[بحر الحب]

غزت الدراما الوطن العربي منذ قديم الزمان , بدءت الرائدة مصر في الانتاج المسرحي والتلفزيوني والسينمائي ولحقها من لحقها , في الخليج ممثلين بدولة الكويت , وفي دول الشام ممثلين بسوريا مع اقلية للبنان , من بدايات الى محاولات الى تجارب ناضجة الى ترسيخ لحضور كل دراما على حده وتنافس بين الاقطاب الثلاثة سنويا .. المصرية والسورية والخليجية ..

يبدأ موسم وينتهي , يفتتح لوكيشن ويغلق غيره , تعرض الاعمال ويأتي دور الجمهور المتابع وغير المتابع ليقيم ما شاهده بين المدح والذم وبين القبول والرفض , فبعد أن كان صوت الجمهور لا يصل الى الفنان الا عن طريق الصحف ووسائل الاعلام صعبة الوصول , تطور الامر شيئا فشيئا الى ان تمكن الجمهور من وسائل التواصل الاجتماعي "القاسية جدا" على الفنانين مثل المنتيديات والفيس بوك وتويتر والواتس أب وغيرها من الوسائل , اذ يصل رأي المشاهد الى الفنان خلال ثواني وبنفس لحظة مشاهدة الاعمال ..

في الدراما السورية تقدم عشرات الاعمال سنويا , وتتباين مستوياتها ما بين الممتاز والجيد والسيء مع اكثرية قليلة للممتاز , ولديهم جمهور يقيم من نقاد وخبراء ونخبة وعامة الجمهور , ومهما كانت درجة استيائهم من عمل ما , فإنهم لا يفكروا ابدا بالنظر الى الماضي , ولا يفكروا ابدا بالترحم على أعمال خالدة في تاريخ درامتهم كــ ( حمام الهنا ) أو ( نهاية رجل شجاع ) أو ( سلسلة مرايا ) اذ لكل وقت وقته واعماله , وفي الدراما المصرية لا يختلف الوضع .. اذ يستاؤون من مسلسل وينتقدون آخر وينفرون من متابعة آخر غيره , الا انهم لا يترحمون على روائع في الذاكرة مثل ( المال والبنون ) أو ثلاثية ( رأفت الهجان ) أو حتى ( لن أعيش في جلباب أبي ) ,, وأيضا لكل وقت وقته واعماله وافكاره رافضين فكرة الترحم على عمل من الماضي بحجة ان ما يقدم حاليا ليس بالمستوى المطلوب ..

ولكن .. ما هو موقع الجمهور الخليجي من الإعراب في هذه الناحية ؟

نحن لنا الدور الاكبر في صناعة الدراما الخليجية وتحسين مستواها او العكس , قد تكون الدراما الخليجية هي الحلقة الأضعف في الدراما العربية , قد تكون الدراما الخليجية مساوئها أكثر من حسناتها , قد تكون الدراما الخليجية متذبذبة المستوى .. وقد تكون ما تكون ,, ولكن مهما شاهد الجمهور من اعمال سواء كانت ممتازة او جيدة او تافهة , فإن هناك "صفة سيئة جداً" تلتصق فيه وفي آراءه , فلا يزال الجمهور بأغلب نقاده وبأغلب عامة مشاهديه يترحم على اعمال خالدة ويتمنى اعادتها كـ ( درب الزلق ) و ( خالتي قماشة ) و ( خرج ولم يعد ) وغيرها ,, بل ان الجمهور يرفض كل ما هو جديد ومختلف جيد مستواه او غير ذلك ..

وبسبب ترحم الجمهور على اعمال الماضي .. نجد أن كثير من جيل الرواد يعيشون على أمجاد ما قدموه سابقا لأن الجمهور متعلق بهذا الماضي
وبسبب ترحم الجمهور على اعمال الماضي .. خرجت لنا أعمال تافهة تريد تقليد الاعمال الخالدة مثل ( حبل المودة ) و ( فريج صويلح ) و ( قتالة الشجعان ) وغيرهم الكثير
وبسبب ترحم الجمهور على اعمال الماضي .. سقط المستوى وفشلت أكثر الاعمال لأن الجمهور لا يريد غير الماضي

وأؤمن دائما ... بأن كل عمل فني يأخذ عناصره الفنية من معطيات زمنه وافكاره في النص والاخراج وطريقة الاداء , هو العمل الذي يظل في الذاكرة وتعاد مشاهدته دائما , ولهذا السبب نشاهد الاعمال الخالدة يوم بعد آخر بلا ملل , ولو تم تقديم احدها بكل حذافيرها في هذا الوقت لفشلت فشل ذريع وتم رميها في أقرب سلة مهملات , في لقاء البارحة ببرنامج "تو الليل" اعجبت بجملتين من الضيوف , الاولى من الفنان عبدالرحمن العقل حيث قال : لو اننا بايام قبل وضعنا نار على المسرح مثل مسرحيات الحين لمنع أولياء الامور اولادهم من حضور مسرحنا ,,, والثانية من الفنان علي كاكولي حيث قال : موضوع ان الفن رسالة انتهى فالفن صار سحر من المخرج والممثل للمشاهد ..
وهذا ما يجب ان تستوعبه الاغلبية

واللي أبي اوصله , نحن كجمهور مسؤولين عن مستوى الدراما وما يحدث فيها , وسائل التواصل اختصرت كل الطرق لتصل رسالة الجمهور للفنانين حتى يتحسن المستوى , تراجعت الدراما الخليجية وسقطت وتخلفت لعدة أسباب , ومن أهمها .. ترحمنا كجمهور على اعمال الزمن الجميل

ولذلك ..
لن نتقدم .. اذا ما زلنا نترحم