15-07-2011, 01:13 AM
|
#29 (permalink)
|
إدارة الشبكة
العــضوية: 5 تاريخ التسجيل: 30/07/2008
المشاركات: 11,512
| مسلسل «وجع الانتصار» يراهن على الأحداث الشيقة والأداء المقنع تعرضه أبوظبي في سلتها الرمضانية المقبلة مسلسل «وجع الانتصار» يراهن على الأحداث الشيقة والأداء المقنع
أثناء التصوير
بين الأعمال الخليجية المميزة التي ستعرضها قناة أبوظبي خلال الموسم الرمضاني المقبل، يحتل مسلسل «وجع الانتصار» مكانة متقدمة، حيث بالإمكان الاستدلال جزئياً إلى فحوى العمل من عنوانه، فالانتصار عادة يكون مبرراً للفرح والاحتفاء، أما أن يكون محملاً بمسوغات الوجع، فذلك يخفي تناقضاً ما، هذا التناقض هو في جوهر اللعبة الدرامية التي يستمد منها المسلسل الخليجي مقومات تباينه وتعارضه مع المألوف.
ما دام الوجع سمته فهو إذن انتصار لم يسع إليه أصحابه، ولا يجدون فيه ما يبرر الاحتفاء، إنه انتصار قسري متأت من صراع غير مطلوب، لكنه يفرض نفسه أحياناً بفعل ثغرات تعتري الذات البشرية، وتعبر عن نفسها بصورة استقواء على من تكون الهيمنة عليه متاحة.. وفي هذا السياق يقول مخرج المسلسل عامر الحمود إن الإنسان يشعر بنشوة الانتصار عندما يحققه على خصومه أو أعدائه، أما عندما ينتصر على أهله فلابد أن يكون للنصر طعم الوجع.. وهذا هو حال منصور في المسلسل. المؤكد أن الموقف يدفع للتأمل بحالات إنسانية متناقضة، القوة التي تبحث عن مسارب سلوكية تسمح لها بالتعبير عن فائض مخزونها، وأيضاً التحولات التي تقترحها الظروف والضرورات على البشر فتجعل المسالمين منهم يستنبطون وسائل عنف مضاد يجابهون عبرها خصومهم الذين لم يتمكنوا، أو على الأصح لم يرغبوا، في التمييز بين إيجابية السلوك، وبين الضعف الآدمي الذي يغوي الآخرين بالانقضاض عليه. يتناول المسلسل في تفاصيل أحداثه حكاية صراع بين منصور، ابن أحد الأثرياء، وبين أشقائه من والده الذي فضل زوجته الجديدة على أم منصور القديمة، فتقف إحدى شقيقاته معه في محنته، بينما يتنكر له الباقون ويستعدونه دون سبب واضح أو مقنع. يرضى الرجل بما قسم له، لكنه إذ يعاني فقدان والدته الجوهرة، التي تذوي سريعاً بفعل الآلام والهموم، يقرر الرحيل عن بلدة لم تمنحه سوى الفقر والمصائب.
تبدأ أحداث «وجع الانتصار» من منصور يحاور والدته محاولاً استبقاءها إلى جانبه في مواجهة مصاعب الحياة، لكن الرغبات الصادقة لا تكفي أحياناً لتحقيق الأمنيات الغالية، فتمضي الجوهرة إلى لقاء ربها، ويقرر منصور الرحيل عن أرض لم يعد هناك ما يربطه بها، يسافر نحو مجهول يتراءى له أكثر ألفة من واقع شوه الحزن تفاصيله، يبدو كما لو أنه على موعد مع خلاص ما ينتظره على أحد الدروب المنسية، يرحل مشيعاً بنظرات قلة من أصدقائه الذين تبقوا له بعد أن خاصمته الظروف، وأدارت له الأيام ظهرها.
بألوان منحازة للكآبة، وعلى وقع موسيقى تصويرية تعكس ما يعتمل في القلب من أحزان، يدخل مشاهد «وجع الانتصار» إلى مناخات تراجيدية مؤثرة، يتحول منصور بوصلة يستهدي بها المشاهد في ترحاله التفاعلي مع الأحداث، وفي بلدة أخرى يحدث ما لم يكن متوقعاً، فغالباً ما تمد الحياة أبناءها بمفاجآت تنطوي على قدر لا يستهان به من الدهشة، تبدو حينها كما لو أنها تعتذر عن تصرفاتها السابقة، وأنها تقترح مصالحة ما.
يوضح الحمود أنه بنى رؤية إخراجية مميزة لسير العمل في المسلسل، اعتماداً على خبرته الطويلة نسبياً في مجال الإخراج الدرامي، لكنه ترك أيضاً مساحة للتلقائية في أداء الممثلين، لأنه من الضروري أن تكون هناك عفوية مستقاة من واقع الحياة المعاشة، خاصة أن الحالة التي تتم مقاربتها هي حالة عامة، وليست مقتصرة على أطر فردية محددة. صدفة غير متوقعة تجمع منصور بأحد كبار التجار في البلدة التي قصدها، الإنسان الذي عاش حياته غير معترف به، وبما يمثله من قيمة أخلاقية راقية يعثر فجأة على من يعرف قدره، تتغير الظروف وتبدو واعدة بالمزيد، هي إذن مرحلة أخرى من مساحة العيش تبدو أكثر يسراً وانبساطاً، الحياة التي كانت تضن عليه بالقليل باتت اليوم تمنحه الكثير، تتحسن الظروف، ولا يقتصر الأمر على البعد المادي وحده، بل يتلقى الرجل مكافأة عاطفية أيضاً، زوجة محبة تلقي بظلها الوارف على صحراء العمر المجدبة، وتمنحه بنات يضفين الكثير من البهجة على تفاصيله اليومية الرتيبة.
قد يخطر بالبال هنا أن الحكاية استنفدت تفاصيلها، وأن الأمور سائرة نحو خواتيمها التقليدية التي تزخر بها قصص الجدات في الليالي الباردة، لكن المسلسل يفاجئ مشاهديه بانطلاقة جديدة تحمل الكثير من التفاصيل التي لا تنتمي بالضرورة إلى الجانب المشرق، ذلك أن سفينة الحياة أكثر تطلباً من أن ترسو بناسها على بر واحد. ماذا يقرر منصور؟ وإلى أين تقوده الأقدار وهل سيعرف معنى السعادة الحقيقية التي حرم منها؟ وهل سيحقق حلمه وحلم والدته؟.. وهل ستنصفه الأيام بعد أن ظلمته كثيراً؟ هذا ما ستجيب عنه أحداث وتفاصيل هذا المسلسل، وهي تفاصيل عميقة ومتشعبة تحتوي على الكثير من الأحداث الشيقة والمتنوعة ولا تخلو من المشاكل والقضايا الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع وأفراده. يبدي الحمود تفاؤله بإمكانية نجاح المسلسل اعتماداً على متانة النص الروائي، وعلى تمكن الممثلين وبراعتهم في الأداء المقنع، إضافة إلى المقدمة التي كتب كلماتها الشاعر المميز علي عسيري، وصولاً إلى سائر المعنيين بإنجاز مختلف الجوانب الفنية والتقنية، وجميعهم يميزهم الاحتراف والإخلاص للعمل. من جهة أخرى، لا يداري الحمود خشيته من أن يكون العرض في الموسم الرمضاني ظالماً بعض الشيء، إذ يمكن لتوقيت عرض العمل، وللسياسة الإعلانية التي تعتمدها المحطة، إضافة إلى عناصر متعددة، لا ترتبط بالضرورة بجوهر البنية العائدة للمسلسل، أن تتحكم بنجاحه أو بفشله.
المسلسل يتألف من ثلاثين حلقة، وهو من تأليف: د. ليلى عبدالعزيز الهلالي، إخراج: عـامـــــر الحـمــــــود، وبطولة: هيفاء حسين، علي جمعة، قحطان القحطان، ريم، علي كاكولي، لطيفة المجرن، علي محسن، ونخبة من نجوم الخليج. جريدة النهار
|
| |