علي رصيف الذاكرة.. كيف تكسب نفسك؟
كانت زوجة دايل كارنجي تشتكي من أن زوجها لا يطبق التعاليم التي ينادي بها. يطالب بكبت الغضب وهو لا يقوى على التحكم في نوبات غضبه. يطالب بالتخلص من القلق وهو أشد الناس قلقا.
وكانت تذكره بذلك وتقول له من الأفضل أن يعيد لها النقود التي دفعتها لحضور صفوفه التعليمية. فكان يشعر بالخجل أحيانا ويردد: إنني بشر ولست أفضل من حكيم الصين كوفنشيوس الذي اعترف أنه لا يلتزم بكل التعاليم التي نادى بها. والغريب أن هذا المؤلف صاحب كتاب «دع القلق وابدأ الحياة وكيف تكسب الأصدقاء» مات منتحرا. صدمني هذا الخبر وأردت أن أعرف السبب الذي يدفع رجلا ناجحا استطاع أن يعيد الأمل والبسمة إلى حياة كثير من الناس للانتحار.
قالوا لأن ابنه مات ولم يطق الحياة من بعده. يا سبحان الله له فصل كامل يتحدث فيه عن الطريقة المثلى للعيش بعد فقدان قريب. لقد كانت الشركات في أميركا تتسابق للحصول على مقاعد لموظفيها ليحضروا دورات تعلمهم كيف يتعاملون مع العملاء ومستجدات العمل وما إلى ذلك. وكانت زوجته متفانية في خدمته حتى كتابها الوحيد لم تضع عليه اسمها بل كتبت مدام كارنيجي. وأسمته «كيف تساعدين زوجك». ترى هل عجزت هي عن مساعدته. لقد فقد ابن خلدون بناته الخمس وزوجته غرقا في يوم واحد. وفقد تولستوي ابنه وزوجته في شهور. وفقد مارك توين زوجته وابنته الوحيدة تباعا.
ولم يتوقف أيا منهم عن الكتابة. لقد كان إيمانهم بالله كبيرا. وصبروا على مصيبتهم لعلمهم أن هذه هي الحياة ولا مجال للخلود لأحد. أصبح كارنجي مليونيرا من بيعه كلام أثبت أنه لم يؤمن به قط. ومع ذلك وبعيدا عن خيبة الأمل في الكاتب تبقى كتبه قيمة وتستحق القراءة مرات ومرات. ولا بد أن تخرج منها بشيء مفيد في كل مرة.
|