكليف لرئاسة الوزراء هو حق لسمو الأمير، ولا احد يملك التعدي عليه لا دستوريا ولا حتى ادبيا، اما بالنسبة للوزير هلال الساير وزير الصحة فإن عاد فإن استجوابي سيقدم له، واذا لم يعد فسأعقد مؤتمرا صحافيا أبين فيه ما لديَّ من دلائل واثباتات على التجاوزات بالوزارة.
واشار النائب مبارك الوعلان الى ان استقالة الحكومة استحقاق سياسي لما تسببت به من شلل واضح في البلاد، لافتا الى ان عودة المحمد من عدمه هو من اختيار سمو الامير دستوريا، ويبقى امامنا كنواب للامة ان نتعاطى مع هذا الامر بشكل دستوري واجرائي وفق المادة 56 من الدستور، والمشاورات التي تجرى وفق المادة اعلاه ستمثل صورة للوضع في البلاد.
وذكر النائب فيصل المسلم ان استقالة الحكومة استحقاق تأخر، مشيرا الى ان مصلحة البلد والشعب في اختيار رئيس وزراء جديد واقرار نهج جديد يمكن مجلس الامة والوزراء من ادارة شؤون الدولة تشريعيا وتنفيذيا ورقابة.
ورحب النائب وليد الطبطبائي باستقالة الحكومة مؤكدا ان الامر بيد أمينة وهو صاحب السمو الامير، ولكننا نتمنى ان يأتي رئيس وحكومة جديدين بنهج جديد، واذا عاد المحمد فإن استجوابنا قائم.
واكد النائب عسكر العنزي ان سمو رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد رجل اصلاحي ونأمل ان يكون لديه وزراء قادرون على تنفيذ خطواته الاصلاحية.
وقال النائب حسين الحريتي ان استقالة الحكومة جاء نتيجة طبيعية للتخبط الذي بدت عليه، معربا عن امله في تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة تعالج اخطاء الماضي وتتعاون مع مجلس الامة في تلبية طموحات الشعب الكويتي، متمنيا في الوقت ذاته ان لا يتأخر الاعلان عن الحكومة الجديدة.
ودعا النائب عدنان المطوع الى تشكيل حكومة جديدة برئاسة سمو الشيخ ناصر المحمد وبدماء جديدة تكون قادرة على انجاز مشاريع الخطة التنموية وان تكون لها سياسة ثابتة ومتوافقة مع قيادة سمو الامير.
وتوقع النائب د. حسن جوهر ان تعود حالة التصادم بين السلطتين في حال ترؤس الشيخ ناصر المحمد الحكومة الجديدة، مؤكدا في الوقت ذاته على ان اختيار رئيس الحكومة هو حق مطلق لسمو الأمير وانه يحترم هذا الحق بما يتماشى مع رؤية سموه.
هذا وستعقد القوى السياسية والتجمعات والكتل اجتماعات لها لوضع شروط ومواصفات الحكومة التي يتطلعون لتشكيلها واجتياز العقبات من خلالها لضمان علاقة متوازنة بين السلطتين نتفق على انجاز القضايا الهامة والملفات الشائكة.
وقد اعرب مصدر برلماني رفيع المستوى عن امله في ان تنزع استقالة الحكومة فتيل الازمة السياسية في البلاد التي احدثتها الاستجوابات، مشيرا الى ان بعض هذه الاستجوابات كانت خطيرة جدا من ناحية اثارة الوضع السياسي والفتنة الطائفية.
وشدد على اهمية استخدام اداة الرقابة في موضعها وعدم التعسف في استخدامها لان «ديرتنا صغيرة ولا تتحمل»، موضحاً ان الفترة المحددة لتشكيل الحكومة في بداية كل فصل تشريعي مبيّنة بالدستور اما اثناء وجود المجلس فلم يرد نص واضح يحدد الفترة اللازمة لتشكيل الحكومة ، ولهذا فإن جلسات مجلس الامة ستعلق حتى تشكيل الحكومة الجديدة.
ومن جانبه وجه النائب عدنان عبدالصمد سؤالاً الى وزير الخارجية عن صحة استقبال سفير الكويت في البحرين لوفد اعلامي بحريني كان من بينه مذيع تلفزيون البحرين محمد الشروقي الذي سبق ان أبَّن الطاغية صدام وشتم كويتيين بالتلفاز، وهل سيزور الوفد البحريني الكويت ومعهم المذيع المذكور، وماهي الاجراءات التي اتخذتها وزارة الخارجية لمحاسبة المذيع لإساءته للكويتيين؟ وقد ايد النائب صالح عاشور سؤال النائب عبدالصمد، وقال انه اذا كان الخبر صحيحاً فإننا امام ازمة جديدة.