(فارسٌ بلا جواد) ، فـ كيف لو امتطى الفارسُ جواده ؟
قراءة - هاشم العلوي
لم يكُن الجمهور و الإعلام العربي بمختلف توجهاته و بالتحديد في (نوفمبر) من العام 2002 ، على توقع بأن تلك الشخصية الفنية التي تُدعى بـ (حافظ نجيب) تتحول إلى مادة دسمة لـ الهجوم الشرس من قِبل الصحف الأمريكية و الإسرائيلية من جهة و محل إشادة من الفنانين و المثقفين العرب من جهةٍ أُخرى ..
عملٌ درامي اتسم بـ الطرح الجاد مازجاً معه كوميديا الموقف ، أثار الضجة لـ الولايات المُتحدة الأمريكية ، إلى أن وصل الأمر بطلبٍ من (الأخير) إلى جمهورية مصر و الحكومات العربية الأخرى ألا تبثهث القنوات اللوجستية ، مُبررةً بذلك أنه يتناول بروتوكولات حكماء (صهيون) معتبرةً ذلك من وجهة نظرها أنها مزيفة .
(فارس بلا لا جواد ) عملٌ بطله لآ يحتاج إلى تذكير القُراء به نتيجة ما يمتكله من رصيد فني زاخر و أعمال سياسية جادة تميزت بالكوميديا السوداء ، فيكفي إذا القول أنه الفنّان المصري (محمّد صبحي) الذي قام بنفسه بكتابة هذا المُسلسل المثير للجدل (في تلك الحُقبة) إضافة إلى مشاركة الكاتب محمد بغدادي ..
لقد قام (صُبحي) بتجسيد شخصية (حافظ نجيب) المُعاصر لأكثر من فترة تاريخية وماهية مواقفه أثناء كُل فترة من خلال استخدامه لوسيلة التنكُر فى 14 شخصية مختلفة سعياً منه للتخفي من سلطات الاحتلال،.من خلال حبكة درامية امتدت أحداثها إلى41 حلقة ..
تناول (فارس بلا جواد) هموم المنطقة العربية و مُعاناتها ، بدايةً مع الإحتلال التُركي مروراً بالإستعمارين الإنجليزي و الفرنسي ، مُنتهياً إلى الإحتلال الإسرائيلي ، كما أنه يُعتبر اول عمل درامي عربي ناقش كيفية نشأة الفكر الصهيوني ..
في الحقيقة لا زلتُ أتذكر مشاهدتي لهذا العمل الجاد في (دورته الرمضانية) و المُصادف لذكرياتي مع المرحلة الثانوية ، رأيتُ من خلال العمل في العرض الأول بالإضافة إلى المتابعة الخاصة على أقراص DVD ، أنه تناول العديد من الأحداث منها تحدثه عن الحُقبة التاريخية من 1850 و حتى 1917 وهي الفترة منذ تولى (الخديوي سعيد) حكم مصر وحتى وعد (بلفور) الذى وضع الحجر الأساسي للكيان الصهيوني .
لقد وجد الكثير أن (فارس بلا جواد ) في تلك الحُقبة كان يكشف مجموعة من الحقائق المهمة ومنها زيف ادعاءات حرية الرأي التي تتبناها الولايات المُتحدة الأمريكية و مدى حساسية العرض الوقائعي التاريخي المتعلق بنشأة الصهيونية وعالمية المخطط الذي يسعون إليه .
و هذا بدوره قد يؤثر سلباً على برامج التطبيع التي تقودها أمريكا مع بعض الدول العربية لتسويق الكيان الصهيوني في المنطقة .
حقيقة لا أستطيع الإنكار بأن (فارس بلا جواد) كان قد شكّل لي وجبة ثقافية سياسية جادة كبيرة في الوقت الذي كنتُ أحتاج فيه كـ شاب للقراءة قبل دخولي إلى عالم البوابة الأكاديمية ، و (بغض النظر) عن اتفاقي أو اختلافي مع طبيعة الطرح المتناول درامياً ، إلا أنه يكفي أن أوضح لي بشكلٍ عام طبيعة الصراع العربي ،الإسرائيلي في المنطقة ، إضافة إلى أني استنتجتُ زاوية مُهمة و هو أن العمل احترم الديانة اليهودية، لكنه في الوقت نفسه انتقد الحركة الصيهونية ..
و في ظل اختلاف الرؤيا في العالم العربي حول هذا العمل من جمهور و نُقاد و مثقفين ، على الصعيدين الفني و السياسي ، إلا أنه يبقى القول أني وجدتُ (فارس بلا جواد) قام بسرد الحياة الاجتماعية والسياسية في مصر قبل مائة سنة بطريقة أقرب ما تكون فُكاهية لطيفة، جمع ما بين المتعة وما بين تعريفي كـ مشاهد بعهد (محمد علي) والوصاية البريطانية ثم مراحل المؤامرة الصهيونية للاستيلاء على فلسطين وطرد شعبها.
ختاماً لا أستطيع إخفاء إعجابي الشخصي بأن ( فارس بلا جواد ) نظرتُ له إلى أنه إبداعاً فنياً ذو نبضٍ مصري وطني ، حيث استطاع الفارس (محمد صُبحي) بذكاء وإثارة أن يكون مَحل حديث الصُحف العالمية في ذلك الوقت ، دون استخدام الجواد !! فـ كيف لو امتطى (فعلاً) هذا الفارس جواده ؟
مُقدمة مُسلسل (فارس بلا جواد)