04-11-2011, 01:16 PM
|
#3 (permalink)
|
ناقد درامي ومسرحي وموسيقي
العــضوية: 7976 تاريخ التسجيل: 19/02/2010 الدولة: في الحُب
المشاركات: 144
الـجــنــس: ذكر
العمر: 33 | طبعا الرقص الشرقي صار لغة عالمية إنطلق من مصر وبلاد الشام وإنتشر في أوروبا وأمريكا
وهنا نبذة بسيطة عن هذا النوع من الفنون الراقية : لا يخلو عرس من أعراس الشرق من الرقص، الرقص بوصفه حالة إنسانية للتعبير عن الغبطة بالجسد. الرقص الذي يأتي بعفويته وتلقائيته يفرح الجسد كما يفرح القلب والوجدان. الرقص بوصفه مظهرا ثريا بالانفعال حيث الأداء الحركي، وسرعة أو بطء التحرك في جهات مختلفة، والتمايل يمينا أو يسارا، الجلوس والوقوف، كأن الرقص في تموجه الجسدي يحاكي فعل الطبيعة، سواء في تموج البحر، أو هبوب الريح، أو تمايل الأغصان بفعل النسيم الخفيف. الرقص حضور في الغياب. حين ترقص الراقصة فإنها تنقل المشاهدين إلى أجواء أخرى، طربية حسية، روحية ربما، تغير بمصاحبة الإيقاع حالة المشهد الفردي إلى مشهد اندماج كلي، بين المشاهدين وبين الجسد، وتنتقل هي إلى حالة أخرى، تركز فيها في الرقص ، وتعميقه، وإيقاعه، إلى أن تصل إلى حالة من الغياب الحسي – إذا صح التعبير- الذي تفارق فيه مشهد الحضور، ومسرح الرقص إلى أفق آخر من تجلي الذهن، وصفاء الروح، كأنها تفارق الجسد لتستعيده في الذهن والوجدان.
اندماج الراقصة في رقصها، هو اندماج طبيعي، فنحن لا نعرف الرقص من الراقص – بتعبير وليم بتلر ييتس- وفي حالات الرقص القصوى قد يدخل الراقص أو تدخل الراقصة في حالة نشوة غيبية، أو حالة غياب عن الواقع، أو حتى حالة إغماء، ومن يتابع مثلا حفلات الزار الراقصة يجد كيف تتساقط النسوة مع شدة الرقص والحركة، وهذا ما يعطي للرقص معانيه العميقة. والرقص هو شهيق الجسد، وكما يتنفس الإنسان، يتنفس الجسد، يعلو ويهبط ويخفق، لكن هذا التنفس تنفس تعبيري حركي في المقام الأول. الرقص حالة من حالات الإنسانية، وليس غريبا على الشرقي، وعلى العربي أن يمارس هذه الحالة على مر العصور. والرقص الشرقي إحدى هذه الحالات، إنه تعبير صارخ بالجسد، يغازل الموسيقى والإيقاع ويراودهما، يثوي إلى الصخب الخفيف أو المدوي ليعبر عما في الجسد من أشواق، ومن سعي للخلاص من سجن الزمان والمكان، فالراقص – أو الراقصة- حين يندمج تماما في أداء الرقص يخرج عن أفق اللحظة، وعن جغرافية المكان. يخرج وكأنه في حالة انخطاف صوفي، لا تحده حدود، ولا تسوره مواقيت، ولا يوقفه مطلق.
وعلى الرغم من تنكر أغلب الشرائح في المجتمع العربي للرقص الشرقي، وذمه دائما بأقذع الألفاظ والكلمات، حتى إن كلمة :" راقصة" هي من الكلمات المعيبة في الحياة الاجتماعية العربية، خاصة الراقصةالشرقية ، إلا أن جل طبقات المجتمع العربي وشرائحه وفئاته، تمارس هذا الرقص سرا وعلانية، حسيا أم معنويا، كما لا تخلو الليالي المهمة في الحياة الأسرية الاجتماعية العربية وهي ليالي العرس من وجود راقصة أو أكثر.
فالراقصة الشرقية هي التي تعطي للعرس بهجته ولذته، وهي التي تهبه حسيته الجميلة، وهي التي تجذب أنظار الضيوف طوال أدائها لفقراتها الراقصة. فمتعة الجسد ولذته، ومتعة الأداء الحركي تقدم فقها مختلفا للذة. اللذة التي تتابعها الحواس بشغف، وبانفعال، وبمشاركة جسدية أحيانا في التراقص مع الراقصة من قبل الضيوف.
|
| |