26-01-2011, 12:15 AM
|
#2 (permalink)
|
مالك ومؤسس الشبكة
العــضوية: 1 تاريخ التسجيل: 30/07/2008
المشاركات: 6,092
الـجــنــس: ذكر | نجوم «لن أخون وطني» هبطوا من خشبة المسرح و«طاحوله بوس» في بدر الرفاعي كتبت ليلى أحمد|
لم يكن العرض المسرحي «لن أخون وطني» الذي استمد روحه من مقالات كتبها الكاتب السوري الفذّ محمد الماغوط وضمها كتاب «سأخون وطني» الا هدية مشوهة لروح الراحل، الذي قدم أجمل ابداعاته المسرحية مع الفنان دريد لحام ومنها مسرحيتا «ضيعة تشرين» و«كاسك يا وطن» وغيرهما، والتي اعتبرت منحى جديدا في المسرح العربي، من حيث تلامس الاطروحات، مع آلام وهموم المواطن العربي في عصر الاستبداد الذي نعيشه في دول سلطوية ذات حكومات شمولية.
فرقة المسرح الشعبي بقيادة مخرجها احمد الحليل أخذ مجموعة مقالات الماغوط في كتاب «سأخون وطني» و«تمنيت» أن يحولها الى «دراما» تحمل روحها المقالات المنشورة في الكتاب، الا ان خيبتي كانت عظيمة وشعرت «بالعار» أمام كبار الضيوف العرب والخليجيين من نقاد ومهتمين بالفنون الراقية، فقد شذ عن عناصر العرض المسرحي وقدم «خلطبيطة» لا تليق باسم فرقة عريقة مثل فرقة المسرح الشعبي.
غالبية النصوص المحترمة يتم تسطيحها فكل شيء «ماشاء الله» لدى الفنانين الكويتيين يتحول الى سفه فكري غير مترابط ولا علاقة له بفن المسرح «يكشخ» الفنانون «النهضويين» في استغلال اسم كاتب عظيم مثل الراحل محمد الماغوط، ليحولوا عمله ليس الى فعل مسرحي جميل انما الى كتل من القبح الذي قل نظيره.
بدأ العرض في دخول فرقة شعبية تقدم فن «النهمة» البحري، وهو أمر - قد- يحتسب للعرض الذي لجأ للموسيقى اللايف، مع أنه لم يتم توظيفه بشكل صحيح، فوجوده طوال فترة العرض قد يضيف بعدا ضمنيا وجماليا، انما المخرج احمد الحليل أراد ان تكون له رؤية - لا صارت ولا استوت - فلم يستغلها بشكل صحيح انما أمعن في الاخلال به.
في الخلف، ديكور هنادي الشمري «سطرت» عددا من البانوهات السوداء - يالفقر الانتاج - مدبس بعدد من «بلاكات» الكهرباء التى تتدلى منها اسلاك بيضاء طويلة.
ثم تبدأ مفاجأة العرض السقيمة، التى خلت من الابداع فصعد «النجوم...!!» جاسم النبهان وسليمان الياسين وابراهيم الحربي وعبدالامام عبدالله ومحمد جابر ليرحبوا بالحاضرين ويحمدون ربهم!!!... ليصيح النبهان «من شر حاسد اذا حسد» وليختمها عبدالامام بالنبوءة العظمى برفضه لـ«خفافيش الظلام» لان «دارنا دار السعد»... اي بؤس ياربي اهذا خطاب عاطفي لشاعر خائب أم اننا في مسرح له نص وعناصر عرضه المسرحي.
وفجأة هبط «النجوم...!» الذين لهم أكثر من اربعين عاما في المجال الفني هبطوا من خشبة المسرح الى حيث يجلس الأمين العام للمجلس الوطني بدر الرفاعي في الصفوف الامامية و«طاحوله بوس» وهو ما فعلوه قبل قليل في قاعة كبار الضيوف، فلماذا الاحضان والبوس امام الجمهور، وهل هذا ضمن نص الماغوط ام نص « نفاق» فعله ايضا كتيب فرقة المسرح الشعبي الذي لم يوفر احدا ليشكره، وهو الذي كان يعاني من فترة وجيزة من عدم وجود مقر لفرقته!!
« فطاحلة النجوم وقفوا صفا واحدا مع الامين العام نسفوا الغتر.. ورسموا الابتسامات، اعطوا جميعهم ظهورهم للجمهور ليلتقط لهم مصورو الصحافة الذين صعدوا على خشبة المسرح ليلتقط لهذا الجمع الطيب صورا تذكارية للنشر في الصحافة اليومية.. ثم عاد (النجوم الاشاوس) الى مقاعدهم مع الجمهور.... ارتاحوا وارتاحت ضمائرهم فقد قفالوا خطابهم المباشر.. وجلسوا».
العمل مربك، فحين يقرر «النجوم...» مع الامين العام منح ظهورهم للجمهور، لأجل الصور الصحافية، فهذه الحركة تدل على انقطاع الصلة مع الجمهور، الذي من المفترض ان يعبروا عن قضاياه، وهو أمر به حرق لنصوص الماغوط التى كانت منتمية لعامة الناس.
ثلث ساعة من الملل «الجبار» تعرض به شاشة «فيديو» معلقة بمنتصف عمق المسرح، لنرى مقولات قيلت في مسرحيات كويتية قديمة منها «حامي الديار» عن ارتفاع اسعار السلع، و«شياطين ليلة الجمعة» و«حرامي آخر موديل» و«دقت الساعة» عن ايضا التجار الحرامية و«غلط ياناس» عن البياسر وعدم قبول مصاهرتهم لدى الاصيلين و«لطشة» للمجلس البلدي عن انهم مشغولون بـ«شيل المظلات» واستغلال القسايم الصناعية والبطالة في ظل الازمة الاقتصادية، و«الجنون فنون» عن ضياع الملفات على ايد ياسمين و«معايرة» بين قبح وجمال النساء، و«باي باي لندن» عن شرب الخمور و«ان مافي شرطة في لندن وماكو مباحث وتفتيش في لندن، ( شكو هذا في نصوص الماغوط) و«عزل السوق» عن حجب السلع عن المستهلك و«الكويت سنة 2000».
عشرون دقيقة قضاها الجمهور في حالة من الملل والرتابة، ليرى مسرحيات ناجحة مازالت في ذاكرته، كانت معبرة عن روح الامة، وليقول المخرج الحليل ان هذه المشاكل مازالت قائمة، وهو أراد ان تشير لتداعيات ما قد يحدث بعد منحة سمو الامير التى قد تخلق حالة من النصب بالسوق..
أين المسرح من كل ما عرض على شاشة الفيديو... وهل هناك ضرورات درامية «لشاشة» تلفزيونية غيبت المسرح العملاق القديم والاصيل لتبرز تقنيات أكثر حداثة متوفر لها مجال العرض ومكانه، فلماذا خرج الناس من بيوتهم ليذهبوا لمسرح الدسمة، هل ليشاهدوا اعمال مازالت موجودة في ذاكرتهم، تعاد من دون رابط وتكرر بشكل سمج ومن دون دلالات ولا أي معنى... أيعقل ان يكون نصوص « سأخون وطني» للماغوط بهذه التفاهة والسطحية!!!
واضح ان المخرج أحمد الحليل بلا هدف غير الاعتماد على اعمال ناجحة سابقة من تاريخنا المسرحي، ليسد عجزه في معالجة مقالات الماغوط في «سأخون وطني» وتحويلها الى دراما حياة، وهي شكلت ضربة قاتلة لنصوص الماغوط، أراد الحليل الاعتماد على اسم لامع، ليرفع عمله الباهت الذي أتى بعده ممثلون «عنيفون» لا تسمع اصواتهم غير الصراخ المزعج والحركة غير المفهومة في طول وعرض المسرح، وهو يدل على ضعف المخرج الذي لم يسيطر على حركة ممثليه ليؤدي تمثيلا.
عرض « لن أخون وطني» شكل ضربة قاتلة لمقالات محمد الماغوط الذي لم يفهمه «عيال مسرحنا» ما جعلنا مع الاديبة ليلى العثمان وكثيرين جدا غيرنا لنغادر الصالة الذي أثبت عرضه الهش ان الثقافة والقراءة المتمعنة والعمق وحتى ربط الشباب الجدد بتاريخنا المسرحي الجيد هو حلم ابليس بجنات الخلد!!!
المصدر / الراي العام __________________
|
| |