~ الوعي المزيف * ^
رؤية - هاشم العلوي
من عمق الفنجان الممتلئ بحبرٍ من قهوةٍ سوداء ، اهديكم صباحاً مفعماً بالحيوية و النشاط ...
سنكون اليوم على موعدٍ مع أسطررٍ جديدة حول فصلٍ من فصول خشبة مسرح الحياة ، فهو يتضمن مأساة تراحيدية تعيشها بعض المجتمعات العربية ..
عزيزي القارئ : عندما أتفقد يومياً كل صباحٍ باكر ،، قنوات الإعلام المرئي بمختلف توجهاتها على تلك الشاشة الصغيرة ، يأخذني الفضول نحو فضائيات تنفق الملايين من أجل الحديث عن تعاليم الديانة الإسلامية ، و لكن لم أجد منها تتحدث عن حق المواطن أو حقوق المرأة الإنسانية المشروعة أو حتى حقوق الطفل وعلاقته بالوعي الثقافي و الفكري ..
حقيقة ما نجده من تصورات حول استخدام الفرد لذقنه وسيلة لإطالته أو التقصير من لباسه الشخصي أو استخدام وسيلة البكاء و أحياناً قد يصل الأمر إلى إسالة الدم في أحد أجزاء جسمه ، رسخت في عقول الكثير من مجتمعاتنا بأن ذلك هو قمة الإخلاص للديانة الإسلامية ، ربما لن أعبر عن كل ذلك بأنه نفاق ديني بقدر ما أجد أنه : وعي مزيف ، وهذا المصطلح الاخير خطأ يقع في الكثير من أبناء المجتمعات ، حيث أن التدين الظاهري يشكل بديلاً و بعيداً كل البعد عن الدين الحقيقي ..
عزيزي القارئ : إن المطالبة بمبادئ العدل و الحرية و المساواة و جابهة الإستبداد بجميع أنواعه (وهي من مبادئ الإسلام الحقيقية) مسألة تشكل صعوبة بالغة جدا وتهدد صاحبها بالمخاطر في مجتمعاتنا ، فلربما تكون منادتك بالحرية ، قد ينتج منها القطيعة من قبل الكثير من أصحاب المصالح أو من الأشخاص الذين زُرِع في رؤوسهم الخوف و التملق لأصحاب النفوذ السياسي و الديني و الإجتماعي ، حين إذاٍ تؤدي كل هذه النتائج إلى الإقصاء و التهميش ، وقد تصل الأمور إلى قطع الأرزاق ..
إنه لمن الواضح معرفة أن الوعي المزيف : مريح جداً ولا يكلف جهداً ، حيث يحصر الدين في المظاهر ، و يمنح إحساساً مخادعاً بالطمأنينة و الرضا عن النفس البشرية ، فالذين يؤمنون به يؤدون فيه العبادات الشخصية من الصلاة و الصوم و الدعاء ، ويفرضون بالقوة زوجاتهم وبناتهم و أخواتهم وممن حولهم بلبس الغطاء او النقاب ، وقد يبيحون لأنفسهم بالتهجم و الضرب في شرف و كرامة كل امرأة لا تلبس كل ما يأمرون به .
وكل ذلك بحجة اعتقاد أنهم قد أدوا الواجب الديني في اكمل صورة ، وهم لايولون اهتماماً سوى الظهور بمظهر التدين الذي بنظرهم هو الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ..
أما من صفات الوعي المزيف فإني أسردها لكم في نقاط سريعة جداً :
1- أنه لا يطالب بحقوق العدالة الإجتماعية ، و زاوية المساواة و الديموقراطية لا تشغله أبدا .
2- لا يكون له أي اتخاذ لمواقف حقيقية من أجل تطوير مجتمعه فكرياً و ثقافياً .
3- يُعتقد أنه الشخص المتكامل النموذجي في عقلية مجتمعه من خلال الإلزام بتغطية وجه المرأة
(وكأن الله قد أنزل الإسلام كله من أجل تغطية وجه المرأة ولس من أجل العدل و الحرية و المساواة بين البشر بمختلف اطيافهم)
عزيزي القارئ : إن الوعي المزيف مرض محزن منتشر في أوساط مجتمعاتنا ، ومن نتائجه أنه يعيش و يموت ولا يعترض أبداً على أي شيء في مجتمعه ، ويقتصر اعتراضه عن طريق خطابات زائفة محدودة تحكمها السلطة السياسية ، وهذه تعطي المزيد من السلبيات التي من خلالها تجعله يرضخ للخوف و التملق و الإستبداد في الوقت الذي يكون فيه كل ما بوسعه السير وراء قشور الدين ، وما هذا إلا دليل غير مباشر بالإفصاح عن العجز عن مجابهة الظلم بجميع أنواعه ، متناسيا أن التدين و الوعي الحقيقي هو الذي تقع على عاتقه المسؤولية الكبرى في إيجاد حلول مناسبة للمشاكل التي تعاني منها مجتمعتنا كالفقر و البطالة ومن ثم تطويرها لتحقيق كل مقومات المجتمع الثقافي الناضج عقلياً و فكرياً وعلمياً و أدبيا .