في الحرب العالمية الثانية خصصت عنابر ليتامى الحرب من الأطفال
ولوحظ في حينها أن عنبراً منها كان أطفاله أكثر هدوءاً وسكينة، وأقل نسبة وفيات من غيره، وكانوا مطيعين أكثر لممرضاتهم،
يستمعون لكلامهن وينفذون أوامرهن وطلباتهن،
وكانت كل هذه الملاحظات دافعاً قوياً لأحد الأطباء لطرح سؤال مهم على نفسه:
لماذا أطفال هذا العنبر بالذات يتصفون بهذه الصفات؟
وبدأ يقارن بين هذا العنبر وغيره فوجد أن طعام العنابر كلها متشابه،
والعناية الطبية فيها متشابهة،
ولم يميز ذلك العنبر عن غيره إلا أمر واحد فقط :
أن امرأة عجوزا تسكن بالقرب منهم تزورهم كل يوم تمسح على رؤوسهم وتحتضنهم،
وكانت المفاجأة الكبرى أن نسبة الوفيات والمرض وكذلك التخلف العقلي
عند الذين حرموا من اللمس أعلى ممن كانوا يلمسون.
قصة أطفال العنبر تؤكد أن لمس جلد البشر لا يقل أهمية عن لمسه عند باقي الكائنات الحية،
إن وزن الجلد عند الإنسان البالغ يصل إلى حوالي 5.5 كيلو جرامات.
وفي كل سنتمتر مربع منه حوالي 3 ملايين خلية بين عرقية وعصبية ودهنية وشعرية دموية،
ويقول العلماء أن في الجلد ما يعادل خمسة ملايين خلية عصبية ،
تحتاج إلى لمسها للمحافظة على حيويتها وحياتها.
وإذا كنا متفقين على أن الماء والهواء والغذاء عناصر مهمة جداً لاستمرار كل منا.
فإننا بحاجة أيضاً إلى لمس جلودنا حتى نحافظ على حياتنا،
فكثيرون هم الذين يشعرون أن شيئاً ما قد مات فيهم حين يفقدون لمس جلودهم.
ولا أعتقد أن حرص المصطفى عليه الصلاة والسلام على لمس رأس اليتيم كان عابثاً
فقد قال عليه الصلاة والسلام:
« من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة
مرت عليها يده حسنات »،
وذلك لسبب وجيه :
[ أن اللمس رسالة متعددة المعاني ففيها الحب والمشاركة والرحمة والطمأنينة والدعم والتشجيع. ]
ربما كان مناسباً جداً أن نذكر أن المرأة بحاجة إلى اللمس أكثر من الرجل
لسبب وجيه يكمن في أن هرمون الإستروجين يجعل جلدها أرق،
وقد ثبت أن المرأة التي تتلقى لمساً أكثر يقل ظهور التجاعيد في جلدها.
ويصبح تحملها أعلى لضغوط الحياة وهمومها.