يقدم كاتب السيناريو المصري المعروف ناصر عبدالرحمن في نصه السينمائي الجديد «حشيشة» نموذجا للأوضاع الحالية في مصر من خلال شخصيات تعبر عن جميع القطاعات المصرية خاصة الفقيرة منها التي تخضع لضغوط من اتجاهات مختلفة لتقبل أن تظل مسحوقة ولا تحصل على حقوقها.
وقال عبد الرحمن لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن «القصة تدور حول منشأة تضم فندقا ومزارع ومصانع، ويعيش فيها عدد كبير من البشر من طبقات مختلفة، بينهم أثرياء وأكاديميون وعمال وفلاحون تتباين مواقفهم الحياتية بين من يرغب في التخلي عن المنشأة بالكامل ومن يرغب في تطويرها ومن يرغب في بقائها كما هي لأنه مستفيد منها على حالها، إنها نموذج مصغر لمصر التي نعرفها».
وأضاف كاتب «هي فوضى» و»دكان شحاتة» و»حين ميسرة» أن توقف عجلة الإنتاج السينمائي في مصر خلال السنوات الأخيرة دفعه إلى إصدار السيناريو السينمائي مطبوعا «أعلم أن هذا عكس المنطق حيث من المفترض أن يظهر الفيلم أولا قبل طباعة السيناريو وطرحه للقراءة لكن اللجوء إلى الوضع العكسي أفضل من الانزواء في المنزل، أخر أعمالي كان قبل 4 سنوات كاملة، أشعر أني غائب عن الساحة». وأوضح عبدالرحمن أن السيناريو صدر مطبوعا بالفعل عن دار «حواديت» للنشر والتوزيع بالقاهرة في 157 صفحة من القطع المتوسط تضم 98 مشهدا سينمائيا مع مقدمة من مقال للناقد المصري الكبير سمير فريد بعنوان «كاتب سيناريو سوبر ستار»
وتبدأ الأحداث في «حشيشة» من نهاية فيلم «حين ميسرة» الذي عرض عام 2007 بينما يجعل منه أشبه بجزء ثان من الفيلم وإن كان يروي قصة مختلفة لكنها تتخذ من المراهق اللقيط الذي انتهى الفيلم به أعلى سطح قطار مع رفيقته اللقيطة حيث يصارعان لقيطا آخر على مستقبل ابنهما، بداية للأحداث.
في «حشيشة» يتوجه المراهق «أيمن» مع طفله الصغير الذي بات في الخامسة من عمره إلى الفندق انتظارا لموعد زيارة أم الطفل في السجن ليكتشف عالما مليئا بالأزمات والصراعات. فصاحبة الفندق «زوزو» تضع مخدر الحشيش في متناول النزلاء والعمال لصرفهم عن التفكير في الكثير من المؤامرات التي تحاك من حولهم وأهمها نيتها في بيع المكان للإنفاق على رغباتها ونزواتها دون أدنى التفات الى عشرات سيتم تشريدهم بسبب القرار.
أما المشترون المحتملون فهم يمثلون جهات متضاربة: رجال أعمال لا يهمهم إلا الربح وشيوخ أثرياء يتاجرون بالدين لتحقيق المكاسب، وجهات أجنبية يهمها الاستحواذ على الأماكن الحيوية وبلطجية سابقون يرغبون في فرض سطوتهم بالقوة، وكلهم راغبون في هدم المكان وتحويله إلى مشروع عقاري استثماري.
وتدور الأحداث بالكامل خلال فترة شهرين فقط ويبرز فيها صانع زجاج يرفض فكرة أن يباع المكان ويسعى بكل جهده لإيقاظ عدد آخر من المقيمين فيه ممن سرق المخدر عقولهم وأعمارهم على مدار سنوات كان معظمهم فيها يعمل لصالح عصابات منظمة في تجارة السلاح والمخدرات والسرقة وغيرها.
ويرى الكاتب أن شخصيات السيناريو السينمائي الذي كتبه تعبر بوضوح عن الشعب المصري بكل طوائفه وأطماعه ومشكلاته والفساد الذي استشرى لسنوات طوال مما أصاب معظم أهالي البلاد بالكثير من الأمراض النفسية وجعل الكثيرين منهم لا يدركون قيمة ما يملكونه أو حتى الأرض التي يعيشون عليها.
وبدأ ناصر عبد الرحمن الكتابة للسينما عام 1999 عندما اشترك في كتابة فيلم «المدينة» مع المخرج يسري نصر الله ليكتب بعدها عددا من الأفلام التي حققت نجاحا واسعا وأثارت جدلا نقديا وسياسيا نظرا لتعرضها لموضوعات شائكة بينها الفساد في جهاز الشرطة، في «هي فوضى» للمخرج الراحل يوسف شاهين، وأطفال الشوارع كقنبلة موقوتة والتغيرات التي طرأت على المجتمع المصري خلال نصف القرن الأخير.
(القاهرة- د ب أ)
المصدر :
جريدة الجريدة