الموت من أجل (المبادئ الموت من أجل (المبادئ)!
التاريخ يشهد أن المبادئ تبقى بتضحية أصحابها، ومن أجل المبادئ زهقت نفوس وسالت دماء وخرجت أرواح من أجسادها، ولا يشك عاقل ان الموت من أجل المبادئ شرف كبير وأمر عزيز لا يقدر عليه أكثر الناس، لكنهم القلة في البشر الذين سمت نفوسهم وعلت هممهم فارخصوا ارواحهم في سبيل المبادئ وبقائها.
السنة النبوية تذكر قصة (غلام) صغير، عاش في قرية لا تعرف الله، قرية يتحكم فيها شياطين الجن والإنس، حاول صرفهم عن الشرك إلى التوحيد لكنه لم يستطع، حتى علم انه لابد من التضحية بنفسه من أجل هذا المبدأ العظيم، صحيح أنه (غلام) لكنه أكبر وأعظم من أكثر الرجال، وفعلا دل هذا (الغلام) (الملك) على كيفية قتله، وأراد أن يراه البشر جميعا، وحصل للغلام ما أراد، وقتل أمام الناس، وسالت دماؤه وخرجت روحه وخسر هذه الدنيا... ولكن..... انتصر المبدأ الذي أراد تحقيقه وحصل له ما أراد، وانقلب السحر على الساحر، وضجت المدينة قائلة (آمنا برب الغلام)!! انه انتصار المبادئ وإن سالت الدماء وخرجت الارواح في سبيلها.
بل مات كل من ردد «لا اله الا الله» في تلك المدينة، واحرق الناس افواجا وافرادا حتى الاطفال لم يسلموا من القتل والحرق، ولم تكن لهم جريمة «الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد»، وترددت امرأة تحمل رضيعا خوفا عليه ورحمة به، فانطق الله الرضيع فقال «يا اماه اثبتي فانك على الحق»!! الله اكبر يوم ينطق الرضيع بكلمات لا يفهمها اكثر الرجال في هذا الزمن!! فرمت الام بنفسها ورضيعها في النار، لكنها لم تكن نارا كما نراها بل «جنات تجري من تحتها الانهار» ومن اجل المبادئ ترخص النفوس وتهون الارواح.
وهذه «ماشطة» ابنة فرعون وابناؤها، قتلوا جميعا واحرقوا بزيت يغلي، وما كان ذلك الا من اجل المبادئ، فوجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم رائحتهم الطيبة في السموات العلى اثناء معراجه، فيالها من ميتة عظيمة، من اجل مبادئ كبيرة لا يفهمها كل من اصابهم الوهن!.
«جعفر بن ابي طالب» احد الذين ماتوا من اجل المبادئ، قطعت يمينه في معركة مؤتة وهو يحمل راية الجهاد في سبيل الله، فمسك الراية بشماله فقطعت، فاحتضن الراية بعضديه وتكسرت الرماح عليه وتساقطت النبال، فاشتاق للجنة وشعر بها وخرجت روحه الى بارئها فأبدله الله بجناحين يطير بهما في الجنة!!
وهكذا قتل اسد الله حمزة، وانس بن النضر وهو يقول لسعد (اني اجد رائحة الجنة من دون احد) فاستقبل الرماح والسهام بصدره حتى صعدت روحه الى السماء راضية مرضية، اما (البراء بن مالك) فهو البطل الشجاع الذي لم يسمع بموقعة الا وطار اليها، ليس في جسده موضع الا اصيب اما بطعنة أو رمية، وفي معركة (تستر) يواجه بنفسه العشرات من الاعداء، جراحه تنزف لكنه يزأر كالأسد، يضرب هذا ويدفع هذا ويقتل ذاك، لكنه القدر الذي انتظره منذ سنوات طويلة، فيسقط البطل على الارض مبتسما!! قطعت الجراح جسده سالت دماؤه على الارض، ليلحق بقوافل الشهداء، ولسان حاله يقول (رب.. هذه نفسي ابيعها لك.. فهلا قبلتها)!!.. هكذا الابطال يموتون، لكنها المبادئ تبقى ولا تزول!
(عبدالله بن حرام) طعن برمح من وراء ظهره فخرج الرمح من صدره، فأخذ الدم ومسح به وجهه وقال (الله أكبر.. فزت ورب الكعبة)، إن الذين يعيشون لأجل شهواتهم ولا يفكرون إلا بدنياهم قد لا يفهمون هذه الكلمات، وقد يستنكرون هذه العبارات والقصص، لأنهم ربما لم يتدبروا قول الله ?أصحاب الجنة هم الفائزون? ولم يصدقوا قول الله ?فرحين? أو لم يعقلوا معنى قوله ?يستبشرون? ولهذا فهم لا يفقهون!!
أحدهم يقول قبل المعركة (اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى)!! وآخر يقول (اللهم اني أسألك أن القى العدو غدا فيبقروا بطني ويجدعوا أنفي ويقطعوا اذني ويفقؤوا عيني، فإذا لقيتك يوم القيامة قلت: يا عبدالله لم صُنع بك هذا؟ فأقول: فيك يارب!!)...
يقول سعد بن ابي وقاص في معركة (أُحد) فرأيته صُنع به ما تمنى!!
إنها المبادئ... التي قتل من أجلها الانبياء والشهداء والصديقون والصالحون، المبادئ الغالية التي ترخص من أجلها الأنفس والدماء، قال تعالى ?إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون، وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم?. * الشيخ نبيل العوضي
|