إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-01-2011, 04:38 PM   #1 (permalink)
خبيرة في التنمية البشرية
 
 العــضوية: 5529
تاريخ التسجيل: 17/09/2009
المشاركات: 3,872
الـجــنــس: أنثى

افتراضي ما بعد ثورة تونس ..للدكتور صلاح الراشد




ما بعد ثورة تونس .. للدكتور صلاح الراشد


لو فرط الحكم في تونس، وهذا ما تشير إليه الأوضاع المكبوتة والمتراكمة عقوداً، فإن تونس ستواجه على شكل الخصوص مشكلة، والوطن العربي على وجه العموم ثلاث مشاكل رئيسية، برأيي. إن أكبر مشكلة لتونس ستضطر لمواجهتها مشكلة البديل، فهي مشكلة كل الأنظمة التي تُبنى حول شخص، والتي تعاني دائماً بعد زوال هذا الشخص أو الحزب. إن البدائل حالياً ليست جيدة؛ لأنها غير مهيئة، وفي الغالب لن تكون بأفضل من السابق، وسينتهي بها المطاف كسابقتها، لكن للأسف بعد التضحيات الكبيرة التي سوف يقدمها الشعب لنيل حريته وحقوقه في حياة كريمة



أما الوطن العربي فسوف تنهال عليه المظاهرات الشعبية الهادفة لإسقاط أنظمة الحكم. وهناك أربعة دول كبيرة مهيئة فوراً لذلك. فسنة الحياة أن الأنظمة الأمنية تسقط سقوطاً بشعاً، والعرب ليسوا كالغرب، كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، أن من جمال سمات الغرب (الروم) رحمتهم بملوكهم، أما العرب فعند سقوط ملوكهم (رؤساؤهم) تنهال عليهم المذلة والقسوة، وكأن الشعوب تقول نحن ظلمة لذلك أنتم ظلمة. لو أن الشعوب لما تزيح حكامها ترأف بهم، فإن الرسالة هي: ليس هناك موضوع شخصي بيننا وبينكم، الموضوع كرامة الإنسان وأنت إنسان، لكنك لا تصلح للحكم، هذا كل ما في الأمر. لكن الشعوب التي تذل حكامها وشرطتها وجيوشها وعلماءها ومفكريها ومخترعيها .. شعوب تقول أن لا كرامة لنا، وبما أنكم منا، فلا كرامة لكم! أعود للمشاكل المتوقعة ثم التنبيهات لأحبائنا السلاميين في مثل هذه الأوضاع المتوقعة. المشكلة الأولى هي انفراط الشعوب للتغيير، ورغم أن ذلك حق للشعوب لتقرير مصيرها، إلا أن ذلك سيتسبب في فوضى عارمة، وضياع للأمن. وفي الحقيقة أن الأمن، للشعوب، أهم من الحرية. أنا شخصياً يمكنني أن أعيش في سوريا، وهي بلد عديمة الحرية، من أن أعيش في العراق، وهي بلد تتمتع بحرية عالية جداً. لكن سوريا من آمن البلدان والعراق عديمة الأمن. فسوريا ستخرج علماء ومفكرين ومنتجين ومستثمرين، لكن العراق سيستمر ساحة للعابثين والإرهابيين، إلا إذا توفر الأمن. بالأمن يمكننا أن نصنع حرية، بالحرية لا نصنع بالضرورة أمناً! مع ذلك فلا حاجة للتنبيه الآن، فالعقد سينفرط بعد إسقاط الشعب للحكم في تونس، والذي يتوقع أن يكون قريباً، لذا فأول مشكلة ستواجه الشعوب هو ضياع الأمن لفترة، وذلك تترتب عليه أمور، منها: الهجرة الجماعية، خسائر التجارة والاقتصاد، استياء الوضع المادي، ارتفاع أكثر للبطالة، فوضى أمنية.. وفي النهاية تدخل أجنبي وساحة قتال جديدة للإهابيين. إن الصورة قاتمة ذلك أن الشعوب لا تملك هذا الوعي بعد. لو أن الشعب "لا يحمل ولا يتحامل"، والقصد لا يحمل سلاحاً (كما هو الحال في تونس حتى الآن، فمتى حمل السلاح خسر الساحة ولوث الأرض، وهو السبب الذي جعل الرئيس التونسي يسحب الجيش من العاصمة، لأنه يعلم، من خلال التجارب، أن الجيش قد ينقلب عليه في أي وقت، وهذا سيحصل، لكن الانقلابات العسكرية، من تجربتنا سيئة وتأتي بأمثلة سيئة، يستثنى انقلاب المشير محمد سوار الذهب في السودان). إن حمل السلاح يعني استباحة حرمات الأرض، وهذا سيجلب لك ربع الأفغان العرب، وثلث المتطرفين، وجملة من المرتزقة، وتجار السلاح، والنهاية كما العادة وكما أسلفنا، تدخل أجنبي جديد، وعقود من المعاناة والمقاومة والحروب. وأما "لا يتحامل" فالقصد لا تحامل على الحكام. يجب تحمل المسؤولية لاستتباب السلام والتنمية والعيش حياة كريمة. إن هذا لا يتم بسحق الأنظمة والحكام والأحزاب، هذا لا يتم إلا بطريق واحد فقط لا غير، وهو: "أذهبوا فأنتم الطلقاء". سوى ذلك فإن الشعب يقول البقاء للأقوى وسيأتي الأقوى في هذه الحالة. يجب أن تقول الشعوب بصوت واحد نحن لا يهمنا فلاناً ولا علاناً، نحن للتنمية، للعلم، للصحة، للحياة الكريمة، للحرية، للأمن.. للمساهمة في بناء الحضارة القادمة



أما المشكلة الثانية التي ستواجه العرب بعد إسقاط النظام في تونس من خلال الشارع: ارتفاع وتيرة الفكر الأوحد سواء ذلك العلماني أو الديني. دائماً في الساحات الفوضوية تخرج تلك الأصوات التي تتحدث عن السماء وعن البشرية جمعاء، وهي أصوات نشاز، غير أن الناس ليست لديها في ظل هذه الظروف مساحة كبيرة من الخيارات. إن من عمق وأساس أهداف التنمية، كما عرفها العالم الباكستاني الكبير واضع أسس تعريف التنمية البشرية، محبوب الحق، هي: توسيع خيارات البشر. وعمق هدف التيارات الدينية والسياسية: توحيد (تقليل) خيارات البشر. ما من نبي من الأنبياء ولا مفكر من المفكرين الكبار إلا وكان هدفه توسيع خيارات البشر من ظلمة وحجر وضيق الأحزاب والأنظمة والتيارات والكهنة. وقد قالها الذي فهم الرسالة وقتها: لنخرج الناس من ضيق الأديان إلى سعة الإسلام. فالإسلام سعة، والأصل في الأديان أنها تحرر الإنسان، لكنها في الطريق تصبح كما وصفها ماركس مخدراً وأفيون. ما الحكمة من ثلاثة ملايين مسلم مجتمع في بنغلاديش ليس فيهم واحد يصنع راديو؟ كلهم يعتقد أنه بذلك يرضي ربه وينقذ دينه!! ما الحكمة من تنظيم سماه د. ريتشارد ميتشل "أكبر تنظيم عالمي بعد الماسونية" ليس فيه مخترع واحد؟ ماالحكمة من تنظيم يدعي حماية العقيدة وأتباعه بالملايين لم يصنع الثوب الذي يلبسه كل أتباعه ولا سراويله؟! هل هذه ثمرات العقيدة والدعوة والتصوف الذي يدعون إليه؟! هل بعدما تكون لدينا عقيدة مثل عقيدتهم، ودعوة مثل دعوتهم، وتصوف مثل تصوفهم سيؤول بنا الحال إلى ما هم عليه من شتم وسب ولعن وتكفير وتفسيق وكثرة جدل وقلة عمل وضياع أمن وتعاسة في النفوس؟! هل هذه عقيدة وسلوك وتصوف ودعوة صحيحة؟! هل هذه الثمرات؟ ثم تلك الدعوات العلمانية التي شردت الأمة شذر مذر، فلا تحررت فلسطين، ولا توحد الشعب، ولا رجعت كرامتها، بل عمروا البارات والكازينوهات والفنادق في كل أنحاء المعمورة بأموال التبرعات التي دفعتها الشعوب للقضية وللجهد الحربي



أما المشلكة الثالثة: فرار أكثر للعقول المستنيرة. ليس في الساحة العربية نسبة كبيرة من العقول المستنيرة حالياً. قد يكون بين العشرة آلاف إلى المائة ألف واحد فقط! وهذا يعني في مصر الكبيرة ألوف قليلة، وبين الألف مستنير ربما واحد قائد مستنير، والناس كأبل مائة لا تكاد تجد فيهم راحلة! هذا يعني عشرات في مصر، وعشرات في تونس والجزائر والمغرب، وعشرات في الخليج، وعشرات في الشام. لو هاجر هؤلاء العشرات أو المئات ضاع العرب في ظلمة التيارات الدينية والسياسية والقبلية والطائفية والعائلية. ضروري جداً جداً جداً حفظ هذه الطاقات القائدة المستنيرة وجمعها. إن ضياع هذه الطاقات هو ضياع الأمة. ورغم أن هذا مستحيل، أقصد ضياع هذه الطاقات، لأنها بمجموعها هي أقوى من كل الأمة، إلا أن توفير البيئة لها وللعقول المستنيرة بشكل عام هو الضمان وصمام الأمان. هو عمق هدف التنمية البشرية: توفير الخيارات لجميع الناس، هنا فقط يبرز الأصح. والحقيقة دائماً تنتصر في النهاية. من يخاف من الحوار وفتح المجال للجميع هو على باطل يقيناً. والقوي والصائب ومن يحمل الحقيقة هو من لا يخاف فتح المجال للجميع للتحاور والعمل في المجتمع الواحد. (للملاحظة: هذا لا يعني أن تفتحه في بيتك وصفحتك وغرفة نومك، هذا يعني أن كل إنسان له الحق في أن يفتح صفحة ويتحاور في غرفة نومه أو يعمل في المجتمع.. الخ). إن هناك دول شبه خالية من العقول المستنيرة لذا فالأمل فيها قليل جداً. هناك دول فيها عقول مستنيرة كثيرة لذا لا خوف عليها ألبته. مثال: السعودية فيها في كل مدينة عقول مستنيرة لذا الخوف عليها مبالغة، بينما بلد مثل جيبوتي يحق لك أن تخاف عليه!





ماذا يفعل أصدقاؤنا السلاميون في مثل هذا الوضع؟



أولاً: يجب العلم بأن العالم العربي سيمر في مراحل. في المرحلة الحالية: جلسات السلام، التعلم، الاجتماع على الخير، توسيع ساحة المستنيرين، المعرفة ثم الانجاز، التخصص والتميز في شيء تقوم من خلاله في المساهمة في بناء حضارتك الحالية، رفع مستوى الذبذبات لك ولمن حولك، رفع مستوى الوعي



ثانياً: في المرحلة التي تبدأ فيها الفوضى. اعتزل الفتنة إذا كان فيها سلاح. يمكنك أن تساهم في المسيرات السلمية والتغيير الايجابي، مثل تلك التي في تونس حالياً، ما لم يُحمل السلاح. تجنب الدم. لا يزال المرء في بحبوحة من أمره ما اجتنب الدم. اجتهد لكن تجنب السلاح والدم. السلاح والقتال فقط في الجهاد. الجهاد فقط في الدفاع عن الوطن أو الآخرين مع وجود قوة وقائد مبايع شعبياً. لو خرج مهدي وصار فوراً يقاتل فهو باطل، ولا يجب القتال معه. لو تمت بيعة المهدي وجمع من حوله الناس وعمم المبادىء والسلام وقتها يمكنك أن تقاتل معه، فهو شرعي وإنساني (السبب في قول ذلك أن زعامة المهدي كثيرة وقد خرج ستة إلى الآن زعم أنه المهدي ومات بسببه الناس. لا تلتفت للمزاعم. لا تنتظر المهدي). في هذه المرحلة لو بدأت، فاستمر في جلسات السلام، ورفع الذبذبات، واعتزال الفتنة. أي سلاح في الوطن هو فتنة



ثالثاً: في المرحلة التي تهدأ فيها الفوضى. تقدم. بادر في جمع المستنيرين. نحن نعمل في الظروف الآمنة فقط. نحن لا نزاحم الناس ولا نقاتلها. في الأمن تحرك. انشر حباً، انثر سلماً، اصنع فلكاً، وجه الناس: للصحة، للعلم، للانتاج، للمحبة، للسلام، للتنمية، للتطور، للتكنولوجيا، للحياة الكريمة، للنجاح، للسعادة.. كل حركة هنا بركة

للمتابعة ؛صفحة الفيس بوك للدكتور صلاح الراشد :


http://www.facebook.com/?ref=home#!/...s/493158645628

الصفحة الرئيسية
http://www.facebook.com/?ref=home#!/ssalrashed

 

 

__________________

 


لم يكتشف الطغاة بعد سلاسل تكبل العقول... اللورد توماس

نوره عبدالرحمن "سما" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ما, بعد, ثورة, تونس


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مشروع سلام 1 ( للدكتور صلاح الراشد ) نوره عبدالرحمن "سما" القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 0 03-01-2011 08:31 PM
كابتشينو شو للدكتور صلاح الراشد‎ نوره عبدالرحمن "سما" القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 0 21-12-2010 12:53 AM
[نقد] فلم القادمون The Arrivals (بقلم د. صلاح الراشد) نوره عبدالرحمن "سما" القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 3 28-02-2010 09:24 PM
من أقوال الدكتور صلاح الراشد نوره عبدالرحمن "سما" القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 0 03-02-2010 02:22 PM
أحاديث ضعيفة في بحث (قانون الجذب) للدكتور صلاح الراشد hasan_hamad القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 7 19-01-2010 03:15 PM


الساعة الآن 12:16 AM


طلب تنشيط العضوية - هل نسيت كلمة المرور؟
الآراء والمشاركات المدونة بالشبكة تمثل وجهة نظر صاحبها
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292