[فارس العنزي]

وصف الدراما بـ "المتخبّـطة" وتفاجأ من الشباب السعودي
نايف البشايرة: 99% من الممثلين والإعلاميين مصابون بأمراض نفسية

الكويت - عبدالرحمن العصيمي تملكتني الحيرة كثيراً وأنا أحاول كتابة مقدمة هذا اللقاء، فالضيف له أكثر من موهبة وجال وصال في عدة مجالات، فمن التمثيل إلى كتابة الشعر إلى الفن إلى عالم البرامج التلفزيونية انتهاءً بالكتابة الأدبية والصحفية .
"نايف البشايره" اسم من الصعب تجاهله بعد الجوائز الكثيرة التي حصدها خلال مسيرته الإعلامية، و(صحف) حاورته وتناولت معه عدة قضايا فنية وإعلامية، وكان رحِـبَ الصدر واسع البال صريحاً جريئاً كعادته.
·هل يرى نايف البشايرة أن الإعلام والبرامج الكويتية أصبحت تنافس بقية البرامج في القنوات العربية المختلفة؟
·حالياً لا يوجد شيء اسمه تنافس من ناحية الترتيب أو هذا الأول أو الثاني أو الثالث، بل هناك تنافس في أفضلية الجودة، وأغلب القنوات حالياً تقدم برامج حوارية وبرامج مسابقات وغيرها، لكن ما مدى جودة هذه البرامج من ناحية الإعداد والتقديم والتقنية العالية في إظهار البرامج؟ هذا هو السؤال الجوهري من وجهة نظري، ونحن في تلفزيون الراي وكذلك القنوات الكويتية الأخرى ننافس وبقوة بقية القنوات العربية ونقدم برامج مهمة، وأكبر دليل على كلامي هو أن هناك قنوات فضائية تأتي وتسجل أو تبث بعض برامجها من استوديوهات قناة الراي وتستفيد من التقنية العالية والكوادر الفنية الموجودة في القناة، وهذه القنوات تأتي للقناة لأن لدينا جودة عالية في جوانب كثيرة .
وهذه الجودة لا تأتي من فراغ، بل من دعم مادي قوي يتم ضخه وصرفه على القناة، وكلما زادت السيولة والدعم المادي زادت الجودة الموجودة في أية قناة، وحالياً أصبحنا نرى مسلسلات يتم تصويرها بكاميرات سينمائية بحثاً عن استقطاب المشاهد وبحثاً عن الجودة العالية وهذا شيء مكلف جداً.
من خلال وجودك القريب في الدراما الكوميدية واحتكاكك بها، كيف تقيم واقع الدراما الكويتية حالياً ؟
·أنا منذ عام 1995 وأنا أعمل في الوسط الفني، وقمت بالتمثيل والكتابة والإعداد، ومن خلال تجربتي أستطيع القول بأن الدراما الكويتية تعاني من "التخبط" ، قد يغضب البعض من كلامي هذا لكن ما أقوله هو الواقع، ولو قسنا المسألة قبل حوالي 5 سنوات تقريباً لرأينا نصوص فنية قوية وأداء رائع للممثلين ورؤية إخراجية وفلسفة في الطرح وعناصر متكاملة في العمل الفني، أما الآن فالمنتج "مشي حالك" ويريد أن يربح مادياً بأي طريقة، وبكل أمانة هناك بعض الأعمال الفنية التي تم عرضها مؤخراً جميلة وراقية، لكن الطابع العام للمسلسلات يعاني من حالة تخبط وأصبح الممثل يفتقر لأهم الأدوات الفنية، فتجد فناناً ببعض الأعمال متميزاً جداً وفي أعمال أخرى سيء!!
·لكن بعض الممثلين يبرر هذا التغيير في الأداء بالمخرج، وأنه السبب في تحويل وتغيير الأداء ومدى أفضليته، هل تجد هذا مبرراً منطقياً؟
·هل يرضى الفنان أن يجعل أي إنسان مهما كان يتحكم بمشاعره وأدائه وعواطفه؟!! يا عزيزي المسألة تتعلق بالمادة لا أقل ولا أكثر، والفنان أصبح مرتبطاً بعدد من المسلسلات كي يحصل على أكبر عدد من المال ويأخذ الموضوع كمقاولة!! ولا بد أن يكون للممثل موقف ويحاول أن يصحح للمخرج أخطاءه إن كان هناك أخطاء .
الفنانون الكبار مثل غانم الصالح وإبراهيم الصلال وغيرهم كانوا يناقشون المخرج والكاتب ويتوصلون لرؤية يتفقون عليها جميعاً بحيث تخدم كل الأطراف ولم يكونوا يتحججون بالمخرج أو غيره، ورأيت هذا الشيء بأم عيني عندما عملت مع هؤلاء الفنانين الكبار. من جهة أخرى أقول لك وبصراحة إن 99% من الممثلين والمذيعين مرضى نفسياً، و"يكسرون خاطري" وبحاجة إلى العلاج، والسبب هو الصراع الأبدي الذي يعيشونه بينهم وبين أنفسهم!! وأقول هذا الكلام من تجربتي الطويلة الممتدة لأكثر من 20 سنة في المجال الفني. وأنا أتكلم عن حقائق ولا يهمني إن غضبوا من حديثي هذا، وبعد ما اكتشفت هذه الأمراض النفسية أصبحت علاقتي بالوسط الفني علاقة عمل فقط، لأني خفت على نفسي من الإصابة بهذه الأمراض..
·كلامك هذا يجرني إلى محور آخر، وهو غياب الفنانين الكبار عن المسرح، برأيك لماذا هذا الغياب عن المشهد المسرحي الكويتي؟
·لا نستطيع أن ننكر أن المادة الآن أصبحت تلعب دوراً كبيراً، والمنتج في كل الأحوال يبحث عن الربح المادي، فالمنتج لا يستطيع أن يجمع عددا من النجوم في مسرحية واحدة لأن هذا سيرهق ميزانيته وبنفس الوقت لن يعود عليه بالربح المتوقع، ورأينا بعض الفنانين يستقل لوحده مسرحياً، وكذلك الفنانون الكبار ظروفهم الصحية أصبحت لا تساعدهم كثيراً، فأصبحنا نرى نجماً في المسرح ويعتمد على مساعدين له في المسرحية والمسرح التجاري في النهاية يبحث عن الربح، والذي يقول غير هذا الكلام "منافق"!!
·إذن برأيك ما الحل ؟
·أرى أن الحل هو بالحركة الشبابية الموجودة حالياً بالمسرح الكويتي، ورأينا مؤخراً في مهرجان مسرح الشباب اجتهاد وروح وحضور قوي للشباب، وحتى الجمهور أصبح يتذوق للمسرح النوعي والأكاديمي، والوضع تغير عن السابق بالنسبة لذائقة الجمهور .
وأنا شخصياً أحترم جداً جهود الفنانين طارق العلي وعبدالعزيز المسلم، لأنهما يقدمان مسرحاً هادفاً ويتناولان قضايا اجتماعية تهم الجمهور وعروضهما المسرحية مستمرة طوال العام.
·كيف تصف علاقتك الإعلامية بزميلك نواف القطان، خصوصاً أنك شاركت معه في برامج كثيرة للمسابقات ؟
·أنا وأخي نواف القطان أسسنا لنوع جديد كلياً للبرامج والمسابقات التلفزيونية، والأسلوب الذي اتبعناه أنا ونواف حديث للغاية، وكان المعتاد أن تدخل البرامج لبيوت الناس ونحن عكسنا هذا الشيء في برامجنا بحيث جعلنا المشاهد هو الذي يدخل لبرامجنا ويشاهد كل أركان وأجزاء الاستوديو، وبعض المشاهدين كان يعرف من الذي يقف خلف الكاميرا والكواليس، فخلقنا روح التعايش والجمهور أحب نواف من خلال نايف وأحبوا نايف من خلال نواف وأصبحت هناك "خلطة سرية" بيني وبين نواف القطان، وحصدنا على عدد من الجوائز، جائزة من مهرجان الإعلام بالقاهرة وكذلك جائزة من البحرين وجوائز أخرى من عدة جهات .

·ما مدى رضا نايف البشايرة عن برنامج "رايكم شباب" بعد مرور سنوات على وجوده، خصوصاً أنك أنت المعد لهذا البرنامج و"الجندي المجهول" في كواليسه؟
·البرنامج يمتد عمره لـ 6 سنوات ولله الحمد، وظهرت برامج شبابية أخرى وحاولت أن تقلّد "رايكم شباب" بشكل مضحك، وأعتقد أن سر نجاح البرنامج هو "التخصص"، وللأسف في الوطن العربي لا يوجد برنامج متخصص بالشباب وهمومهم ومشاكلهم وهواياتهم، والبرنامج أصبح مساحة خاصة للشباب ولإبداعاتهم المتنوعة وفتحنا الأبواب لهم في البرنامج .
وقد أشادت وزارة الخارجية الأمريكية بالبرنامج وذكرت أنه "أفضل برنامج شبابي عربي" في منطقة الشرق الأوسط، وأنه البرنامج العربي الوحيد الذي استطاع أن يكون حلقة وصل بين الشباب العرب والشباب الآخرين في مختلف دول العالم. وأنا أستغل هذه الفرصة كي أشكر قناة الراي التي أعطت الفرصة لهذا البرنامج في الاستمرار والذي استطاع أن يخرج نخبة من المذيعين الذين انطلقوا من البرنامج إلى دول عربية أخرى وحققوا النجاح. وبرنامجنا سبّـاق في عدة أشياء، فنحن أول من أدخل "الفيسبوك" للتفاعل أثناء البرنامج مع المشاهدين، وتفاجأت بعد شهر بأنك قنوات كثيرة بدأت تقلدنا ولكن بطريقة خاطئة.
·ما صحة أن هناك مشاكل بين مذيعي برنامج "رايكم شباب" وأن سبب رحيل وتغيير بعض مذيعي البرنامج هو هذه المشاكل؟
·في كل مكان يوجد هناك مشاكل، سواء خلف الكواليس أو أحياناً على الهواء مباشرة، والمذيع الذي يخرج من برنامج "رايكم شباب" لا يعود للبرنامج مرةً أخرى، لأن المذيع إما أن يكون تقدم به العمر فأصبح لا يناسب البرنامج بحكم أنه برنامج شبابي، أو أنه يتوجه لقنوات أخرى للحصول على فرصة أفضل .
وبالنسبة للعلاقة بين مذيعي البرنامج فهي جيدة وممتازة، وطبيعي جداً أن يحصل أحياناً اختلاف في وجهات النظر، لكنه بالطبع لا يفسد للود قضية.
·حدثنا عن كتابك الذي أصدرته مؤخراً في معرض الكويت للكتاب؟
·الكتاب عبارة عن مجموعة من الخواطر والمقالات العاطفية نسجتها من واقع الحياة، وهي خلاصة عشرة سنوات من الكتابة، وأنا أعترف بأنها خطوة متأخرة جداً، وكنت متردد جداً في طرح الكتاب وحتى بعد صدوره ونسبة الإقبال الجيدة على الكتاب لا أزال خائفا ومترددا .
والكتاب أتى بلغة فصيحة وبسيطة "السهلة الممتنعة" ويحمل بعض الفلسفات الخاصة بي، وفيه صورة جمالية وتصميم مختلف.
·ما هي مشاريع نايف البشايره المستقبلية ؟
·حالياً أعمل على إنشاء مجلة جديدة سأكون أنا المالك لها، وستكون ذات توجه جديد ومتميز .
وكذلك أحضـّـر حالياً لنشاط اجتماعي تطوعي يدعم المواهب والطاقات الشبابية بحيث نشجع الشباب على الإبداع وليس التواكل. وعلى مستوى البرامج هناك برنامج خاص سأكون أنا المعد والمقدم له وسيتناول جانب تطوير الذات والتنمية البشرية، وسيكون من إنتاجي الخاص. وهناك برنامج مسابقات جديد بيني وبين المذيع نواف القطـّـان.
·كلمة أخيرة توجهها للقارئ السعودي؟
·في شهر رمضان كان لي تجربة جميلة جداً مع قناة "فور يو شباب" وكنت متواجد في السعودية وتحديداً بمدينة جدة قرابة 40 يوماً، وتفاجأت للأمانة بالشاب السعودي وشاهدت نماذج مضيئة ورائعة للشاب السعودي، مخترعين ومتطوعين ومبدعين وفنانين ومؤلفين وإعلاميين من مختلف الأعمار، وللأسف كنت في السابق أمتلك نظرة سلبية اتجاه الشاب السعودي ويبدو أن الخلل في الإعلام العربي والسعودي الذي نقل لنا صورة سلبية عن الشاب في المملكة، ويفترض أن يكون للإعلام السعودي دور أكبر في إظهار الصورة الإيجابية للشاب السعودي .
المصدر
http://www.suhuf.com.sa/2010/20101102/cu21264.htm