الدين لله والشاورما للجميع ! الدين لله والشاورما للجميع للكاتب فهد الحازمي
تعددت مذاهب الناس وتشكلت رؤاهم واختلفت أديانهم، وعلى الرغم من كل هذا تظل الشاورما قاسماً مشتركاً بين كثير من الدول المتحضرة التي يشارك الشعب فيها بصناعة القرار وتقرير المصير.
الشاورما كقيمة ملهمة ما يزال أمامها الكثير من الوقت حتى نرى نظامها يسود في بلادنا والتي وإن كانت تقدر الشاورما إلا أنها وللأسف مازالت تعاني الكثير من العوائق والقيود مما يحول دون تبنيها كأسلوب حياة أثبت نجاحه وأثره في استقرار البلاد.
هل تتعارض الشاورما مع شريعتنا ؟ وهل هي نابعة من عاداتنا وتقاليدنا أصلا ؟ هل يمكن أن يكون تبني الشاورما كأسلوب حياة وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية بين مختلف الطبقات ؟ وغيرها من الأسئلة التي مازالت تدور وتدور في أذهان الناس. فبكل بساطة .. ماهو نظام الشاورما ؟
نظام الشاورما في الحقيقة بسيط جداً ، هو يقوم على عدة مبادئ سأذكر أهمها:
- مبدأ فصل السلطات. فالمعلم مثلا لايمكن أن يقوم بعمل المحاسب، والمحاسب لايمكن أن يقوم بعمل عامل النظافة، وعامل النظافة لا يمكن ان يقوم بعمل المعلم. فلابد من فصل سلطة كل واحد منهم عن الآخر حتى تتحقق العدالة أمام الزبائن. وهذا معناه أن معلم الشاورما لايمكن أن يتجاوز مهمته فيكون معلم شاورما ومحاسب ومغسل صحون وسباك المحل ووو.. لأن هذا معناه بكل بساطة أنه لن يستطيع القيام بأي مهمة من هذه المهام أو على الاقل لن يكون بمستوى اتقانه لو بقي مختصا بواحدة منها.
- مبدأ المحاسبة. حيث لا يحرم في نظام الشاورما أن تقول: هذا ليس طلبي! كما أنه بإمكانك أن تسأل المعلم عن سبب برودة السندويتش، وإذا ثبت لك تقصيره في هذا فلك أن ترد ساندويتش الشاورما وتسترد فلوسك. وهذا التصرف بلا شك سوف يدفع المعلم لإتقان الشاورما في المرات القادمة وعدم التقصير. ففي نظام الشاورما، المعلم هو أجير لدى الزبون، يخدمه ويحرص على مصلحته ومستقبله. وليس هذا فقط، ففي نظام الشاورما.. “الزبون دائما على حق”
- مبدأ المناصب للأكفأ، فحتى لو كان ابن معلم الشاورما مهندس أو دكتور، فلا يمكن أن يمارس مهمة أبيه معلم الشاورما إلا بعد إتقانها ومن ثم رضى الزبائن عن أدائه. فالقانون هنا واضح وصريح ولايوجد لأي أحد الحق بأن يمشي فوقه بحجة أنه ابن معلم الشاورما.
- مبدأ التنوع ، فكثرة أنواع السندويشتات و الأكلات في المطعم لايعني أنه متفرق أو مقسم، بالعكس هذا يعني التنوع، وأن الزبون عنده خيارات كثيرة يستطيع الاختيار بينها ومن خلالها يستطيع معرفة الأصلح له.
نظام الشاورما لا يوجد فيه طريقة عالمية موحدة لطبخ وتقديم الشاورما، بل هو آلية تقبل التعديل حسب قيم وأعراف المحل وخطوطه الحمراء، فلايمكن أن يبيع المحل (الخمر) مع الشاورما إذا كانت شاورما إسلامية. وبرضو الشاورما لايوجد لها صيغة محددة، بل بإمكانك عمل الكثير من الإضافات، كالجبنة أو الكاتشب أو البطاطس .. أو أي حاجة، بدون الإخلال بجوهر نظام الشاورما. أخلاقيات الشاورما
كذلك يتمتع النظام بأخلاقيات الشاورما، والتي لا يختلف حولها اثنان. فمثلاً لايملك معلم الشاورما أي حق في أن يفرض عليك شراب البيبسي إن كنت تحب الحمضيات، لأن هذا اختيارك الشخصي ولابد عليه أن يحترمه. كما أنه إذا كنت تحب شاورما الدجاج، فلن يتهمك أحد بأنك خائن وعميل للديكة ومتآمر على محبي الشاورما باللحم، لأن الكل يعلم بأن هناك قانون قوي في المحل وقادر على أن يفضح أي مؤامرات. وحتى لو فتح محل شاورما جديد جنب المحل القديم فلن يتهم معلم الشاورما القديم كل من يشتري من الجديد بالخيانة والتآمر لأنه يعرف أنه الناس ما راحت للجديد إلا لقصور فيه، فبالتالي رح يطور نفسه ويزيد من إتقانه للشاورما. كما أنه لن يتعرض لك أحد بالأذى والسجن لمجرد أنك عبرت عن رأيك في السندويتش التعبان أو المعلم الفاشل، طالما حق التعبير مكفول للجميع بما لا يتعدى التعبير السلمي.
ومن أهم أخلاقيات نظام الشاورما أنه ما يهم مين المعلم، مسلم ول مسيحي ول يهودي ول تركي ول أفغاني ول سوري … ، ولا يهم جنسه كذلك رجل أو امرأة، المهم هو أنه يعاملك كزبون لك حقوق. وكذلك من أهم الأخلاقيات، عدم استغلال عواطف الناس عبر التحالفات المخيسة، فمثلا معلم الشاورما لايحق له أن يتحالف مع إمام المسجد حتى يمدحه بعد الصلاة ويدعو الناس للشراء من محله لأنه معلق لوحة أذكار الصباح على جدار المحل ولأن دجاجه مذبوح بطريقة إسلامية، لأنه بهذا الشكل يستغل مشاعر الناس الدينية لشيء لا علاقة له بالدين أصلا، بل هو لأجل الدنيا.. “فالدين لله والشاورما للجميع”. ففي نظام الشاورما لايوجد أي استخدام للدين، ولو وُجد فالزبائن كلهم سيدركون -ولو آجلاً- بأن إمام المسجد كان نصاب وكذاب وطلع في النهاية مشارك مع صاحب محل الشاورما في الأرباح.
ومن الأخلاقيات كذلك، أنه لو واحد ما عجبته شاورما المحل وتقدم باقتراحات لزيادة نكهات أو مكونات على الشاورما، فما رح يقوله معلم الشاورما “أنت مو شاورمي” ول “وين شاورميتك” ولا رح يتهمه بأنه متأثر بساندويتشات الفلافل ويعمل بأجندتها، إنما رح يتقبل اقتراحاته بصدر رحب وحتى يمكن يعطيه ساندويتش ببلاش لأنه يعرف أنك ما اقترحت إلا من منطلق حبك وحرصك على محل الشاورما وعشان يصير هو الأفضل..
وختاما، هناك مقولة خلدها فيلسوف مغمور ، حيث قال “في نظام الشاورما لستُ مقتنعا أبدا بأن تأكل الشاورما بالمخلل والطماطم، لكني سأدافع حتى الموت عن حقك بأن تأكل شاورمتك كما تريد تعليقي :
نعم ،أي عمل مهما صغر أو نظام أي كان يحتاج إلى توزيع كفء في الأدوار وتقسيم جيد للمهام وحتى تجدي ثمرة هذا التكامل والتعاون ويعم بالنفع للجميع.
ولكن ،بالنسبة لمبدأ الفصل بين السلطات لا يعني الفصل التام ولكن الفصل الذي يضمن سلامة وسير كل جهاز بما يحقق الغاية التي أنشأ لأجله وحتى إن دعت الحاجة للتدخل يكون بالقدر الذي يكفل استمرارية وكفاءة هذا الجهاز يما يحقق الصالح العام __________________ لم يكتشف الطغاة بعد سلاسل تكبل العقول... اللورد توماس
|