البرازيل: أرض الشعوذة الكروية و تاريخ السحر العجيب
كتب - هاشم العلوي
إن كان السحر قد عرف عبر التاريخ البشري بأنه عبارة عن نوع من العمى و أمور خفيت أسبابها و تخيل الأمور على غير حقيقتها و جريانه مجرى التمويه و الخداع على غير العادة ،فإن الأمر ينطبق ذاته على أبناء السيليساو الملقبين بسحرة كرة القدم على مر التاريخ الرياضي ، "البرازيل" بلاد تطلق باللسان ليتبادر بالأذهان ،كرة القدم المستديرة التي أصبحت للسامبا الأوكسجين و المتنفس الإقتصادي الوحيد لشعبه الفقير، وربما تحولت إلى العقيدة المقدسة ، فلقد استولت على قلوب أبنائه إلى درجة الجنون فأذهلت العقول بالسحر الكروي فلم يختلف اثنان على مفعول الشعوذة في الملايين وربما المليارات ، فالمنتخبات قد تلبسها السحر و الضحايا كثر .
مما لا شك فيه بأن كرة القدم خرج منها الأساطير ، و لكن ما سر هذا السحر الذي أدى إلى تميز اللاعب البرازيلي عن غيره من الآخرين ؟ "مرايا" تجولت في الميدان الرياضي ، فرصدت بعضاً من آراء الجمهور العربي المندهش لسحر السيليساو ، حيث تحدث الشاب حسين السالم "إن تميز لاعبي البرازيل ، عائد إلى الموهبة الفطرية ، و مختلفاً بــروعة حديث الاقدام و سلاستها ، و كأنه يتحدث مع الكُره و تكون له لغته الخاصه في التعامل معها ، لهذا نراه يكسر الارقام و يحصد الألقاب بأسلوبه السهل الصعب الممتنع"
كما علق على ذلك حمدي عبد الرزاق "كرة القدم أكثر من مجرد موهبة عند هذا الشعب ، هي فطرة تكبر مع البرازيلي لتصبح ثقافة أو اعتقاد ، لمسألة أكبر من التميز ، إنه طغيان اللاعب البرازيلي على العالم بسبب مهارته و موهبته ، إضافة للكاريزما المنقطعة للنظير التي يتمتع بها ببساطة ، فتجد المهارة الخرافية الخارجة عن العادة" .
و نفى عدنان إسماعيل احتياج البرازيلي إلى الصناعة الكروية "اللاعب البرازيلي يولد و تولد معه الموهبة ، بينما نجد في بلدان العالم الاخرى اللاعب يتم صناعته و تدريبه ليكون كذلك ، أما في البرازيل فاللاعب هو من يفرض نفسه على خبير مكتشف المواهب و بالتالي نراه بعمر صغير و يقدم اداء كبيرجدا" مضيفا في الوقت نفسه "إن هذه البلاد تنفس كرة القدم التي أسرت قلوب البرازيليين ، فنجدهم في وقت الفراغ ، يمارسون كرة القدم" ، مشيراً حول ما حدث من الكارثة البشرية التاريخية وانتحار الآلاف من البرازيليين بخسارة السليساو للمرة الأولى لنهائي المونديال في العام 1950م ، على أرضها من جارتها الأورجواي "ان كأس العالم 1950م كان نقطة تحول بتاريخ البرازيل فخسارته كانت بمثابة ضربة موجعة للمنتخب و للشعب البرازيلي ، إذا ما قارناها بمونديال 1938م، حينما وصلت للمركز الثالث ، كان الامر طبيعياً ، لكن كارثة 1950 كانت صعبة بكل المقاييس ، لأسباب منها انها كانت الافضل في تلك البطولة و التأهل لأول مرة للمباراة النهائية حيث كان يكفيها التعادل فقط حتى تتوج بالمونديال ، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن ، فقد تكبدت اشد انواع الحزن و خيبات الامل قبل أن يأتيها الفرح بالفوز بخمس بطولات وهو رقم قياسي لم يصله أي منتخب حاليا"
أما السالم فلقد وصف هذه الحادثة وعلاقتها بالهيمنة البرازيلية "أثر هذه الحادثه الثقيله في تاريخ البرازيـل كبيـر , و لا تمـر فتره او يقترب مونـديال الا و أحيوا ذكرى ما حدث في مونديال 50 ، قد تضاف هذه الحادثه سببا ً في الانـدفاع للتعويض ، و النجاح في عالم المستـديرة ، ولا ننسى إصرار و عزيمة و تفاني أسطورته بليه حينما لم يكرم أباه فقط بوعده الخاص له ، بل ملايين من البرازيليين بأول مجد عالمي لهم" .
كما يعتقد السالم أن خسارة أحد أجمل أجيال السيليساو في كأس العالم 1982م ، " خسارة السامبا في تلك البطولة كانـت بالصـدفة ، هـدف عكس مجريات اللعب ، و آخر من خطأ دفاعي ، أهداف مسروقـة سرقـه قــانونيه مشروعـه من قبل الطليان ، ايطاليا قدمت أداء سيئ دون أي فوز في الدور الأول ، بينمـا البــرازيـل قدمت أروع المباريات في تاريـخ البطـولة ، لكن دقائق من عدم التـركيز و سوء الحظ ، كانت كفيــله بإخراج أروع المنتخبـات المونديـالية ، حقاً خروج حزنت عليه البطولة" .
أما قائد منتخب البرازيل و حامل لقب كأس العالم 1994 و مدربه في المونديال الأفريقي القادم ، فقد أبدى ناصر رأيه بشفافية حول قدرة كارلوس دونجا حول السير نحو اللقب السادس "دونغا مدرب موهوب جداً ذو دهاء و حنكة ، يجيد التعامل مع البطولات ، يتميز بتكتيك دفاعي محكم لأقصى حد ، واقعي في أسلوبه ، متحفظ في هجومه بعكس الأسلوب البرازيلي المعروف منذ الأزل" ، و يصف عدنان حول أهمية المنطقة التي كان يتركز بها دونجا عندما كان لاعباً " إن المكان الذي كان يشغله هو مركز الارتكاز و منه تعلم الاصرار و الجدية بالاداء و الحزم و هذا ما زرعه في لاعبيه بالإنضباط فهو دائما ما كان يركز على عامل الانضباط و التقيد بفكره التكتيكي بعيدا عن الاداء الممتع و كأنه يقارن جيلين الاول جيله عام 94 بأداء رجولي و انضباط تكتيكي و جيل 1982 الممتع و الساحر و يقارن بين انجازي المنتخبين فالأول هو نفسه من رفع كأس المونديال فيه و الثاني خاب امله و امل المشجعين فيه ، برأيي الخاص دونجا ، يسير على المدرسة الأوروبية و يواكب كرة القدم العالمية و هي أحد أسباب نجاحه بكل البطولات التي خاضها "