14-04-2011, 12:53 PM
|
#1 (permalink)
|
خبيرة في التنمية البشرية
العــضوية: 5529 تاريخ التسجيل: 17/09/2009
المشاركات: 3,872
الـجــنــس: أنثى | السعادة موطنها القلب وليس الجيب ..الشيطان يحكم حال الأمس و حال اليوم..!! منذ ألف سنة كان السفر إلى اليمن على الأقدام يحتاج إلى أعوام .. يحمل المسافر خيمته و زاده و زواده و زكائب التمر و البلح و الخبز المكسر و يتوكل على الله و بين الفيافي و الجبال و الوهاد و الأحراش يطل عليه الموت من أنياب ذئب جوعان ، أو قاطع طريق متربص ، أو حر لافح يقصم الظهر ، أو برد قارص يثلج العظام .. فإذا وصل سالماً فهو قد ولد من ...جديد ، و هي الفرحة التي لا تدانيها فرحة و المليونير على أيامها لم يكن يمتاز على الصعلوك إلا في الخيول المطهمة .. كان الفرس هو السيارة التي تختصر الأعوام في شهور ، و كانت هذه هي سرعة البرق زمان و عرفنا السفن الشراعية لننتقل من أهوال البر إلى أهوال البحر .. يقلع المسافر فيمسك بأنفاسه و قد أدرك أنه أسلم نفسه إلى غول لا يعرف الرحمة .. فإذا وصل إلى بر الأمان دقت له الطبول و المزامير ، و استقبلته الأحضان ، و سجد لله شكراً من فرحة الوصول أما اليوم فنحن نقطع المسافة بين القاهرة و أسوان في ساعات بالقطار ، و نشعر طول الوقت بالملل و الضجر و البطء ، و ننظر إلى ساعاتنا ، حتى إذا وصلنا سالمين بدأنا نسب و نلعن لأننا تأخرنا نصف ساعة و نركب الطائرة النفاثة لنصل إلى بيروت في دقائق ، و نشكو مر الشكوى لأن الضباب و العواصف أخرت وصولنا عشر دقائق و حينما نسافر غداً بالصواريخ إلى المريخ سوف نكون أكثر مللاً و تعجلاً و سنقول : ما هذه الصواريخ اللكع ؟ ألا يعرفون في مصلحة الصواريخ قيمة الوقت ؟ و سوف تتضاعف قيمة الوقت بالفعل .. ستكون الساعة كافية للدوران حول العالم و سيكون الشهر مهلة عظيمة لجولة في المجموعة الشمسية .. و سوف تزداد الإمكانيات ، و لكن سوف تتضاءل السعادة .. و كلما ازدادت الإمكانيات ازداد الطمع .. و كلما ازدادت السرعة ازدادت العجلة .. و كلما ازداد الترف ازدادت الشكوى .. تماماً مثل حكاية الغني الذي يزداد طمعاً كلما ازداد ثراء .. و هذا شأن المكاسب المادية ، كلما ازدادت ازداد الافتقار إليها و إلى المزيد منها ، و بالتالي ازدادت التعاسة .. لأن السعادة موطنها القلب و ليس الجيب ، و لا عبرة فيها بازدياد الإمكانيات المادية .. السعادة تنبع من الضمير .. و من علاقة الإنسان بنفسه و علاقته بالله و هي في أصلها شعور ديني و ليست شعورا مادياً .. و هي تنبع من إحساس الإنسان بأنه ليس وحده و أن الله معه ، و أن العناية تحوطه و الإلهام الخير يسعفه ، و أنه يقوم بكل واجباته ... و لهذا يمكن أن ينتحر مليونير يملك باخرة و طائرة و عدة ملايين من الدولارات في حين تجد الراهب الذي يعيش على الكفاف يضيء وجهه بسكينة داخلية لا حد لها ، و يسارع إلى نجدة الآخرين في محبة و سعادة ، لأنه يؤمن بأن للحياة معنى و حكمة ، و أنها لم تخلق عبثاً و إنما خلقها العادل الرحيم د / مصطفى محمود من كتاب الشيطان يحكم http://www.facebook.com/?ref=hp#!/dr.mostafa.mahmoud __________________ لم يكتشف الطغاة بعد سلاسل تكبل العقول... اللورد توماس
|
| |