إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-06-2010, 03:06 PM   #1 (permalink)
خبيرة في التنمية البشرية
 
 العــضوية: 5529
تاريخ التسجيل: 17/09/2009
المشاركات: 3,872
الـجــنــس: أنثى

افتراضي جرير في رثاء الفرزدق ....


بداية من هو شاعرنا


اسمه :جرير بن عطية ، بن حذيقة الملقف بالخطفى ، بن بدر ...بن كليب بن يربوع من تميم .
عطية اسم والده الذي كان خامل الذكر ، ضعيف الهمة ، لا شأن له في القبيلة ، بخيلا ، شحيحا . قيل : إنه كان إذا جاع ، عمد إلى عنز ، و جعل يمض ضرعها خوفا من سماع صوت الحليب فيطلب منه اللبن .
أمه هي حقة بنت معبد الكلبية . وفي قاموس الفيروز آبادي : إن حقة هو لقب أمه لا اسمها .
كنيته : أبو حرزة الذي كان كبير أولاده . و كان للشاعر شقيقان عمرو و أبو الورد و قيل : إنه لم يكن على وفاق معهما .
عائلته : تزوج شاعرنا ثلاث نساء ، ذكرهن في أشعاره .
الأولى : خالدة ، أم ابنه البكر حرزة ، و كانت أحبهن إلى قلبه . و قصيدته المشهورة في رثائها أبلغ دليل على ذلك الحب .
الثانية : زرة الديلمية ، أم و لديه : نوح و بلال .
الثالثة أمامة أم زينب .
كان لجرير من الأولاد عشرة ، ثمانية من الذكور ، و اثنتان من الإناث .

علاقة الشاعر بالشعراء


علاقة جرير بزملائه الشعراء ، كانت كعلاقة زملاء الصنعة الواحدة و المهنة الواحدة . تراوحت بين المد و الجزر ، والسلبية والإيجابية . و إن كان الجزر يغلب عليها و السلبية تسيطر .
و أخبرنا الأصمعي أنه ناهش ثلاثة و أربعين شاعرا ، فكان يرميهم ، واحدا و احدا و راء ظهره ، و لم يصمد له إلا الفرزدق و الأخطل .
التحم الهداء بين هذا المثلث الأموي حتى " ملاء الدنيا و شغل الناس " . و ما يمر يوم ، إلا و هذا الثالوث ، يتحف القوم بقصيدة هجائية مقذعة لاذعة فاحشة . فكانت تنتقل على الأفواه من مكان إلى آخر ، أسرع من انتقال النار في الهشيم ، و الوساوس في نفوس الشكاكين .

و انقسم الناس في أي من هؤلاء الثلاثة أحسن و أفضل . غير أن الرأي الغالب هو أن الأخطل أجودهم مدها و أوصفهم خمرا ، و الفرزدق أعظمهم فخرا ، و جريرا أفحمهم و أفحشهم هجاء و أعلمهم نسبا و أجمعهم لفنون الشعر .

و دامت هذه الحرب الهجائية الطاحنة ما يزيد على الأربعين سنة ، دمرت أمامها كل الحدود الأخلاقية ، فانتهكت الأعراض ، و قذفت المحصنات .

و كانت حممها قذائف من ألفاظ الفحش و العهر و الفجور . عنذ ذاك اجتمع عقلاء تميم و أشرافهم ، و الألم يعصرهم ، معترضين على شعرائهم لأنهم يسببون لهم الخزي و العار . و استغلت القبائل المعادية هذا الأمر ، فكانوا ، إذا خمدت نار هذه الحرب الضروس ، يتولون إشعالها من جديد . إذ ينشرون هذا الشعر الفاحش ، فتعود القلوب إلى قساوتها و العواطف إلى تحجرها و تفجرها ، حقدا و كرها و ألفاظا بذيئة مبتذلة . و قد ساعد على تسعيرها ، أيضا بعض الولاة و الأمراء و الحكام طلبا للمداعبة و النكتة و التفكه ، و من هؤلاء بشر بن مروان والي البصرة و الحجاح بن يوسف الثقفي .

طغى على هجاء الفرزدق و جرير الإفحاش و التعهر و الكلمات البذيئة و الإسفاف حتى إن سكينة بن الحسين رفضت استقبال جرير في ناديها الأدبي رغم منحها إياه ألفي درهم إياه ألفي درهم .
أما الخليفة عمر بن عبدالعزيز ، فقد منع عنه العطاء ، بل عاقبه و الشاعر عمر بن لجأ ، لتبادلهما الهجاء الفاحش ، و قذف النساء المصونات و نهش الأعراض فأمر بربطهما و أوقفهما على باب المدينة ، مشهرا بهما ليكونا عبرة لمن لا يعتبر (شرح ديوان جرير : ص ص 5-10)


و بشكل عام ، نستطيع أن نعتبر شعر جرير سجلا تاريخيا موثوقا ، به لما كان يدور ، في ذلك الزمن ، من أيام و معارك و حروب . فقد ذكر أسماء أبطالهم المنتصرين و عدد أسماء أعدائهم المنهزمين ، سواء من قتل أو أسر . فإذا بهذا الشعر و ثيقة واضحة صادقة لما حدث بين الحكم و معارضيه من شخصيات و أحزاب و قبائل ، و ما كان يتحلى به من عادات اجتماعية و مزايا أخلاقية مذمومة أو محمودة . و بعد ، فهذه حياة شاعر شكل مع منافسيه ، الأخطل و الفرزدق ، مرحلة مهمة في ذلك العصر . و كانوا محور الحياة الأدبية و الشعرية ، فما إن تصدر القصيدة من فم أحدهم ، حتى تناقلها الأفواه من قطر إلى قطر ، لتعم البلاد الغربية بكاملها . و كان صوت شاعرنا الأعلى و الأقوى و الأحب و الأكثر جمعا لفنون الشعر ، حتى قال عنه منافسه الأخطل حين طلب منه أن يبدي رأيه في كل منه و الفرزدق : " الفرزدق ينحت من صخر ، و جرير يغرف من بحر " . و صدق في هذا الرأي الراجح الصائب .
و كما قال عنه مروان بن أبي حصفة : " و إنما حلو الكلام و مره لجرير "

الحديث عن شاعرنا يطول و رغم ما دار بينه و بين الفرزدق و قد ناهز أ كل منهما التسعون سنة و هم بين مد و جزر إلى أن حين وفاة الفرزدق رثاه شاعرنا مرثية تعبر عن صدق حبه و بليغ حزنه فما أعجب شاعرنا هذا و أروعه



رائعة جرير قالها في رثاء الفرزدق :



لَعمري لقد أشجى تَميما و هدها * على نكباتِ الدَهرِ موتُ الفرزدقِ(1)
عشيةَ راحُوا للفراقِ بنعشه ِ* إلى جَدَثِ في هوةِ الأرضِ مٌعمَقِ(2)

لَقد غَادرٌوا في اللحدِ من كان ينتمي* إلى كُلَ نجمٍ في السماء مُحَلقِ(3)

ثَوَى حَامِلُ الأثقالِ عن كلَ مُغرمٍ* وَدامِغُ شَيطانِ الغَشومِ السًمَلقِ(4)

عِمَادُ تَميمٍ كُلها ، و َلسانُها* وَنَاطِقُها البَذّاخٌ في كلّ مَنطِقِ(5)

فَمَنْ لذَوِي الأرْحَامِ بَعدَ ابن غالبٍ* لجارٍ وَعَانٍ في السّلاسلِ مُوثَقِ(6)



ـــــ // الشَّرح // ــــ




(1) المعنى: يقول إن موت الفرزدق قد أحزن تميما و أصابها في الصميم .


(2) المعنى : يقول ساعة حملوا نفسه إلى مثواه الأخير و وضعوه في قبر عميق .
(3) المعنى : يقول ساعة : إنهم تركوا في القبر الإنسان الذي كان ينتمي إلى كل نجم مرتفع في السماء . أي إلى أصل كريم .

[4]... المفردات : المغرم : من عليه مال . الغشوم : الظالم . السملق : الطويل
المعنى : يقول راثيا ، مات الذي كان يدفع عن المدين دينه ، و يرد الظالم عن ظلمه .

[5] المفردات : البذاخ : المبدع
المعنى : يقول إن الفرزدق كان عماد تميم ، و المدافع عنها ، و الناطق باسمها في كل مكان .

(6) المفردات : العاني : الأسير .

المعنى : يقول معدد صفات الفرزدق ، متسائلا من يصل الأرحام بعده و يساعد الأسير على فكاك أسره .
[شرح ديوان جرير : 445].








نتابع




وَمَنْ ليتيمٍ بَعدَ مَوتِ ابنِ غالبٍ* وأٌمّ عِيَالٍ سَاغِبين َ و َدَرْدَقِ(1)

وَمَنْ يُطلقُ الأسرَى وَ من يَحقنُ الدما* يَداهُ وَيَشفي صَدْرَ حَرّانَ مُحنَقِ(2)


وَكَمْ مِن ْ دَمٍ غَالٍ تَحًمّل ثِقلَهُ* وَكانَ حَمُولاً في وَفَاءٍ وَمَصْدَقٍ(3)

وَكَمْ حِصْنِِ جَبّارٍ هُمامٍ و َسُوقَةٍ* إذا ما أتَى أبْوَابَهُ لَمْ تُغَلَقِ(4)

تَفَتَحُ أبْوَابُ المُلُوكٍ لِوَجْههِ* بِغَيرِ حٍحابٍ دونَهٌ ، أو تَمَلُقِ(5)

لَتَبْكِ عَلَيهِ الإِنْسُ و الجنُ إِذْ ثَوَى* فَتى مُضَرٍ في كَلّ غَرْبٍ و مَشرِقِ(6)

فتىً عاشَ يَبني المَجدَ تسعين َ حِجّةً* وَكانَ إلى الخَيرَاتِ والمَجدِ يَرْتَقي(7)

فَما ماتَ حتى لمْ يُخَلّفْ وَرَاءهُ* بِحَيّةِ وَادٍ صَوْلةً غيرَ مُصْعَقِ(8)





ـــــ // الشَّرح // ــــ




[1] المفردات : الساغبون : الجائعون . الدردق : الأطفال
المعنى : يقول من يساعد الأيتام بعد موت الفرزدق ، و من يساعد الأرامل و الأطفال الجائعين .

[2] المعنى : يقول من يطلق سراح الأسرى ، و يمنع سفك الدماء ، و يأخذ بثأر المظلوم .

[3] المعنى : يقول كم كان يحمل من ديات القتلى عن أصحابها و كان في عمله هذا وفيا صادقا .

[4] المعنى : يقول : إنه كان يقصد قصور الملوك و بيوت السوقة . و لم تكن تغلق الأبواب في وجهه.

[5] المعنى : يقول ، إن أبواب الملوك كانت تفتح أمام الفرزدق ، دون أن يعترضه حاجب ، و دون تزلف أو تملق منه .

[6] المعنى : يقول إن الإنس و الجن تبكي على فتى مضر أي الفرزدق ، و في كل جهة في الشرق و في الغرب ، عندما يوضع قبره .

[7] المعنى : يقول إنه عاش تسعين سنة يبني مجده و يرتقي إلى أفعال الخير .


[8] المعنى : يقول ، إنه مات بعد أن أسكت كل أعدائه و أجهز عليهم .

[شرح ديوان جرير : 445-446].




طبتم و طاب يومكم ،،،،


من كتاب شرح ديوان جرير قدم له و شرحه له ، تاج الدين شلق : دار الكتاب العربي

 

 

__________________

 


لم يكتشف الطغاة بعد سلاسل تكبل العقول... اللورد توماس

نوره عبدالرحمن "سما" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-2010, 06:59 PM   #2 (permalink)
عضو شبكة الدراما والمسرح
 
الصورة الرمزية همس الوجدان
 
 العــضوية: 4524
تاريخ التسجيل: 11/08/2009
المشاركات: 162

Wink

جزيل شكر لك
أحب أشعار فرزدق

 

 

همس الوجدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-2010, 07:41 PM   #3 (permalink)
خبيرة في التنمية البشرية
 
 العــضوية: 5529
تاريخ التسجيل: 17/09/2009
المشاركات: 3,872
الـجــنــس: أنثى

افتراضي

و أنا كذلك أشكر مرورك الرائع ( همس الوجدان )

 

 

نوره عبدالرحمن "سما" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-2010, 09:49 PM   #4 (permalink)
" من جمهور المثقفين "
 
الصورة الرمزية omhasn
 
 العــضوية: 7843
تاريخ التسجيل: 08/02/2010
المشاركات: 550

افتراضي

ألف شكر أخت نورة على هذه المعلومات القيمة ,,, تحياتي

 

 

omhasn غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-2010, 09:49 PM   #5 (permalink)
خبيرة في التنمية البشرية
 
 العــضوية: 5529
تاريخ التسجيل: 17/09/2009
المشاركات: 3,872
الـجــنــس: أنثى

افتراضي

و جزيل الشكر لكم أختي أم حسن على مروركم الرائع دائما ،،،

 

 

نوره عبدالرحمن "سما" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصيدة رثاء ( أعزي بغازي الشعرَ واليمنا ) نوره عبدالرحمن "سما" قاعة الأدب والكتب ( القاعة الثقافية ) 2 17-08-2010 12:59 PM
الشاعر أحمد رامي في رثاء ابنته أحلام نوره عبدالرحمن "سما" قاعة الأدب والكتب ( القاعة الثقافية ) 0 26-06-2010 12:23 PM
وقفة مع رثاء زوجة البارودي نوره عبدالرحمن "سما" قاعة الأدب والكتب ( القاعة الثقافية ) 0 23-06-2010 01:52 PM
أحمد شوقي ...في رثاء عمر المختار نوره عبدالرحمن "سما" قاعة الأدب والكتب ( القاعة الثقافية ) 2 08-06-2010 12:02 PM
جرير **من روائع شعره **( مما راق لي ) نوره عبدالرحمن "سما" قاعة الأدب والكتب ( القاعة الثقافية ) 2 06-06-2010 09:54 PM


الساعة الآن 10:24 PM


طلب تنشيط العضوية - هل نسيت كلمة المرور؟
الآراء والمشاركات المدونة بالشبكة تمثل وجهة نظر صاحبها
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292