حتى انت يا ماركيز..! (1)
ذوائب الوقت تصطادني
انا التائه في زحام المقهى العتيقة
وجوه العامة أراها مثل لوحات بلا ألوان
تترصدني عيون التائهين مثلي
لكني اختلف عنهم في فقد خطواتي..
كل الخطوات التي قادتني الى المقهى تذوب
لم يبقَ منها ما يشير اليّ..
أهيم في مدن ماركيز التي اشتمّ فيها رائحة عرق الخلاسيّات وتأوهاتهنّ..
وأسمع صرير الأسرّة في ليل لا تنقضي ساعاته..
وأرى أجساد العراة غائبة عن الفطرة..
أحاول ان أجد مكاناً بينهم ألقي بما حملته من ضياع بين سطور الكتاب..
حتى انت يا ماركيز تغلق أبواب مدنك الغائصة في الزمان..
أيّ زمان يليق بمثقل بأيامه الميتة..
أيّ مكان يليق بجسدٍ صدئ..
(2)
خاوية الدروب مثل سحنتك وبالية..
تنزلق تحت قدميك وترديك غريباً..
خذ متاع يومين وانزوِ في خربة لياليك الموحشة..
لا تدلّ أحداً على مبتغاك ما دمت مشبعاً بالذهول..
سيعرف الناس جنونك وترجمك نسوة المدينة.
أنت الذي ما تركت جسداً منهن ّالا وأطفأت فيه جذوتك..
ما زلن يتعطرن بأنينك ويرغبن فيك..
خذ من أثدائهنّ زادك قد يكفيك لرحلتك العاشرة.
(3)
لي نهاراتي ولكم لياليكم المبهجة..
لا حاجة لي بليل تزداد فيه الكوابيس..
الميتات التي رافقتني صارت كوابيس..
أعوام العزلة يا ماركيز تبهرك لكنها تشعل ناراً في صدري..
الحب الذي رسمته أكلته الكوليرا..
والكولونيل عاد من جديد، لا حاجة له بمن لا يكاتبه..
عاد بكل أسلحة الدمار الشامل وعاث في أحلامنا فسادا..
عاد بزبانيته ومومساته شاهراً موته..
لم يأكل خراءاً كما أردت، راح يأكل بكارات صفونا..
ماركيز: أما زالت مدنك آمنة..؟
|