يوم «جمعة حزينة» في العراق حصيلته عشرات القتلى في سلسلة هجمات قتل 30 على الاقل واصيب اكثر من 72 آخرون، في انفجار سيارة مفخخة امس، في ما كان المصلون يخرجون من مسجد في الموصل.
كما اصيبت امرأتان مسيحيتان في انفجار عبوة وضعت امام منزلهما، في الموصل.
الى ذلك، أفاد مصدر في وزارة الداخلية ان اول اعتداء يستهدف زوارا شيعة عائدين من كربلاء، اوقع ثلاثة قتلى وثمانية جرحى. ووقع الانفجار لدى مرور حافلة في مدينة الصدر، الحي الشيعي شمال شرقي بغداد.
وبعد ساعة، انفجرت قنبلة اخرى في الحي نفسه مستهدفة حافلة صغيرة ما ادى الى اصابة خمسة اشخاص.
وفي حي الزيونة وسط بغداد، قتل احد الزوار الشيعة واصيب خمسة اخرون في انفجار قنبلة استهدفت ايضا حافلة صغيرة.
ويحيي مئات الاف الشيعة منذ مساء الخميس ذكرى ولادة الامام المهدي.
وتخللت هذه المناسبة احداث عدة فقتل احد الزوار الشيعة واصيب ثلاثة اخرون بانفجار قنبلة لدى مرور سيارتهم في حي الدورة جنوب بغداد.
كما قتل احد الزوار الشيعة واصيب اثنان بجروح الاثنين في هجوم بسيارة مفخخة في الاسكندرية جنوب بغداد.
وفي محافظة بابل، انفجرت قنبلتان وضعت احداهما قرب الموقع الاثري الشهير، لدى مرور حافلتين تنقلان حجاجا ما اوقع قتيلين و27 جريحا.
الى ذلك، اتخذت سرقة «مصرف الزوية نهاية يوليو الماضي منحى سياسيا وتحولت الى مصدر سجال اعلامي خصوصا بعد اعلان وزير الداخلية جواد البولاني عن تورط عناصر من فوج حماية نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي.
وكان مسلحون تمكنوا فجر 28 يوليو الماضي وفي عملية مخطط لها في شكل جيد، من دخول فرع الزوية لمصرف الرافدين في منطقة الكرادة (وسط بغداد) من دون خلع او كسر، وقتل ثمانية من حراسه وسرقة ثمانية مليارات ونصف المليار دينار (نحو 3.8 مليون دولار).
وبعد 3 ايام من العملية، اعلن وزير الداخلية اعتقال ثلاثة من المتورطين فيها بينهم النقيب جعفر لازم الذي ينتمي الى الفوج الرئاسي الخاص وضابط اخر برتبة ملازم. واكد البولاني ان العملية تقف وراءها جهات سياسية نافذة.
وعلى اثرها نشر الموقع الالكتروني براثا المقرب من «المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق» وعبد المهدي من اهم قيادييه، مقالا وصف فيه وزير الداخلية ورئيس الوزراء نوري المالكي بانهما «نائمان».
واتهم الموقع البولاني الذي ينتمي الى الحزب الدستوري (علماني) بمحاولة سرقة جهود الاخرين، مشيرا بذلك الى دور عبد المهدي في القبض على منفذي السرقة.
وبعد ذلك تصاعدت هذه القضية التي تأتي قبل ستة اشهر من الانتخابات العامة.
فقد دانت وزارة الداخلية في بيان الجمعة الماضي المقال الذي نشره الموقع. وقالت: «كالمعتاد مع كل ازمة مهما كان حجمها، تنبري الابواق لاحداث ضجيج تصريحات من اجل التغطية على حجم الفعل المرتكب».
وفي اليوم التالي، قالت الداخلية على لسان الناطق باسمها ان القضية جنائية نفذها ضباط بالجيش العراقي، وليس وراءها دوافع سياسية، مشيرة بذلك الى تلميحات اعلامية الى ان هذه القضية تستخدم في اطار الحملات الانتخابية.
من جهته، سارع نائب رئيس الجمهورية في الاول من اغسطس الى تكريم فوج حمايته تثمينا لدورهم في ملاحقة والقاء القبض على المشتبه بهم في عملية سرقة مصرف.
ومع ذلك، لم تقف القضية عند هذا الحد اذ اخذت وسائل اعلام وكتاب يلوحون بتورط عبد المهدي بالقضية فيما كرست وسائل اعلام «المجلس الاعلى» لنفي اي تورط لنائب الرئيس في هذه القضية والاشادة بموقفه ودوره في الكشف عن المتورطين بالقضية.
واصدر عبد المهدي في الثاني من أغسطس بيانا توضيحيا آخر ردا على التهم التي وجهت اليه. وقال «ان النجاح في اداء الواجب لوقف الجريمة المنظمة لم يفسده سوى التسييس وصور الخيال».
ورأى ان «هذه الافعال المتسرعة المقصودة او غير المقصودة من العوامل القاتلة التي لا تسمح بالتعامل المهني والمسؤول مع مثل هذه الاحداث، عندما تقع فهي تقود الى شق وحدة الموقف ضد الجريمة والفساد واضعافه وخلط الاوراق وتشويش الاذهان».
ودعا عبد المهدي الجميع «من مسؤولين وسياسيين واعلاميين» الى «التصدي لهذه المسؤولية لايقافها»، معتبرا ان «التعامل مع هذه القضايا الحساسة بانفعال واتهامات جاهزة هي من اخلاقيات الاستبداد والتخلف والقتل المتبادل والحقد الاعمى الذي لن يوفر احدا، وهو ما دفعنا ثمنه غاليا».
وقال: «اننا كمسؤولين او كمعارضين يجب الا نتورط بمثل هذه السلوكيات التي هي نار تحرق الجميع وفتنة هي اشد من القتل».
واكد ان «الوقوف ضد الباطل ومع الحق هو الولاء الاول والاخير الذي يكشف عن معدن الرجال، لا الوقوف مع المطامح والانتماءات والولاءات والعصبيات».
وطالب المسؤولين باصدار بيان لتوضيح الحقائق.
واعلن وزير الداخلية جواد البولاني بعد ذلك «التعرف على هوية» مرتكبي العملية مشيرا الى «اتصالات مكثفة» مع «جهات متورطة» لتسليم الفاعلين.
وبعد موجة اعلامية صاخبة، ادارتها مواقع اخبارية الكترونية في مقدمتها موقع «كتابات» (مستقل)، ودفاع وتوضيحات من مواقع وفضائيات تابعة للمجلس الاعلى، اصدرت وزارة الداخلية الاربعاء بيانا جديدا اكدت فيه ان النائب قد ابلغ رئيس الوزراء بان عصابة من فوج الحماية الخاص به كانت وراء ارتكاب الجريمة البشعة.
واكد البيان ان نائب الرئيس ابدى استعداده التام لاعتقال افراد العصابة وتسليمهم الى وزارة الداخلية واعادة الاموال المسروقة التي في حوزتهم، موضحا انه تم الاتفاق على ذلك مع المالكي.
واشار البيان الى ان «المالكي كان يجري الاتصالات مع نائب رئيس الجمهورية ووزير الداخلية ليلة العملية الاجرامية من اجل تسليم المجرمين».
واشار الى انه «تم القاء القبض على خمسة من المتورطين في العملية والاموال المسروقة فيما هرب المسؤولان المباشران عن العملية من قبضة العدالة الى جهات مجهولة خارج العراق».
واشاد عبد المهدي في بيان اصدره مكتبه الاعلامي اول من امس، ببيان الوزارة معتبرا انه «ازال الكثير من الغموض والالتباسات التي تحدثت سابقا عن وجود دوافع سياسية وراء هذه الجريمة، وهذا امر مهم لتنوير الرأي العام».
لكنه اكد ان «البيان كذلك حمل خطأ (...) نظن انه غير مقصود يوحي بان جميع افراد العصابة هم من الحرس الخاص لنائب رئيس الجمهورية».
واضاف: «الحقيقة هي ان شخصا واحدا من مجموع تسعة اشخاص هو من ينتمي الى فوج الحماية المستقل اما البقية فهم ينتسبون الى وحدات ومؤسسات اخرى كما كشفت التحقيقات ذلك». |