لـنـا الله .. الـرحـيـل الـمـر !!
لنا الله .. الرحيل المر !
بقلم / تركي الدخيل
قليلة هي الوجوه التي تصنع الفرح. كلما رأيت وجوهاً فنية تزرع البسمة أو تضيف الجمال أشعر بأن هذه الشخصيات فعلاً مؤثرة وقليلة. من إسماعيل ياسين إلى عادل إمام إلى سعيد صالح وأحمد زكي وعبد الحسين عبد الرضا وخالد النفيسي وسعد الفرج وإلى ناصر القصبي وعبدالله السدحان، وطلال مداح ومحمد عبده وأبو بكر سالم وعبادي الجوهر وراشد الماجد.. كل تلك الأسماء هي الأنوار التي تضيء طرق الفن. والفن جزء مهم من الحياة. الفنّ هو أندر العملات المهنية، لأنه يتعلق بالوجدان. وحين نودع فناناً كبيراً أسهم في تأسيس الفن بالسعودية، وهو الأستاذ طارق عبد الحكيم، فإننا كما ندعو الله أن يرحمه، نحزن لفقدانه، فهو الذي كان عمل على تأسيس الموسيقى في السعودية، بل وحلم بتعليمها بالمدارس. كان حلمه أكبر من واقعنا، حتى إننا لم نتحمل متحفه الذي اقتحم وأغلق... نعم أغلقنا متحف طارق عبد الحكيم، قبل أن يختار مصر منفىً له، ثم يغادرنا هناك، بعد أن كان هو ألف لذاكرتنا وترك لتاريخنا ووجداننا "السلام الملكي السعودي".
طارق عبد الحكيم فنان "لنا الله،" و"يا ريم وادي ثقيف"، وسواها من الأغاني المهمة، قُدّر في الشرق والغرب، ولم نقدره حق قدره، حاز على جائزة اليونسكو للموسيقى سنة 1981، وانتخب رئيساً للمجمع العربي للموسيقى 1983، وأسس متحف الموسيقى العسكري في الرياض، ثم انتخب رئيساً للمجمع مرة أخرى 1987.
عجيبة حياة هذا الفنان الكبير، الذي انتقل من بيع الخضار، إلى بيع فنّ يخضرّ له القلب، لدرجة أن بذر في تربة قلوبنا الحب.
لا أدري إن كان قد توفي وهو راضٍ عن أجيالٍ حاول أن يُدخلها عصر الفن والموسيقى، وأن يجعل الموسيقى خبزاً يومياً، لكنه بالتأكيد رحل وهو لم ير حلمه واقعاً. كان العزاء ببعض الفنانين الذين رعاهم وتبناهم ثم أصبحوا نجوماً مضيئةً في حياتنا. وهذا ما أعزي نفسي به ساعة رحيله.
ذكرنا رحيله بفراق طلال مداح، كما نتذكر كل الفنانين والمبدعين والممثلين السعوديين الذين رحلوا، من محمد العلي، إلى بكر الشدي، إلى صالح العزاز، كل تلك الشموع، التي أحرقت نفسها لتضيء أنفاقنا، ثم احترقت سريعاً، أكثر مما يجب، لأن ظلمتنا قاتمة... ربما!
قال أبو عبدالله، غفر الله له: رحم الله الحكيم، طارق عبد الحكيم، الرمز الوطني الذي عزف لنا سلامنا الوطني ثم رحل، وغنى على أسماعنا أجمل الأغنيات، نودعه وندعو له، ولا أقول له إلا شكراً يا أستاذنا الكبير، شكراً على كل شيء.
|